تزايد في السنوات الأخيرة الاهتمام بأدب الأطفال، وتزايد كم الكتب التي تكتب لهم أو عنهم. ولعل من الكتب المهمة التي صدرت في هذا المجال كتاب "أساسيات في أدب الأطفال" للدكتور محمود شاكر سعيد، وصدر عام 1414هـ عن دار المعراج الدولية للنشر بالرياض، ووقع في 150 صفحة من القطع المتوسط. وقد رجع المؤلف إلى 27 كتابًا وموضوعًا، تحدثت عن أدب الطفل، وأناشيد الطفولة، وفن الكتابة للأطفال، والطفل والمجتمع، والإبداع وشروطه في أدب الأطفال، وتأصيل التراث الشعبي لدى الطفل العربي في الخليج، وغيرها.
يؤكد المؤلف في مقدمة هذا الكتاب على اهتمام ديننا الإسلامي الحنيف بالطفولة والأطفال، وعلى أن هناك الكثير والكثير في تراثنا الإسلامي عن الاهتمام بالطفل والطفولة، وأهمية الاعتناء بهما وتوجيههما، أما في العصر الحديث فقد بدأ العالم بأسره يوجه عناية خاصة للطفولة والأطفال، كما أن مادة أدب الأطفال أصبحت تدرس في كثير من كليات العالم وجامعاته.
غير أن البعض مازال يخلطُ بين أدب الأطفال وأدب الكبار على الرغم من أن هناك تفاوتًا في المستويين اللغوي والأسلوبي، والقضايا التي يعبر عنها كل أدب، ويدلل المؤلف على ذلك بقوله: "إن الأطفال أقل كفاءة ـ عموما ـ في مستوى القدرة الذهنية على التذوق، وكذلك مستوى الخبرات والتجارب، وعلى الكتَّاب أن يأخذوا بعين الاعتبار هذا المستوى في القدرة والخبرات وهم يوجهون أدبهم للأطفال الذي من المفروض أن يتسم بخصائص لغوية تنأى عن التعقيد والأساليب الطويلة المتداخلة، كما يجب على كاتب الأطفال أن يبتعد عن التجريد الفكري، وأن يلجأ إلى البساطة والأمور الحسية التي تناسب الأطفال.
إن على كاتب الأطفال أن يسأل نفسه عن أهمية أدب الأطفال، إنه لو عرف أهمية هذا اللون من الأدب يستطيع أن يتلافى كثيرا من الأخطاء التي يقع فيها أثناء الكتابة، لذا يورد المؤلف عدة نقاط في هذا الخصوص، يستقيها من كتاب "في أدب الأطفال" من أهمها: أن أدب الأطفال يثري لغة الأطفال من خلال ما يزودهم به من ألفاظ وكلمات جديدة، وأنه ينمي قدراتهم التعبيرية، ويعودهم الطلاقة في الحديث والكلام، ويساعد على تحسين أدائهم، ويزودهم بقدر كبير من المعلومات التاريخية والجغرافية والدينية والحقائق العلمية، كما أنه يوسع خيالهم ومداركهم، ويهذِّب وجدانهم ويعودهم على حسن الإصغاء، ويمتعهم ويسليهم ويغرس الروح العلمية، وحب الاكتشاف، وكذا الروح الوطنية في نفوسهم.
إن كاتب الأطفال لو استطاع تحديد السن التي يكتب لها لتلافى أيضا كثيرًا من الأخطاء التي يمكن أن تقع، وهنا يتدخل علم النفس لتحديد مراحل النمو الإدراكي واللغوي، وقد قسمت مراحل النمو الإدراكي إلى خمس مراحل هي: مرحلة الطفولة (3 ـ 5 سنوات) ومرحلة الطفولة (5 ـ 8 سنوات) ومرحلة الطفولة (8 ـ 12 سنة) ومرحلة المراهقة (13 ـ 19 سنة) ومرحلة المثل العليا وهي مرحلة ما بعد التاسعة عشرة.
