الاقتراب لايعني الوصول، ولكن لكل عمرأو فترة زمنية رحلة وكذلك وصول 

ما يخرج بصدق يبقى، وما يخرج برياء يفنى 

لكل شيئ فى هذه الحياة الدنيا حق انتفاع لا أكثر، فلايملك أحد شيئأ 

مع الله كل الطرق مريحة ومتاحة ، ولكن أنت من تجهل الطريق 

قمة الزهد أن تكون صادقا مع نفسك وماعدا ذلك لايلزم ان تشغل نفسك به 

من يتسع قلبه لحب الموجود، لايجد لغيره وجودا 

لا تفرح بمقبل عليك، ولا تحزن لمعرض عنك 

جاء الزاهد من الدنيا إلى الآخرة، وجاء العارف من الاخرة الى الدنيا 

فى العبور الطويل هناك متسع من الوقت لاقتناء الذكريات وغربلتها

لو استمر خوفك من غضبه ولم تدرك حبه ورحمته فلا تأت الى بيته 

 بهذه العبارات المنتقاه تضفى الكاتبة من وحي شخصيات الرواية  بعض الكلمات والجمل والعبارات والحكم ما يمكن أن يعيها القارئ ويدركها تمام الوعى وتمام الكمال، فليس هناك ماهو اجمل من حكاية الذكريات ومصاحبة الاماكن، فلا كل الاماكن تستحق الحكي ولا كل الذكريات يجدر بها أن تظل عالقة فى الاذهان. 

توسط للشيخ أحمد أبوالعباس الملقب بالمرسي، والاسم الاخير بلدة فى اقاصى أرض الاندلس – الشيخ محمد بن المنصور القبارى ليخرج من السجن بعد أن اودع هناك فترة من الزمن طالت ولم يحسب زمنها وان قصرت فى نظر الشيخ أحمد. حارب فى المنصورة مع الظاهر بيبرس وتعاون مع أنصاره للقضاء على الحملات الصليبية، طلب منه شيخة الامام ابو الحسن الشاذلي أن يرحل الى القاهرة مرة أخرى بعد أن مكث بفنار الاسكندرية برهة من الزمن تحاربه كل الشيوخ والعمائم هناك، تردد فى  أن يأخذ زوجته ورفيقة دربه الى هناك بعد أن أستقر بها المكان بمدينة الاسكندريه، ولكنه عاد بها الى هناك فى الاسكندرية مره أخرى ووضعت له عليا ابنه الاول، رحل مع كل فيضان للنيل الى القاهرة مع زوجته لطيفة أبنه شيخه ابو الحسن الشاذلي، ثم أعطاه الله اولادا اخرين جمال الدين محمدا وأحمد وبعد ست سنوات رزقه الله بقرة عينه بهجة.

خطب فى مساجد عديدة وزوايا منتشرة، فكان له نصيب أن يخطب بمسجد عمروبن العاص بأرض الفسطاط بالقاهرة، وكان له الحظ الاوفر بان مكث غير بعيد داخل  فنار الاسكندرية وبجوار مسجده الذي لم يكن قد أنشأ بعد، علاوة على مسجد العطارين ومساجد وزوايا أخرى بمدينة الاسكندرية .

أما ماريو روسي، صاحب البناء العظيم لمسجد أبو العباس المرسي بمنطقة بحري بمدينة الاسكندرية، فقد جاءته رسالة مختومة من جلالة الملك فاروق الاول بالموافقة على استكمال مبنى ومسجد الامام احمد أبوالعباس، فجلس القرفصاء أمام المسجد يتطلع الى مرسمه الذي تخيله وأصبح الان حقيقة، فأن ترسم هذا هو الابداع بعينه، اما أن تقوم بتنفيذ مارسمت على ورقة فارغة فهذه حياة .

زاره الملك فاروق واعجب بالنور المتسع فى ساحة المسجد، وتمنى ماريو روسي ذلك فى مخيلة صاحب البناء، وتكلم الناس عن أكبر مسجد فى مدينة الاسكندرية واضخمها تكلفة ,إذ بلغت انذاك مائة ثمانية وثلاثون الف جنيه، وافتتحه الملك فاروق بنفسه.

من تلاميذه الامام ياقوت العرش وأبن عطاء الله السكندرى، وهذا الاخير توقع له أبو العباس المرسي شأنا عظيما فى البلاغة والحكمة من القول والفعل فكان أبن عطاء الله امتدادا لسلفه الطاهر وخلفا لمن بعده.

المدهش فى الكاتبة أنها استطاعت أن تجمع كل ذلك التاريخ  وكل هذه الاسماء البراقة فى صفحات قلائل لاتتجاوز المائتين وستون صفحة، فى سابقة تعد جد نادرة بين كتبها ورواياتها الاخيرة، ولان ريم بسوني تجيد التحدث مع التاريخ وتتقم فن مصاحبة الاماكن، فقد رزقها الله بالسيدة كريستينا السيدة المصرية الايطالية التي هاجرت الى استراليا فى ستينيات القرن العشرين، لتحكي لها أثناء رحلتها الطويلة الى استراليا عن نفسها وعن ماريو روسي صاحب هذا البناء وعن المرسي الوالعباس نفسه وعن مدينة الكاتبة الاسكندرية وأترك لكم بين أيديكم تلك الاقصوصة الصغيرة التى تحكي تاريخا عظيما لاناس عظماء رحلوا عننا ولم ترحل اماكنهم.