هل من المعقول أن يكون هناك آثار سلبية لمتعة القراءة، وهل تصدق عزيزي القارئ فيما يتداوله بعض العامة من الناس أن هناك كتبا غير مفيدة وغير ضارة، وكأن شراءك لبعض هذه الكتب لايسمن ولايغني من جوع. هل يمكن أن يكون لكثرة القراءة ومطالعة الكتب اثار سلبية على وعيك وعقلك الباطن ، هل يمكن ان تنجرف الى شخصية اخرى غير الشخصية التي نشأت عليها لمجرد كثرة قراءاتك.
أسئلة عديدة تدور حول هذه الرواية المحيرة ، فقد أستطاع الكاتب ببراعة شديدة أن يفصل مابين قارئ ومطلع وشغوف بحب الكتب من خلال شخص يدعى دانيال ،حيث تم ايداعه في مستشفى للأمراض النفسية ليلتقي جوستابو صديقه المقرب المتخصص في علم نفس اللغة مع صديقه دانيال جامع الكتب القديم.
يبدأ جوستابو في الحكي عن شخصية دانيال والبحث في تفاصيل وأحداث حياته لمساعدته في حل لغز جرائم القتل المُتهم بها أجاد الكاتب رسم شخصية جامع الكتب الذي يصل إلى حد الهوس في البحث عن المخطوطات والكتب القديمة والجمع بين ذكاء وتدفق الخيال والأفكار وبين الانعزال أوعدم الاهتمام بعالم الواقع من الاساس ، وكأن الخيالواقع مكتوب لو اقنعت عقلك بذلك ، ففي ذلك الكثير من العوض الالهي أن يكون لك خيالا تشق به حياتك.
وبغض النظر عن عرض عرض بعض الأمراض النفسية والوراثية, والاهتمام بنفسيات الشخصيات والدوافع المخفية وراء تصرفاتهم بعيدا عن جرائم القتل والنهاية ، الا أن الكاتب جوستابو أراد ان يشير الى نقطه تغافل عنها الكثير من الكتاب والروائيين ، الا وهي قدرة الانسان على سرد الخيال واللاواقع الذي يدور فى عقله ليصبح حقيقة واقعة .
من خلال أحداث الرواية يتضح لنا أن دانيال شخصية مثقفة عاقل واع لما يدور حوله ، وعندما يقع فى حب فتاة تدعى جوليانا يتنازل عن بعض حقوقه فى التهام الكتب والروايات ، وبعد فترة من هذه العبلاقة المشوشة ، ينسج فى خياله شخصية أخرى شبيه لمحبوبته حتى يستطيع أن يكمل معها ماتبقى له من حياته.
الغريب فى هذه الرواية ، قيامه بقتل جولينا بعدة طعنات فى جسدها ورقبتها، ولكن من تكون المجني عليها ، أهي جولينانا التى أحبها فى بداية طريفه أم جولينا التي تخيلها وصارت معه كظل ظليل له لاتفارقه ولا تغيب عنه .
لاأستطيع أعزائي القراء أن أضيف الى هذه المقالة المختصرة المزيد والمزيد عنها ،لان فى ذلك حرق للاحداث التى تدزر بين صفحاتها ،وأترك لكم قضاء عيد فطر سعيد مع من تحبون ولتستمتعوا باقتنائكم هذه الرواية الغريبة التي حيرتني كثيرا قبل ان أكتب عنها.
وُلد جوستابو فابيرون باترياو في 31 ديسمبر عام 1966 في ليما - بيرو. وهو كاتب صحفي وناقد أدبي. حاز على شهرة واسعة بسبب مدونة أنشأها لنقد الأحوال الاقتصادية والثقافية لبلاده، وكانت مدونته هذه ذات تأثير واسع في أمريكا اللاتينية. تتناول أعمال فابيرون التاريخ السياسي والفكري لأمريكا اللاتينية، ونظريات القومية، وتشكيل أنماط مختلفة من فكر المواطنة والعنف السياسي وكيف يتم التعبير عنه في الأدب والفن. كما عمل في العديد من المجلات، وهو الآن محرر جريدة "المعارضة" الأدبية التي تُناقش نظريات الأدب والنقد. درس اللغويات والأدب بجامعة "بونتيفيكال كاثوليك" في بيرو. وحصل على درجة الماجيستير والدكتوراه من جامعة "كورنيل" الأمريكية. وفي عام 2008، قام بتدريس الرواية اللاتينية وأسلوب قصص ومقالات "بورخيس" في جامعة "ستانفورد" بقسم اللغتين الأسبانية والبرتغالية. ويعمل حاليًا أستاذًا مساعدًا بكلية "بدوين" بولاية "مين" في الولايات المتحدة الأمريكية.
التعليقات