أما مراحل النمو اللغوي التي تحدث عنها المؤلف، فقد قسمها إلى مرحلة ما قبل الكتابة (3 ـ 6 سنوات) ومرحلة الكتابة المبكرة (6 ـ 8 سنوات) ومرحلة الكتابة الوسيطة (8 ـ 10 سنوات) ومرحلة الكتابة المتقدمة (10 ـ 12 سنة) ومرحلة الكتابة الناضجة (12 ـ 15 سنة) ويمكن استخدام الأسطوانة أو الشريط والكتاب المصور للطفل (3 ـ 6 سنوات) وتعتبر مرحلة الكتابة المتقدمة (10 ـ 12 سنة) من أهم مراحل تعلم القراءة، وعليها يتوقف نجاح الطفل في المراحل التي تليها، وفيها ينشأ حب الطفل للقراءة أو كرهه لها.
• ألوان أدب الأطفال
ثم يتحدث المؤلف بعد ذلك عن ألوان أدب الأطفال الذي بدأ في العصور الأخيرة يأخذ الأشكال التالية: الكتب المصورة، وهي نوعان: صورة وبجانبها كلمة أو كلمات قليلة، وهي تناسب الأطفال الذين لا يتقنون القراءة والكتابة. أيضا من ضمن ألوان أدب الأطفال الحكاية الشعبية، والكتب ذات الهدف التعليمي، وتشمل القصة والشعر والمسرحية، أما مجلات الأطفال فهي تمثل صورة جذَّابة من ألوان أدب الأطفال، ونظرًا لأهميتها فقد اتجه الأدباء والمفكرون والمربون إلى الاهتمام بنشرها في العصر الحديث، ويرجع تاريخ إصدار أول دورية متخصصة للأطفال في العالم العربي إلى عام 1897م حيث صدرت في هذا العام مجلة "السمير الصغيرة" ثم أصدرت بعد ذلك دار الهلال بالقاهرة مجلتي "سمير" عام 1956 و"ميكي" عام 1961م ثم صدرت في لبنان بعد ذلك العديد من مجلات الأطفال مثل "سوبرمان" 1964، و"بونانزا" 1965، و"الوطواط" 1966، و"طرزان" 1967، و"لولو الصغيرة" 1971، و"طارق" 1972. وفي سوريا صدرت مجلة "أسامة" عام 1969، وفي الكويت صدرت مجلة "سعد" 1969، وفي الإمارات مجلة "ماجد" 1978، وفي السعودية مجلة "الشبل" التي لم يحدد المؤلف تاريخ إصدارها، وهي مجلة نصف شهرية صدرت عام 1403هـ (1983م) ولم يذكر المؤلف أسماء مجلات للأطفال صدرت في السعودية قبل تأليفه لهذا الكتاب، مثل مجلة "باسم" التي تصدرها الشركة السعودية للأبحاث والتسويق بجدة، ومجلة "الجيل الجديد" التي تصدرها الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالرياض، وغيرها من المجلات على مستوى الوطن العربي مثل مجلة "الطفولة" ومجلة "أطفال" ومجلة "أحمد" ومجلة "علاء الدين" التي تصدرها مؤسسة الأهرام.
ومن ألوان أدب الأطفال التي تحدث عنها المؤلف أيضا، برامج الإذاعة والتلفزيون، والأفلام الكرتونية، والأفلام الواقعية، ومسرح العرائس.
وعند حديثه عن مقاييس اختيار أدب الأطفال، حدد المؤلف شروط الكتاب الجيد المناسب للأطفال، في مراحل حياتهم المختلفة، من حيث الشكل، ومن حيث المضمون، كما تحدث عن أهم وسائل تشجيع أدب الأطفال، ومنها الأسرة أثناء مرحلة ما قبل الدراسة، ومرحلة ما بعد الدراسة، ثم المدرسة، وهي تعمل على تشجيع أدب الأطفال بواسطة عدة قنوات منها: النصوص الأدبية التي تشملها بعض المواد الدراسية، والمسابقات الأدبية والإذاعة المدرسية والصحافة الجدارية، أيضا من أهم وسائل تشجيع أدب الأطفال الصحافة والإذاعة والتلفزيون والمكتبات العامة والسينما والمسرح والمساجد.
