حقيقة الأمر أن الشارع المصري يدرك ذلك من بداية تولى الرئيس مرسي حكم البلاد ولكن هذا الشارع كان لا يريد أن يصدق مثل هذا الادراك، ذلك لأنه يتمنى الاستقرار.. وتمر الشهور تلو الأخرى حتى لا يجد مفرا من إعلان الحقيقة التى يواريها بداخله وهى أن حكم مصر يتم من مكتب إرشاد جماعة الاخوان المسلمين وليس من قصر الرئاسة .
من مميزات الشعب المصرى أنه لا يفضل أبدا حالات اللف و الدوران وبرغم كل الظروف ينتظر الشفافية، تلك التى كانت مفقودة فى نظام خرجوا عليه و أسقطوه و كان من بديهيات الأمور مع النظام الجديد أن تكون هناك شفافية مباشرة و وضوح مستمر.
يستطيع أن يتقبل المصرى أى أمر و أن يتعايش تحت أى ظرف و لكن عن اقتناع و ليس عن خديعة. وهذا هو الفارق الحقيقى.
فقد انتهج الغموض نظام سقط.. وانتهجته الجماعة.. حينما عينت رئيس وزراء محدود القدرات و إن كانت تراه عظيم الشأن عبقرى الزمان، فهذا يؤكد ضعفها فتعظيم الضعيف ضعف.
وإذا كان رئيس الوزراء بهذه المقدرة المحدودة التى أكدتها الأحداث فإن من يختارهم سيكونون أضعف منه بأى حال وهذا ما ظهر فى الأزمات المتتالية من غياب أمن، ومن مشكلة سد النهضة الأثيوبي، و مشاكل الاعلام الخاص والحكومى المتلاحقة التى لم يستطع وزير الإعلام الإخوانى محدود القدرات أن يتخطاها وأن يقوم بتهيئة الرأى العام لصالح الجماعة كي يتقبلها و يتقبل أفعالها.
على نفس الطريق ينطلق وزير الإعلام الإخواني وبدلا من التطوير و الابداع الذى يحتوى الشعب وينفره من الاعلام الخاص، بدلا من ذلك يوجه وزيرهم الاتهامات بشكل متكرر و ينظر إلى أى فرد من خارج الجماعة على أنه متسلق يريد أن يستحوذ على المناصب، فيبعده و يبتعد عنه.
هنا تظهر على الأرض عمليات الاقصاء لكل مَن هو غير إخوانى.. وفى العلن يتم ترويج الأقوال التى تؤكد أن الاخوان يمدون أيديهم ويطلبون من الجميع التعاون من أجل مصر وهذا لم يحدث على أرض الواقع إلا مع عدد لا يتعدى أصابع اليد الواحده ذكرهم السيد الرئيس فى خطابه المشهور يوم الأربعاء 27 يونيو 2013 و هم جودة عبد الخالق و منير فخرى وإن كان هناك غيرهم من الأعلام لذكرهم الرئيس ضمن من ذكر من أسماء كثيرة فى ذلك الخطاب.
تلك الفرص الذهبية التى أضاعتها جماعة الاخوان المسلمين على مدار عام و التى يعترف بها كل عاقل لن يسنح الوقت بتكرارها مرة أخرى فى ظل هذه الظروف الساخنة التى تعيشها البلاد.
ومما لا يجب أن نهمله هو ذلك التواجد غير العادى خاصة فى أيام الجمعة وبعد الصلاة مباشرة حينما يمسك السيد الرئيس بالميكرفون فى الجامع ويخطب فى الحضور، و هذا الحضور بالطبع من جماعته. كثرة الحديث من شأنها كثرة الأخطاء، وفى نفس الوقت الشعب يريد رئيس لا خطيب . فالخطباء ما أكثرهم و قد انتهجوا طريق الوصاية على الشعب يوجهون الاتهامات بشكل مستمر ويتعاملون من المواطنين باستمرار على أنهم مذنبون .. داخليا تكونت العقده من الخطباء فيخشاهم الناس لأنهم باستمرار يذكرونهم بأخطائهم وفقط و لا يوجد الترغيب إلا القليل الذى لا يصل إلى التعميم.
انتظر الناس الرئيس فإذا به خطيب وإن كان مفوها فى الخطابة . ومن يتكلم كثيرا يفعل القليل.
غير ما وضح من بعض جوانب الصورة إلا أن هناك أمور كثيرة أثارت الرأى العام بشكل متفرق على مدار هذا العام، وهذه الأمور قد زادت نسبة الاحتقان لدى الكثير من أبناء الوطن، ومن هذه الأمور مقتل الجنود المصريين ( 17 من رجال الجيش المصرى ) فى نقطة حدودية فى شمال سيناء حيث تم الهجوم عليهم وقتلهم أثناء إفطارهم فى شهر رمضان 2012 وبعد تولى الرئيس مصرين بشهر و نصف تقريبا.
هى عمليه إرهابية بلا شك، و لكن ألا تظهر نتائج التحقيقات خلال عام، يؤكد شكوك سرت بين المواطنين فى أن هذه العملية تمت بأيدى أفراد حماس لصالح جماعة الاخوان المسلمين لاضعاف صورة المشير طنطاوى و الفريق سامى عنان و يؤكد ذلك عزلهم بعد أيام قليلة . وإن كانت مثل هذه الشكوك لا أساس لها من الصحة ,, فأين الجناة بعد مرور عام تقريبا؟
أمر آخر وهو هدم الأنفاق بين سيناء وغزة والتى يتسلل منها أى خارج على القانون و يتم من خلالها تهريب السولار و البنزين و عناصر الارهاب، وقد بدأت القوات المسلحة فى هدم هذه الأنفاق و بدأت أيضا فى مطاردة عناصر إجرامية فى سيناء، تم ذلك لعدة أيام، ثم توقفت العملية بأكملها و بدون إبداء الأسباب، وهنا لابد أن يتسلل الشك للجميع بأن هذا التوقف ما هو إلا تلبية لرغبة حماس، و بالرغم من أن الأنفاق مخالفة لكل القواعد و الأعراف و وجودها غير شرعى إلا أنها بذلك الشكل تنم عن شمولها برعاية الإخوان المسلمين.
(يتبع)
التعليقات