منذ بداية العقد الثالث في القرن الواحد والعشرين، بدأت معاناة شعوب العالم المختلفة من العديد من الكوارث والمصائب العالمية، والتي أسفرت عن إبادات جماعية لم ينجُ شعب من نيل نصيبه منها، فبدأ بوباء كورونا ثم متحوره، الأمر الذي صدق الجميع ولو في لحظة ضعف أنه النهاية فكانت تجربة مريرة لم ولن ينساها من عاصرها، فإذا كان لم يُصَب فبالتأكيد كان قريبا لمصاب، الأقنعة الطبية ورائحة المنظفات والمعقمات، الخوف من سماع صوت عربة إسعاف أو حتى سعال من يجلس أمامك كان كافيا لإصابتك بالذعر، بالإضافة إلى سماعك عن انتهاء القدرة الاستيعابية لجميع المستشفيات المحيطة بك، عانقنا الموت وتُركت الدراسة وتُركت الأعمال، توقف العالم عن السير عندما شعر الإنسان بقرب نهايته.
لا اختلاف بين ما فعله وباء كورونا وما فعله الزلزال بالنسبة لشعوب تركيا وسوريا والمغرب حاليا، 6 فبراير 2023 بين زلزال وتابع بقوة 7.8 ريختر كانت تركيا وسوريا في حالة بكى عليها العالم بأسره، تساوت المرتفعات بالأرض، فقد الكثير عائلته في الحطام، أطفال تحت الأنقاض ومسنين جرحى في الشوارع، تكدس المستشفيات وعدم القدرة على استيعاب كل المرضى، نقص في الجيش الطبي ونقص في المستلزمات الطبية، فمن لم يمت جراء الزلزال ذهب ضحية الإهمال، حيث تصادف وقوع الزلزال مع عاصفة ثلجية قوية مما صعب من عمليات الإنقاذ.
ومع كونه عاما يستحق لقب "عام الزلازل" لم يحدث زلزال بتلك القوة إلى يوم الجمعة الماضي الموافق 8 سبتمبر حيث وقوع زلزال في دولة المغرب بقوة 7 ريختر مما أسفر عن عدد من القتلى والجرحى ليس بقليل وفي زيادة مستمرة.
تتعدد الأسباب والموت واحد، لا وقاية من الموت ولكن إذا كان هناك وقاية من بعض أسبابه فأهلا بها، بل حينها وجب السعي من أجل توفيرها وتحقيقها، فعندما عجز الأطباء عن السيطرة على وباء كورونا أمروا باتباع أساليب الوقاية، ولأنه لن يستطيع أحد علماء الجيولوجيا الآن بالسيطرة على الزلازل لمنع حدوثها فيجب العمل من أجل تخفيف آثارها، فإذا كانت الوقاية من الوباء في التعقيم والقناع الطبي والمحافظة على البعد وعدم الاختلاط، فإن أساليب الوقاية من كارثة الزلزال كثيرة؛ متابعة حالة المنازل وتقييمها من حيث قدرتها على تحمل كارثة أم لا، تجهيز المستشفيات دائما وكأن الكارثة ستصل غدا، جعل التكاتف بين الدول وقت حدوث الكارثة أمرا سريعا مفروغا منه، فالكارثة اليوم هناك والله وحده يعلم أين ستكون غدا.
فإذا كان شعار الوقاية من وباء كورونا "دعونا نتباعد اليوم كي نتعانق غدا" فإن شعار كارثة الزلزال يجب أن يكون "دعونا نتكاتف اليوم كي لا نفتقد غدا".
التعليقات