• أهم خصائص أدب الأطفال
ومن أهم خصائص أدب الأطفال عند المؤلف: وضوح اللغة وبُعدها عن التعقيد والبعد عن التجريد الفكري، واللجوء إلى التبسيط والمحسوس، واستخدام الأسلوب المحكوم بتجربة الطفل مع اللغة والتزام الواقعية وعدم الإغراق في عالم الخيال، ومراعاة خصائص الإدراك والنمو عند الأطفال، وفي حالة استخدام الرمز فإنه ينبغي استخدام الرمز المباشر الذي يمس القدرة الذهنية مسًّا خفيفًا مع الأخذ في الاعتبار هدف الإمتاع والتأثير.
وبعد معرفة هذه الخصائص يجب على الأديب الذي يتوجه بعطائه إلى الأطفال أن يسألَ نفسه: لمن أكتب؟ وماذا أكتب؟ وكيف أكتب؟ وهي أسئلة ليس من السهل الإجابة عنها عمليًّا.
• أنواع قصص الأطفال
بعد ذلك يستعرض المؤلف أنواع قصص الأطفال التي قسمها من حيث مضمونها إلى: القصص الفكاهية، والقصص الدينية، وقصص الخيال العلمي، والقصص التاريخية، والقصص العلمية، وقصص الخرافات (الأساطير) والقصة على لسان الطير والحيوان، ويوضح المؤلف الفارق بين القصص العلمية وقصص الخيال العلمي، قائلا: إن القصص العلمية هي التي تروي للأطفال (بشكل مبسط) قصص الاكتشافات والاختراعات العلمية، وتقدم الحقائق العلمية عن مظاهر الطبيعة (الحيوانات، الغابات، البحار، النجوم، .. الخ) بأسلوب قصصي ممتع. أما قصص الخيال العلمي فهي التي تعتمد على بعض الحقائق العلمية في إطار خيالي، فهي ترتبط بالعلم ولكنها تنزع إلى عدم واقعيتها.
ثم يتحدث بعد ذلك عن عناصر القصة ومقدماتها الفنية التي يجب على الكاتب مراعاتها عند كتابة القصة للأطفال، مثل الحدث أو الأحداث، والشخصية أو الشخصيات، والبيئة، والهدف، والأسلوب، ويختتم المؤلف كتابه "أساسيات في أدب الأطفال" بتقديم نماذج من أدب الأطفال مفتتحًا هذا الجزء من الكتاب بالجملة التالية: "ليس المهم أن نقدم أي أدب للأطفال، بل المهم أن نقدم لهم (أدبًا) يحسونه ويتذوقونه، ويشعرون حين يقرءونه أو يسمعونه أنهم يقرءون أو يسمعون أدبًا". أما النماذج المختارة في مجال القصة فهي قصص "الثعلب" و"الأرنب" و"السنجاب الجميل" و"فيل الأمير" و"رحلة في الفضاء". وفي مجال الشعر والأناشيد، يقدم بعض النماذج ليحيى الحاج يحيى، ويوسف العظم، وأحمد شوقي. وفي مجال المسرح يقدم مسرحية "ذكاء القاضي" من إعداد نصر الجوزي، وهي تناسب الأطفال من سن 13 ـ 15 سنة.
ومما يؤخذ على هذه النماذج التي يقدمها المؤلف أنها مأخوذة من كتاب د. عبدالفتاح أبو معال "أدب الأطفال" ولم يكلِّفْ المؤلف نفسه الرجوع إلى المجموعات القصصية الجديدة، والكتب، ودواوين الشعر، وكتب المسرح المكتوبة للأطفال التي صدرت قبل تأليف هذا الكتاب، ليختار نصوصًا جديدة لم يسبق نشرُها في كتب مماثلة، ولم يلجأ المؤلف كذلك إلى تحليل هذه النماذج المختارة وتطبيق ما ذهب إليه في القسم الأول من الكتاب.
التعليقات