ليس لي إلا أن أسميه عام الشعر، وقد احتفل بي مثلما احتفيت بالقصيدة، على مدى أربعة فصول.
ففي مصر بدأ الموكب الشعري مع الدورة السادسة من مهرجان أوراسيا الأدبي (LIFFT 2023) في الفترة من 29 يناير – إلى 1 فبراير 2023، وقد سلمتُ في ختامه علم المهرجان إلى الفائز بميداليته الذهبية الدكتور والي أوكيديران ، بعد أن تسلمتها حين فزت بالدورة الخامسة في استنبول، ولذلك ستكون نيجيريا مقصد الدورة التالية لمهرجان المهرجانات، حسب التقليد المعمول وأسسته الشاعرة مارجريتا آل.
وكان لي خلال هذا المهرجان أربعة إصدارات شعرية، الأول (4 شعراء على طريق الحرير) ضم قصائدي ومختارات ترجمتها عن الإنجليزية للشعراء قسطنطين كيدروف ، وسيرجي بيريكوف ومارجريت آل، أما الكتاب الثاني فكان ترجمة قصائد الشاعرة ألكساندرا أوتشيروفا سفيرة اليونسكو، بعنوان ( آفاقي - متوالية شعرية) وصدر باللغات العربية والإنجليزية والروسية، أما ثالث الإصدارات فكان العدد الأحدث من سلسلة أنطولوجيا طريق الحرير (قصائد نانوية من أجل أفريقيا) الذي حررته وشارك فيه أكثر من 150 شاعرا وشاعرة من 50 بلدا، وكان كتابي الرابع مجموعتي (شارع في القاهرة) باللغة الروسية، بترجمة الشاعر الروسي إلدار آخادوف، وصدرت طبعته الأولى في موسكو ضمن المجموعة الذهبية لمهرجان أوراسيا، أما طبعته الثانية فجاءت في سلسلة إبداعات طريق الحرير، القاهرة.
في ختام الفاعلية القاهرية، حللت أنا ومارجريتا آل، ضيفين على شاشة قناة النيل الثقافية، حيث عرضنا لأنشطة المهرجان، وأعلنا عن تأسيس منظمة كتاب العالم (World Organization of Writers) أو (WOW ) التي وقعناها مع مبدعين من 18 دولة، في القاهرة.
وبعد اختياري منسقا وطنيا لحركة الشعر العالمية (WPM)، شاركت في أول مؤتمر افتراضي للحركة، تمهيدا للقاء الذي تم الصيف الماضي في أول مؤتمر عالمي للحركة التي تأسست في 2011، خلال المهرجان الثاني الذي شهدته هذا العام وهو مهرجان ميديين الدولي للشعر والتقيت فيه بمؤسسه منذ 35 عاما، الشاعر الأيقوني فرناندو ريندون، المنسق العام لحركة الشعر العالمية (WPM) وكرمنا معا اسم الشاعر الراحل جاك هيرشمان بمشاركة زوجته الشاعرة آجنيتا فالك.
ومن كولومبيا سافرت إلى كاراكاس، التي شاركت باستضافة المؤتمر العالمي الأول لحركة الشعر العالمية (WPM). وقد اتيحت لي فرص قراءات شعرية عبر المهرجانين في ميديين وكاراكاس بمهرجان فنزويلا الدولي للشعر، ليس فقط على مسارح الشعر، وبيوت الثقافة، والمكتبات، بل وأعدت السفارة المصرية النشطة في فنزويلا برنامجا مثمرا استطعت خلاله قراءة قصائدي على شاشة التلفزيون هناك، بترجمة إسبانية.
كما أسعدني لاحقا أن تتواصل معي الشاعرة الفنزويلية مارييلا كورديرو لترجمة قصائدي عن الإنجليزية إلى الأسبانية، وهو ما تم عبر أكثر من فضاء صحافي.
هذه الزيارة الشعرية الثنائية كان لها حظ الحضور على شاشة قناة النيل الثقافية من خلال برنامج (بيت القصيد).
وإذا كانت صحيفة الأهرام الإلكترونية قد نشرت أخبارا عن نشاطي الشعري، وكتبي وتكريمي بالفوز بميدالية كومنولث الشعوب ، فقد نشرت لي طبعتها الورقية، وللمرة الأولى، قصيدة كتبتها لأمي، في ملحق الجمعة الذي يرأس تحريره الأديب عبد الحليم غزالي.
على أن العام شهد إضافة نسخة نوعية لبعض قصائدي المنشورة لمجموعتي (شارع في القاهرة)، والجديد أنها ثلاثية اللغة صدرت في بلجراد، فمع العربية والإنجليزية ترجمت الشاعرة آنا ستيليا هذه المختارات إلى الصربية. وقد بدأتُ هذا العام التحضير لديواني الجديد (راهب رأس الجبل الأشيب) وقوامه قصيدة واحدة ترجمها شعراء العالم لأكثر من عشرين لغة!
وقد أرسلت لي الشاعرة الإيرانية البروفيسورة نسرين شكيبي ممتاز ، ربيع هذا العام، ديوانين جديدين صدرا في طهران باللغة الفارسية ترجمت فيهما إصدارين لي عن العربية هما (فوق صراط الموت) و(ذاكرة الصمت)، تحت العنوانين (بربند مرگ) و(خاطره سكوت) عن دار نشر آن سو، وكانت نسرين قد ترجمت سابقا مختارات من قصائدي أصدرتها دار أفراز في طهران، واحتفلنا معا بالديوان هناك في جناح الناشرة خلال أيام معرض طهران الدولي للكتاب قبل عشر سنوات.
