حتى لا نصنع قتلة وإرهابيين
علينا أن نناقش الفكر بالفكر لا أن نحارب الفكر بالتهديد والسب والقذف والإرهاب والتكفير.
فنحن ضعفاء الحجة والبرهان إذا قابلنا الفكر بالسب والتهديد والإرهاب والتكفير وكل أدوات الترهيب.
التنويريون الجدد والملحدون أو العلمانيون "المغالون فى التنوير والعلمانية والإلحاد"ف ى مقابل أصحاب الفكر المتشدد فى كل دين أو تجار الدين ودعاته غالبا ما يصدرون لنا أفكارا وحقائق مغلوطة فيثير ذلك حفيظة الناس والعامة وإن كانوا غير محافظين على طقوس دينهم.
الخصمان فى صراع وكلاهما يواجه الآخر بالسب والتهديد والتكفير مباشرة دون أن يرد بالحجة والبرهان والحقائق ومبادلة الفكر بالفكر مما قد يجعل ذلك أداة قتل لمتطرف أو إرهابى فتكون مبررا لإغتيال وقتل أصحاب الفكر مع اختلاف انتمائهم ومذاهبهم الفكرية..
هذا ما يحدث بين التنويريين والمتشددين فى الدين وكأنها مباراة فى المصارعة أو الملاكمة كل منهم يريد أن يسبق خصمه بالضربة القاضية!
فهناك جماهير لكل طرف ولهم متابعون ولهم من يؤمن بأفكارهم التى قد نتفق أحيانا مع القليل منها أو نختلف مع الأكثر من أفكارهم.
ورغم اختلافنا فكريا ومنهجيا مع أفكار الخصمين وخاصة من الجانب المتشدد المتاجر بالدين والجانب المتطرف تنويريا إلا أن مقابلة الأفكار بطرق التهديد والوعيد والتكفير قد تصنع وتصدر متطرفين وإرهابيين وتصنع مدارس للتعصب والكراهية والجهل والظلام فندخل حينئذ فى أنفاق الفتنة والظلامية والتعصب..
ولنا فى حادثة اغتيال د. فرج فودة ومحاولة اغتيال أديبنا العالمي الراحل استاذ نجيب محفوظ عبرة.
ففي حادثة محاولة اغتيال الراحل نجيب محفوظ سأل القاضي الإرهابي بمحاولة اغتياله: لماذا حاولت قتله؟
فقال الإرهابي: بسبب روايته "أولاد حارتنا"
فسأله القاضي: هل قرأت الرواية؟
فقال الإرهابي: لا؟
وعندما واجه د. فرج فودة فى مناظرة معرض الكتاب المشهورة بعض الشيوخ الذين كانوا يتصدرون المشهد الإسلامي ويتحدثون باسم الدين ونصبوا أنفسهم وكلاء عن الله
صدرت الفتوى بعد المناظرة بتكفيره وكان اغتياله لأنه فكر وكان صاحب فكر حتى لو كنا نختلف مع فكره لكنه فكر بصوت عال
ولما سألوا القاتل: لماذا قتلته؟
كانت الإجابة : لأنه كافر.
فسأله القاضي: كيف عرفت أنه كافر؟
أجاب القاتل: من كتبه.
قال القاضي: وأي من كتبه عرفت أنه كافر؟
اجاب القاتل: أنا لم أقرأ كتبه!
هكذا تبدأ حكاية التكفير وحكاية التعصب فهل من قتل هو من نفذ أم من أصدر فتوى القتل وإهدار الدم؟!
وحتى لا نكرر مشاهد الاغتيال ومشاهد القتل ومشاهد الفتنة..
على أصحاب الفكر بمختلف مذاهبه ألا يثيروا حفيظة المجتمع بتصدير أفكارا باطلة أو يهينوا الرموز الدينية خاصة ما يمس الأنبياء وصحابتهم.
وعلى العلماء المصلحين أن يتصدروا المشهد للرد على الشبهات والأفكار المغلوطة والمسمومة أحيانا حتى يقدموا الحقيقة وينيروا الطريق للناس فنحن فى زمن الفتنة والتعصب والكراهية.
التشدد والتطرف فى التنوير مثله مثل التطرف والتشدد فى الدين.
الأفكار لا تموت والحق باق والباطل زائل والحقيقة ليست غائبة ولله فى خلقه شئون
ووراء كل حق حقيقة
ووراء كل شيء حكمة
التعليقات