تخيل معي عزيزي القارئ إذا فرض عليك أحد الاشخاص قراءة نوعية معينة من الكتب دون غيرها ،بغض النظر أنها قد تروق أو لاتروق لمستوى ذوقك في القراءة ،هل سترضخ للأمر باعتبارك قارئ نهم وتحاول جاهدا أن تجد في هذه النوعية التي لاتروق لك مايجذبك ويشجعك على قرائتها؟ وإذا قمت بالرفض التام لهذه النظرية التي تجبرك على قراءة ما لا تحب، فيستحتم عليك أن تمتنع عن القراءة نهائيا لاجل هذه الفرضية الجدليه ؟وإن قبلت فأنت مجبر لامحالة أن تقرأ مالا يلذ لك. المعادلة صعبة في جميع فروضها.
تخيل معي فرضية اكثر صعوبة في عالم إفتراضي خيالي في زمن اللامكان بأن يصدر حاكم المدينة التي تعيش بها فرمان يقضي بمنع وحجب جميع الكتب التي تتحدث في مجال الادب والفنون والجنس والدين والسياسة، ولأجل تحقيق هذه الفرضية يقوم حاكم تلك المدينة الافتراضية بتعيين سبع رقباء للكتب تكون مهمتهم الاساسية مصادرة هذه النوعية من الكتب في جميع أماكن تواجدها سواء في المكتبات العامة أو على أرفف الكتب في البيوت والمنازل، بل يتعدى الأمر إلى معاقبة ذلك الشخص القارئ لعقوبات متنوعة.
الأمر لم ينتهي عند هذ الحد عزيزي القارئ ، فمجرد وجود شخص قادر على التخيل أو مايسمى بالمخيلة الفكرية التي قد تدور في عقله ،هي سبب كاف وداع الى معاقبته كذلك لأن التخيل جريمة يعاقب عليها القانون ،فهي تفضي الى التفكير والخيال الواسع الذي قد يستغل ضد حاكم هذه المدينة الافتراضية، لان هذا التخيل هو حصيلة قراءة الكتب المتنوعة في مرحلة سابقة ويجب أن لايتعدى الأمر ذلك بكل الأحوال.
وبما أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه ، نجد في ثنايا هذا القرار عدول أحد رقباء الكتب عن مهمته المكلف بها ، ليقوم بالإحتفاظ بهذه الكتب الممنوعة في مكان خاص جدا بمنزله ويستمتع بقرائتها بمفرده بعد إنقضاء ساعات عمله الرسمية، ويجد في هذا القرار أشد أنواع الظلم والجهل لهذا المجتمع ويبدأ في التخلي عن ممارسة هذة المهمة الجائرة ويتعدى الأمر باكتشافه مرض المخيلة "القدرة على التخيل" لدى إبنته التي لم تتجاوز عشرة أعوام ، فيصبح في موقف أصعب مما كان عليه.
الرواية من نوع الفانتازيا اللامعقولة، واستطاعت الكاتبة بثنة العيسى الغوص في نفسية الرقباء السبعة بين مهامهم الوظيفية المكلفين بها وضمائرهم التي ترفض ذلك ولكن دون جدوى، فهل يشتم الرقباء الستة الاخرون خبر عدول الرقيب السابع عن أداء مهمته الوظيفية؟ وماذا يكون الأمر اذا أكتشف أحدهم مرض ابنته، فهل يشي بالأمر الىحاكم المدينة، وماهو مصير هذا القرار في النهاية وأين تذهب هذه الكتب الممنوعة. أترك لكم المجال مفتوحا لخيالكم الواسع باعتباركم قراء نهمون وقد تتخيلون كيف تكون النهاية .
التعليقات