وهل من حضارة بلا هوية؟! وهل من هوية بلا تاريخ؟! وهل من تاريخ بلا أصالة؟! وهل أصبح التقدم حضارة؟! وهل انحسر التقدم من فنون وعلوم إلى الجانب المادي فقط؟! .... ففي هذا فليتنافس المتنافسون، ولكن عن أي حضارة تتحدثون؟!
تذهب إلى بلد ما فتنبهر بها وبالتقدم الذي أحدثته في ليلة وضحاها، فتسأل عن مزاراتها، فتجد أفخم المباني والأعمال المعمارية التي أُنفق عليها المليارات، لوحة جميلة ولكنها غير ملموسة بطابع وروح شعبها، فلا تجد ما يميزها كأمة عن غيرها من الأمم، لا هوية ولا براعة ولا أصالة، فهذا تقدم وليس بحضارة، ولأن أصحاب الحضارات القديمة هم أسياد الأرض ولو كره الكارهون، ستظل العيون المدعية للتحضر حاقدة ناقمة على تاريخ وأصالة الدول صاحبة الحضارات، ولأن التاريخ والأصالة لا يُباعا ولا يُشترا، هناك من عرف التقليد وهناك من عرف الاقتباس للاستفادة منهما أو ادعاء ملكيتهما، ولكن على اختلاف السبب فالنتيجة واحدة وهي اعتراف حصري وضمني بهوية أسياد الأرض الحقيقيين.
الحضارة هي نتاج وليست بجائزة، نتاج جهد شعب لقرون متتابعة، عقول برعت في الفلسفة والبحث عن الذات، وعقول برعت في الفنون التشكيلية والعمارة والبناء، وعقول برعت في العلوم المختلفة من طب وصيدلة وفلك، عقول توصلت إلى السياسة والاقتصاد قبل أن يتم تدريسهما، عقول أدارت بلاد وحققت إنجازات دينية ودنياوية، عقول هيأت لشعبها الوضع الملائم للنمو والازدهار، فعندما يطمئن الإنسان على دنياه؛ أنه لن يُشرد ولن يجوع ولن يُترك مريضا بلا دواء ولا جاهلا بلا علم أو فن، يصبح على الصورة المرجوة صورة الإنسان الخالق للحضارة.
هكذا خُلقت الحضارة المصرية القديمة، والحضارة السومرية في العراق، والحضارة الصينية، والحضارة الرومانية والكثير من الحضارات ذات الأصالة ذات التاريخ ذات الهوية.
فهنيئا لكم يا أصحاب الحضارات.
التعليقات