تستضيف الإمارات قمة تغير المناخ كوب28 (30 نوفمبر ـــ 12 ديسمبر 2023) لتتوج مسيرة طويلة فى حماية البيئة والعمل على تقليل الانبعاثات الدفيئة والاستثمار بمجال الطاقة الخضراء، لكل ذلك يتطلع العالم بكثير من التفاؤل لإحراز تقدم ملموس بشأن العمل المناخى العالمى خلال هذه القمة واتخاذ الكثير من الإجراءات والقرارات، تجاه أزمة الطاقة المتفاقمة بسبب اعتماد بعض الدول على الفحم فى توليد الطاقة، وبلوغ تركيزات قياسية لغازات الاحتباس الحرارى، فضلا عن تكرار الظواهر المناخية القاسية.
ويتوقع المراقبون إضافة نوعية لما تحقق فى كوب27 الذى استضافته مصر بمدينة شرم الشيخ العام الماضى والذى قرر إنشاء صندوق الخسائر والأضرار لدعم الدول الفقيرة المتضررة من تغير المناخ، فهناك آمال كبيرة بأن يتم تفعيل هذا الصندوق وتعزيز التمويل المخصص للعمل المناخى خلال القمة المقبلة. ولكن قبل ذلك فإن انعقاد القمة باكسبو دبى فى حد ذاته فرصة لكى يطلع العالم على الإسهامات القوية للإمارات فى هذا الميدان والتى أعلمها عن كثب، وقد رصدتها فى عدة كتب وأبحاث نشرت لى، ومنها كتابى (تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة فى حماية البيئة) وهو أصلا دراسة محكمة صدرت عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، والذى تقرر إضافته لمنهج الدراسات الاجتماعية خلال المرحلة الثانوية بمدارس الدولة، حيث تعتبر الإمارات نموذجا فريدا للحفاظ على البيئة وحمايتها،فى العالمين العربى والإسلامى، فقد تبنت منذ عقود إستراتيجية وطنية للبيئة، لتعزيز التزام الدولة بحماية البيئة. وضعت تحقيق مبدأ التنمية المستدامة كإحدى أهم أولوياتها. لضمان تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة.
وقد حظيت جهودها فى الحفاظ على البيئة باعتراف وتقدير عالمى. فقد كان مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من بين أوائل قادة العالم الذين حصلوا على شهادة الباندا الذهبية من الصندوق العالمى لصون الطبيعة(عام 1997). وخلال مرحلة البناء والتأسيس كانت الحماية البيئية من الأهداف الرئيسية لسياسات الإمارات التنموية، بهدف تخضير الصحراء، وتطوير موارد المياه، وتحسين البيئة البحرية وحمايتها من التلوث، والحفاظ على الثروة السمكية والحيوانية، وحماية التنوع الحيوي.
وفى هذا الإطار سنت الإمارات مجموعة من القوانين للحفاظ على البيئة ولضمان الاستدامة البيئية.فقد أصدرت العديد من التشريعات لمواجهة تلوث البيئة، ومنع قطع الأشجار ووقف الصيد الجائر، توجت بصدور القانون الاتحادى 24 لسنة 1999 بشأن حماية البيئة وتنميتها، الذى تضمن عقوبات رادعة ضد المخالفين لأحكامه تصل الى حد الإعدام والغرامة عشرة ملايين درهم. بهدف حماية البيئة، ومكافحة التلوث بأشكاله المختلفة، وتجنب أى أضرار أو آثار فورية او بعيدة المدى، نتيجة لخطط او برامج التنمية الاقتصادية او الزراعية أو العمرانية، أو غيرها.
كما صادقت الإمارات على العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ومنها اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس، وبروتوكول كيوتو. وفى عام 2021 استضافت الحوار الإقليمى للتغير المناخى، وشاركت فى قمة المناخ على مستوى القادة. كما أولت اهتماماً كبيراً بحماية التنوع البيولوجى بوسائل عديدة منها إنشاء المحميات الطبيعية، التى بلغ عددها 49 محمية طبيعية حتى عام 2020. وأطلقت بالتعاون مع 39 دولة أخرى مبادرة الابتكار الزراعى للمناخ، انطلاقا من أن النظم الغذائية مسئولة عن ربع الانبعاثات الكربونية بالعالم.
وتعتبر الإمارات رائدة عالمياً فى مجال الطاقة الخضراء ففى 2015 افتتحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة IRENA، مشروعا عمرانيا خالاٍ من الكربون يتبنى حلولاً مبتكرة بمجال كفاءة الطاقة والمياه، والتنقل، وتقليل النفايات. وتحتضن الإمارات ثلاثا من كبرى محطات الطاقة الشمسية بالعالم. وتخطط لاستثمار 50 مليار دولار فى الطاقة المتجددة حول العالم، وضخ مستثمرون إماراتيون مبلغا مماثلا بمجال تطوير مشاريع الطاقة النظيفة فى 70 دولة. لذلك فإن هناك توقعات قوية بأن يكون كوب 28 من أكثر المؤتمرات المناخية نجاحا ليس فقط بالتوصل إلى تمويل صندوق الخسائر والأضرار، إنما أيضا فى مجال تبادل الخبرات والتقنيات المتقدمة لخفض الانبعاثات الكربونية، ومواجهة تداعيات تغير المناخ .
التعليقات