وكانت أسعد المقابلات الشعرية، صيف عامنا هذا، مع صديقي كو أون، الذي ترجمت مختاراته (ألف حياة وحياة)، حيث استعدنا لك الذكريات حين أهديته روايتي المترجمة إلى الكورية (الطريق إلى شماوس)، وأهداني قصيدة خطها بنفسه، وباسمي، وأرسلت له قصيدة خاصة نشرت في أنطولوجيا احتفالا بعيد ميلاده التسعين.
ثم جاء مهرجان كاوشيونج العالمي للشعر في تايوان، ليصدر معه بالتزامن كتاباي المترجمان عن الإنجليزية؛ الأول كان ترجمة مختارات بعنوان (4 شعراء هاكّا من تايوان)، هم وو تشينج- فا، وتسينج كويي-هاي، ودوبان فانج جي، وتشيانغ فانغ تزو، والثاني كان ترجمة ديوان الشاعرة والقاصة والرسامة التايوانية مياو - يي تو (هن بنات سيرايا). وقد أوحت لي تجربة السفر بتدوينها شعريا جاءت مقطوعاتها بعنوان (نوافذ كاوشيونج)، كبطاقات مصورة لمشاهد سجلتها العدسة خلال الرحلة.
وقريبا سترى النور على شاشة التلفزيون. كما التقيت في مسقط رأسي بنها بالأديب حسام العاوي الذي قدمني في برنامجه التلفزيوني (بالقلم والريشة) لتغطية مسيرتي الأدبية.
لن ينتهي العام إلا شعرًا، كما بدأ، وبلسانين جديدين، فبعد ترجمة (شارع في القاهرة) خلال السنوات الماضية إلى الأسبانية بفضل د. نادية جمال الدين، والسندية بترجمة نصير إعجاز، والتركية بإنجاز متين فندقجي ، والألمانية بجهد لويس آكينسنده (وغلاف الفنان الصديق محمد عبلة)، والروسية لإلدار آخادوف، فاجأتني الأديبة تارانا محمد، التي التقيتها في باكو، عاصمة أذربيجان ، خلال توقيع ديواني (شارع في القاهرة) في البيت الروسي هناك، أنها استعانت بالنص الروسي للمجموعة، مع الدواوين العربية لي، والإنجليزية كذلك، لتترجمها إلى اللغة الأذرية.
أما الشاعر والناشر الباكستاني شبير سومورو، فقد استعان بنصوص نصير إعجاز السندية لديواني، ليقدم نسخة باللغة الأردية، تصدر بالاشتراك بين دار النشر في كاراتشي، ودار الناشر للنشر والتوزيع في مصر ضمن سلسلة إبداعات طريق الحرير.
والجديد بعد ذلك هو مبادرة الشاعر ديفيش بات ساريا، تايوان، لترجمة مختارات من قصائدي إلى اللغة الهندية، التي عرفت طريقها لأول مرة حين ترجمت الشاعرة راتي ساكسينا بعضا من قصائدي في مجلتها كريتيا. كما عرفت قصائدي لأول مرة الطريق إلى التايوانية في الأنطولوجيا التي نشرها مهرجان كاوشيونج العالمي للشعر.
ومثلما سعدت بهبات الصديقات والأصدقاء الذين بذلوا جهدا ووقتا كي يقدموا أشعاري بلغاتهم، ويحاورونني حول الشعر، كما فعلت الشاعرة والمحررة الإيطالية جويا لوماستي، والشاعرة اللبنانية تغريد بومرعي التي ترجمت قصائد لي إلى البرتغالية، حرصت بالمثل على أن أساهم بالتعريف بشعراء مصر والعالم، وترشيحهم للمشاركات العالمية، سواء بالكتابة عن إصداراتهم في (آسيا إن)، أو المؤتمرات التي شاركت فيها عبر الانترنت، الأكثر من أن تحصى في هذه العجالة.
وبالتقاطع مع الشعر، والألم، حرصت على تخصيص مساحة تلفزيونية لفلسطين، ردا على المأساة المستمرة في غزة، فكان لقاء تحت عنوان (الأزياء الفلسطينية من النهر إلى البحر)، استعدنا فيه بالشعر والأغنية، والصورة والفيديو إحياء الحضور الفلسطيني الخالد في وطنهم السليب.
فقد سعدت بتحرير الكتاب الثاني لشعراء من التاميلية، يختارهم د. ذاكر حسين، أو ترجمة قصائد شعراء آسيا وأفريقيا وأوروبا، وأمريكا الجنوبية، ودراساتهم إلى العربية،أوكتابة مقدمات لإصداراتهم، أو إرسال شرائط مصورة لفعالياتهم، كما فعلت في احتفال دار "كوليكسيون سود" في مكتبة خوسيه ارتي بهافانا، بعيدها الثلاثين، فضلا عن التحكيم في أكثر من مسابقة كان آخرها آسيا الأدبية، التي نظمها الأديب الكازاخي بخيت رستموف في الذكرى 800 لميلاد السلطان الظاهر بيبرس، وهي جميعا أدوار تؤكد إيماني على دور الترجمة كجسر بين الثقافات، وغاية الشعر في أن يكون بقلب هذا الجسر.
بالتزامن مع "آسيا إن"
التعليقات