الفنان القدير توفيق الدقن ، المولود في 3 مايو 1924، بقرية هورين بمركز "بركة السبع" محافظة المنوفية، سماه والده الشيخ الأزهري على اسم شقيقه الذي توفى قبل ولادته بثلاثة أعوام، وانتقل مع أسرته إلى المنيا، حيث محل ميلاد والدته، ولم يكن يخطر ببال الطفل التمثيل حتى المرحلة الثانوية.
فكان يتمتع بصوت عذب في تلاوة القرآن، حتى إن والده كان يسميه بـ"الشيخ العجوز"، وكان يريد أن يكون لاعب كرة قدم، وكان أيضا ملاكما عنيفا.
ثم حدثت صدفة غيرت مجرى حياته إلى الفن، حيث حرص على مشاهدة مسرحية في جمعية الشبان المسلمين بالمنيا، وغاب أحد الممثلين، فاختارته الفنانة روحية خالد للعب الدور، ووافق.
وكان أول ظهور سينمائي للفنان الراحل عبر فيلم «ظهر الإسلام» عام 1951، إذ استطاع على مدى 4 عقود أن يبرع في تقديم أدوار الشر، ومن أبرز أفلامه منها «صراع في الميناء»، و«ابن حميدو»، و«سر طاقية الإخفاء»، و«في بيتنا رجل»، و«الناصر صلاح الدين»، و«مراتي مدير عام».
واشتهر بأدوار الشر، وإن لم يخل أداؤه من الطرافة وخفة الظل؛
وكان ناجحا في أدوار الشر إلى درجة أن بسطاء الناس كانوا يصدقونه فيما يفعله ويكرهونه بسبب تلك الأدوار.
ويقول في مذكراته: "أنا فى حياتى الخاصة مش شرير أبدا زى الناس مابتشوفنى فى أعمالى، أنا بعامل الناس كلهم معاملة طيبة ومفيش فيها عنف أو شر على الإطلاق.
لم يقدم دورا إلا وترك بصمة فيه، بل وإن بعض الجمل التى رددها وإفيهاته الشهيرة يحفظها الجمهور عن ظهر قلب حتى الآن، حيث كان المخرجون يتركون له المساحة الكافية ليرتجل ما يريد من أفيهات.
فعندما كانت يعرض عليه دورا جديدا كان يدرس الشخصية جيدا ويخترع لها اسلوب حوار ولزمه خاصة بها.
واستطاع توفيق العمل بهذه الطريقة أن يجعل لنفسه مكانه وسط أكبر نجوم الشر فى ذلك الوقت، وهما فريد شوقى ومحمود المليجى.
الفنان الراحل أطلق عليه النقاد (ملك أدوار الشر) ؛وكان الفنان محمود المليجي أستاذه وصديق عمره.
والدقن تعرف على الفنان محمود المليجي لاول مرة اثناء تمثيل فيلم " أموال اليتامى " عام 1969 مع فاتن حمامة ، وكان الدقن مرتبكا جدا من وقوفه أمام العملاق محمود المليجى لدرجة أنه كان لا يستطيع النظر إلى عينيه ، ولما لاحظ المليجى ذلك أخذه إلى أقرب مقهى وعزمه على الغداء وأعطاه سيجارة حتى يهدئ من ارتباكه وكانت بداية العلاقة والصداقة والحب بينهما .
كما جمع المخرج محمود فريد بين ثلاثية الشر فى فيلم من إخراجه عام 1972 هو فيلم "الرعب" ؛ثم اجتمعا فى فيلم "ملوك الشر" وتوالت لقاءاتهما فى افلام مشتركة .
الفنان توفيق الدقن كان يرفض أن يضرب من اى ممثل فى الافلام سوى من شوقى والمليجى حتى إنه أثناء تصوير فيلم "المخادعون " كان من المفترض فى أحد المشاهد أن يضربه الفنان حسن حامد لكن الدقن رفض وقال فى استنكار :محمود المليجى يضرب مفيش مانع ، فريد شوقى يضربنى زى بعضه لكن أى حد تانى لأ .
وتميز الدقن بتقديم الشر الممزوج بخفة الظل، وكان يصر على أن تحمل نهاية الفيلم عقاباً للمجرم، حتى يكون عبرة للجمهور.
والدقن صاحب تاريخ مسرحي عريق وقدم أدواراً مختلفة في المسرح القومي منها «الفرافير»، و«سكّة السلامة»
وشارك في عدد كبير من المسلسلات الدينية، من بينها: «ابن تيمية»، و«جمال الدين الأفغاني»، و«محمد رسول الله»، بالإضافة إلى فيلم «على باب الوزير».
ونال الفنان توفيق الدقن تكريمات وجوائز عديدة، من بينها وسام العلوم والفنون من الرئيس جمال عبد الناصر، ووسام الجدارة من الرئيس السادات في أول عيد للفن.
وتم اختيار 12 فيلما شارك فيهم الفنان توفيق الدقن ضمن أفضل 100 فيلم بالسينما المصرية، وذلك حسب استفتاء النقاد عام 1996 وهم «درب المهابيل» عام 1955، و«في بيتنا رجل» عام 1962، و«الناصر صلاح الدين» عام 1963، و«القاهرة 30» عام 1966، و«مراتي مدير عام» في نفس العام،و«المتمردون» عام 1968.
كما ضمت القائمة أفلام «يوميات نائب في الأرياف» عام 1969، و«الأرض» عام 1970، و«ليل وقضبان» عام 1973، و«المذنبون» عام 1976، و«حدوتة مصرية» عام 1982، و«خرج ولم يعد» عام 1985.
الفنان القدير توفيق الدقن، رحل في 26 نوفمبر عام 1988، بعد حياة فنية حافلة أثمرت عن ما يزيد 400 عمل ما بين سينما ودراما ومسرح.
التعليقات