الفنان الكبير زكي رستم مؤسس مدرسة جديدة في الأداء وهي مدرسة الإندماج، حيث يعيش الممثل في الدور الذي يؤديه وينسى تماما الواقع الحقيقي.
اشتهر رستم، في أدوار الشر بالأعمال السينمائية وتقمص شخصياتها ببراعة فائقة على الشاشة أشاد بها النقاد وكذلك أحبها الجمهور.
رستم هو أهم عباقرة التمثيل بلا منازع في السينما المصريةفهو من مواليد 5 مارس 1903، فهو صاحب موهبة مميزة بشهادة الصحف العربية والدولية خاصة الفرنسية والإنجليزية، وصاحب حضور طاغ .
نشأ زكي محرم محمود رستم داخل واحدة من أشهر قصور الحلمية، قصر جده محمود باشا رستم، الأم أمينة هانم عبدالرازق.
والأب من كبار المزارعين، وحياته موزعة ما بين صداقته بالزعيم الوطني مصطفى كامل، والمطرب الشهير عبده الحامولي.
كان زكي رستم في طفولته مقبلا على الحياة، يحب البلياتشو ويطلب من إحدى مربياته أن تصحبه سرا لمشاهدته في الموالد الشعبية.
وحين علمت والدته.. تعرض للتوبيخ والعقاب، ولم يعد مسموحا له بمغادرة المنزل، فقرر أن يعيش في عالمه الافتراضي، يستحضر شخصية الباليتشو، ويتقمص دوره ليعيش معه ويقول ما يريد.
التحق زكي رستم بالمدرسة، وكانت بالنسبة له هي الفضاء الافتراضي الذي يشكله على طريقته، بعيدا عن ضغوط حياة القصور التي اثقلت كاهله بالهموم، لذلك حين قرر ممارسة الرياضة، اختار رفع الأثقال .
وحصل على المركز الثاني في بطولة المدارس، لكن هذا الترتيب لم يرضى طموح الشاب المتمرد الباحث عن دور البطولة.
فانضم في مرحلة الباكالوريا لفريق التمثيل، وارتبط خلال هذه الفترة بزميله عبدالوارث عسر الذي ساعده في الانضمام لفرقة الهواة في العشرينيات.
لكن جورج أبيض هو من منحه دور البطولة المسرحية واقنعه بالانضمام لفرقته عام 1924 وهو ما اعتبرته اسرته كارثة تهدد مستقبل فتاها طالب الحقوق الذي كانت تعده ليكون سياسيا أو دبلوماسيا.
والدة زكي رستم سمحت له في بداية الأمر بممارسة الفن كهواية، لكنها تراجعت حين تكرر مشهد عودته في وقت متأخر من المسرح، وهو يرتدي أزياء الشخصية التي يؤديها،
وخيرته والدته بين ترك الفن والبقاء معهم، أو مغادرة المنزل، فحزم حقائبه واختار أن يقيم في شقة بعمارة يعقوبيان بوسط القاهرة.
أصبح زكي رستم هو البطل المؤثر على خشبة المسرح منذ انضمامه لفرقة يوسف وهبي عام 1925، لكن فاطمة رشدي سعت خلال هذه الفترة لتأسيس فرقتها المسرحية بمساعدة عزيز عيد. وانضم لها ليتشاركا بطولة مسرحيات عديدة، ابرزها «مجنون ليلى، واليتيمة».
لكنه ترك الفرقة ليصبح من أعمدة الفرقة القومية للتمثيل عام 1935 واستمر بها 20 عاما، إلى أن قرر الاستقالة ليتفرغ للعمل في السينما سنة 1945.
تاريخيا ولدت السينما بين يدي زكي رستم، واسمه محفور على فيلم «زينب» عام 1929، والمخرج محمد كريم هو من اختاره ليكون البطل أمام بهيجة حافظ.
وكان بطلها المفضل زكي رستم، وقدمت معه العديد من الأفلام أبرزها «الاتهام، وليلى بنت الصحراء».
لم يحب زكي رستم شيئا في حياته مثلما أحب السينما، كان يقرأ بنهم في مختلف المجالات، الأدب والهندسة والفلك وعلم النفس والسياسة.
كان حريصا على النوم مبكرا ليخلص ذهنه وجسده من متاعب الاندماج في الشخصية التي يؤديها، ويحرص على الاستيقاظ مبكرا، ليتمكن من مذاكرة واستحضار ما سيؤديه حفر لنفسه مكانة مميزة يشهد عليها 198 فيلما، تنوعت فيها أدواره ما بين الباشا وابن البلد ورجل القانون وزعيم العصابة.
زكي رستم بالنسبة لمتابعي السينما في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية.كان صاحب لقب «رجل المأساة».
والكثير مما كتب عنه باللغتين الفرنسية والإنجليزية كان يشير إلى أن حياته الشخصية تأثرت بفنه، ممثل عظيم.. منهمك في أدواره داخل بلاتوهات التصوير وخارجها.
تحول لشخص انطوائي يرفض المشاركة في السهرات الفنية والاحتفالات، ولا يهتم بتكوين الصداقات.
زكي رستم يعتبر من أكثر الممثلين الذين قاموا بتجسيد أدوار الشر والذي ترسخ في ذاكره المصريين، ومما يميز الفنان زكي رستم انه قادر على أن يتحول من الممثل الطيب الى الشرير في لحظه واحده.
وكما انه قادر على إقناع المشاهد في الحالتين، فهو يمتلك اداء فريد لانه يتربع على عرش اداء هذا النوع من الشخصيات، فقد أدى أدور زعيم العصابه والقاتل والمجرم.
ونجده على سبيل المثال في فيلمه الشهير “نهر الحب” رجل قاسي ينتقم من زوجته بالتفريق بينها وبين ابنها مساء دون ان يظهر في الدور قاتل او هارب من العدالة ومن اشهر افلامه النمر ورصيف نمره خمسه وغيرها من الأفلام.
ورحل زكي رستم، الحياة في 16 فبراير 1972 بعد أن غاب عن الأضواء لما يقارب 7 سنوات.
التعليقات