كانت السودان دوما جزءا لا يتجزأ من مصر .... وكانت وما زالت الوحدة بين مصر والسودان قادرة على تحقيق المعجزات.
يأتي نهر النيل في صدارة قائمة ما يجمع مصر والسودان، يليه اللغة، والأصل، والثقافة، والتاريخ ... فلطالما كانت مصر والسودان دولة واحدة، تحت قيادة واحدة، يحيا بها شعب؛ تربطه علاقات وروح وطنية قومية غير مسبوقة.
ولتلك الوحدة أثرها النافع سياسيا وعسكريا واقتصاديا على كلا البلدين، ولطالما أدرك صناع التاريخ هذا؛ بداية من الحضارة المصرية القديمة، التي تركت آثارا ومعالم لها في شمال السودان حاليا.
وأدرك هذا رابع سلاطين الدولة المملوكية، سلطان مصر والشام الظاهر بيبرس، حيث عمل على توسيع الحدود المصرية جنوبا، حتى ضم السودان إلى دائرة حكمه.
وخلفه في التفكير نفسه، مؤسس مصر الحديثة، محمد علي باشا، فعندما أراد تكوين إمبراطورية له في الشرق، اختار مصر مقرا وعاصمة، ثم دخل في العديد من الحروب جنوبا، إلى أن استطاع أخيرا ضم السودان ودارفور وكردفان إلى دائرة حكمه.
ولكن ظلت الوحدة مسموحا بها؛ لأنها كانت عائدة بالنفع والقوة على السلطة العليا آنذاك، وهي الدولة العثمانية، وهذا إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى، وإعلان مصر سلطنة ومحمية بريطانية، ثم إعلان استقلال مصر في عام 1922، لتصبح مملكة، يحمل حاكمها لقب "ملك مصر والسودان"، حيث لم ترضَ بريطانيا عن تلك الوحدة أبدا.
ومع زيادة الضغط من الشعب المصري والسوداني معا، للتخلص من الاحتلال البريطاني، والحصول على حق السيادة الذاتية الكاملة، هنا أدركت بريطانيا خطورة الوحدة بين مصر والسودان، فسعت لنشر الفتن ودعم الصراعات والخلافات، مختلقة الكثير منها من العدم، مدعية دعم السودان في الحصول على سيادتها الذاتية بعيدا عن حكم مصر، ونجحت في هذا بمساعدة من جهلوا ولو للحظة أهمية الوجود المصري السوداني في المنطقة العربية، بعد ثورة 1952.
واليوم وبعد مرور سنوات طوال من وجود كلا من "جمهورية مصر العربية، وجمهورية السودان"؛ يصعب على الشعب المصري رؤية من كانوا يوما أصحاب مصير مشترك معه، غارقين في ويلات الحرب الأهلية، والتي تمثل مرض العصر في الشرق، فلم تنشب في دولة ما، إلا وأتت بكل ما عليها أرضا.
ولأن أمن السودان من أمن مصر، ولأن السودان جزء لا يتجزأ من مصر عمليا ... جاء الوقت لتطبيق الأمر نظريا أيضا.
فهذا هو الوقت المناسب لإحياء الفكرة من جديد، "وحدة بين مصر والسودان".
لنحيا تحت شعار "مصر والسودان تحت حكم رجل واحد".
التعليقات