الإنسان بطبعه كائن عاطفي... مَنَّ الله عليه بخلقه في أحسن صوره خلقيه، وأحسن صورة تتماشى مع دنيانا عاطفيًا وعقلانيًا ... فخلق له الله في جسده قلب قد يكون متحكمًا ومسيطرًا وبشدة في أحيان كثيرة... ومن عظمة الأمر لهذا القلب وتحكماته .. قيل عنه أعظم الحكم، ولعل من أبرزها (من غلب عقله قلبه فقد نجا)...
تلك المضغة التي تتوسط الصدر، وينسب إليها كل المشاعر والعواطف والتقلبات الروحانية...
فسبحان من ثبتها في مكانها، ولم يثبت معها أي مما تبثه للعقل وللروح من شعور...
كمْ مرت علينا من علاقات دامت لسنوات لتنتهي في لحظات، بسبب تقلب القلوب... وكمْ كانت هناك عداوات استمرت لدهور لتتحول لأقوى، وأصمد العلاقات، بسبب تقلب القلوب...
فسبحان من بيده تلك المضغة يملكها، ولا نملك منها شيئا... وقد أثر نبي الأمة دعاء( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) لما تيقن من تقلب القلوب الدائم الذي ليس عليه منا سلطان...
الإنسان هو كائن تتحكم فيه مشاعره وعواطفه إلى حد بعيد، تتغير معه بسرعة مع مرور الوقت، ومع تغير الظروف والمواقف التي يخوضها... فلا يمكن ضمانها أو أمرها أو توجيهها مهما بلغت من عتاد أو قوة. ولا تخضع لأي قوانين ثابتة أو حتى متغيرة، يقاس عليها ما تريد وما تبغي، وكيف تتبدل من حال إلى حال في أي حال... فقلوبنا متغيرة تتغير مع الزمن والمواقف والتصرفات، وحتى النظرات.
لاحظ وتذكر من تبقى معك من أصدقاء الطفولة مثلاً ... أو من كان معك في دراستك الجامعية أو حتى في بدايات طريقك لحياتك العملية... كم عددهم كان؟... وكم هم الآن !!!...
لا فينا عيب، ولا في غيرنا عيوب... إنها القلوب...
كمْ مر علينا من تجارب اختلفت كلا حسب طريقه...
كمْ مر علينا مشاعر سلبية في أحيان وأخرى إيجابية في أيام أخر...
كم تغيرنا وتغير من حولنا، لتتناسب اليوم مع أناس وغدًا مع آخرين... كمْ أدمنا أشخاصًا، ونسينا أُخر... نتيجة لأسباب كُثر. قد آلمتنا كخذلان أو وجع. أو لعوامل متعلقة بالشخصية والثقافة... أو قد تكون لمستوى الإهتمام أو ربما للنسيان... أو قد تقع العلاقة في فجوة مزاجية تصعب إصلاحها، فتذهب العلاقات إلى خبر كان.
كما أننا نحن كبشر متغيرين باستمرار. تتغير أفكارنا وشعورنا ورغباتنا مع مرور الوقت. هذا يعني أن المشاعر التي نشعر بها اليوم قد لا تكون هي نفسها التي نشعر بها غدًا.
المشاعر جزءا أساسيًا من تجربتنا الإنسانية. إنها القوى الدافعة التي تؤثر في سلوكنا، وتوجه حياتنا بوجه عام.
ومع ذلك، فإن المشاعر في القلوب لا يمكن ضمانها أو ثباتها. فالقلوب تظل متغيرة وقابلة للتأثر بكل ما حولنا من تأثيرات خارجية أو الظروف المحيطة بنا. وإياك أن تعتقد أن لديك التحكم التام مهما بلغت من قوة في شعورك... فالحقيقة تكمن في أن المشاعر جزء منا، ومن الحياة الإنسانية الحق... نحن لسنا روبوتات خالية من أي تقلبات مشاعرية. فالعديد من العوامل والمناسبات يمكن أن تؤدي إلى تغيير حالة مزاجنا وشعورنا بالفرحة، الحزن، الغضب، الخوف، والتوتر.
في الختام، فإن المشاعر في القلوب هي مجرد جزء من الطبيعة البشرية المعقدة. قد يتمكن البعض من التحكم فيها على نحو أفضل من الآخرين، ولكن لا يوجد أحد يستطيع ضمان استقرارها على الدوام. فاحذروا تقلبات القلوب
التعليقات