نطوف مع القسم الثاني من الكتاب في أحداث زيجات: ملتون، مؤلف الفردوس المفقود، وبوشكين وتولستوي، والكاتبة الأمريكية هارييت بتشر مؤلفة رواية "كوخ العم توم" والكاتب الأسكتلندي روبرت ستيفنسون مؤلف "جزيرة الكنز" و"دكتور جيكل ومستر هايد"، وكاترين مانسفيلد الكاتبة الإنجليزية ثم الموسيقي العظيم تشايكوفسكي وعلاقاته بالنساء. وزواج الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن ثم زواج مصطفى كمال أتاتورك، وزواج فيفيان لي من عملاق المسرح سير لورانس أولفييه، وزواج مارلين مونرو من آرثر ميللر.
تزوجت فيفيان لي من لورانس أوليفيه، وكانت في قمة شهرتها، فلمَّا تقدَّم عليها في الشهرة شعرت بالغيرة وخشيتْ أن يتزوج عليها، هذا حب من نوع غريب، حتى إنها مرضت جداً وكانت تعتقد أن مشكلتها هو لورانس، الذي كان يحبها كثيرا ويريد أن يساعدها، لكن كان العلاج أن يتركها، لأن نجاحه المستمر كان يعذبها، يبعدها عن إحساسها كزوجة، وعلى الرغم من أن لورانس أوليفيه كان يحب فيفيان لي، إلا أنه طلَّقها رغبة في راحتها.
أتاتورك، تزوج لطيفة، الفتاة التي أنقذتْ حياته وسهرتْ على راحته، وجاءته لتعرض عليه أن يعيش في قصرها، تزوجها لأنها الفتاة التي يمكن أن تقف جانبه في الشدائد، ويمكنها أن تتحمَّل من أجل أسواء الظروف.
ميلتون.. التسامح النبيل
يقع ميلتون في حب ماري ابنة صديقه ريتشارد من أول نظرة وهي أصغر منه بكثير، أحسَّ ريتشارد أن صديقه ميلتون قد وضعه في مأزق، فقد كان مقترضاً لبعض المال من ميلتون، فإن لم يقبل بالزواج؛ سيغضب وسيطالب بماله، وريتشارد لا يمتلك منه شيئًا الآن، فالحرب أفسدت كل شيء. تدخَّلـت زوجته فزادت المشكلة تعقيداً، قالت له إن ميلتون من الممكن القبض عليه فجأة، وأن هذا لو حدث، سيقبضون عليهم أيضاً لأنهم سيكونون أصهاره، لكن ماري صاحت وسط دهشة أبيها وأمها، أنها ستتزوجه رغم كبر سنه، فداخلها طموح الرَّغبة للعيش في لندن، وعاشت معه قليلاً ثم ملَّت الحياة، وتركته وحيداً، يعاني من فَقْدها، ولمَّا تغيَّرت أحوال البلاد وصار مليتون صديقاً لكروميل عادت إليه وهي نادمة، تركت حقيبتها على الأرض وأسرعت لتركع على ركبتيها معترفة بذنبها، وأنها لم تُقَدِّر مواهبه وقدراته، فسامحها ميلتون علي الفور، وأحضر لها ملابس لأن ملابسها كانت مبللة.

بوشكين ونتاليا.. العشق والسلطة
بوشكين يعاني من ضغط القيصر عليه، حتى إن القيصر زَوَّجَه من نتاليا، كان فعلاً يحبها، وكانت تحبه، لكنه لم يكن يرغب أن يكون زواجه منها بأمر من القيصر ثم بعد ذلك رغب القصير فيها، عندما سمع تانيس يصفها في حفلة بأن جمالها أخاذ، وأن الجمال كثير، لكن نتاليا جمالها خاص، ليس له شبيه في العالم، بسبب هذه الكلمات، انتبه القصير لناتليا، وأرادها لنفسه، وأشاع بنكندروف أن ناتاليا عشيقة لدانيس، وتم استدراج بوشكين لمبارزة دانيس بالمسدس، لم تتوقَّع نتاليا أن يصل الأمر سريعاً إلى هذه النهاية:
-) مالك أنت والمبارزة يا بوشكين؟ - لن أتراجع، لقد أهنته أمام الجميع، فطلب المبارزة وأنا وافقت. - أرجوك، إنها مصيدة أعدوها لك منذ زمن بعيد. - لن أتراجع.( ص 133
وانطلقت الرصاصة لتصيب قلب بوشكين فيجلس القيصر على مقعده الوثير مرتاحًا ومتنهداً. وبنكندروف يضحك حتى يهتز كرشه، لكن القيصر لم يضحك أو يبتسم، يقولون إنه حزن كثيرًا على بوشكين وإنه ردَّد: لو أطاعني لظل حياً ينشد أشعاره.

تشايكوفسكي.. الابداع أولاً
منذ أن جاءت ديزيه أرتو إلى روسيا وتشايكوفسكي مضطَّرب قلق، أحبها لكنه غير قادر على أن يَنْعم بهذا الحب، يتمنَّى أن يتزوجها، بالفعل عَرَضَ عليها الزواج؛ فوافقتْ وسعدتْ بذلك، لكن المشكلة في تشايكوفسكي نفسه، فهو يزداد كآبة كلما اقترب موعد الزواج.
ديزيه امرأة جميلة، جاءت إلى بطرسبرج مع إحدى فرق الأوبرا الإيطالية، أُعْجِب تشايكوفسكي بفنها قَبْل جمالها، لكن أمها عارضت هذا الزواج بشدَّة، فلم تكن مقتنعة به؛ فهو يصغر ابنتها بخمس سنوات.
وعارض روبنشتاين، صديقه وأستاذه؛ لأن ديزيه أرتو شخصيتها أقوى منه، حتماً ستؤثِّر على موسيقاه بعد ذلك، لكن الذي أَثَّر أكثر في عدم إتمام الزواج هو تشايكوفسكي نفسه، الذي يود أن يقترن بها ويخشى على نفسه منها، لذا؛ هرب إلى بيت أخته الريفي البعيد عن بطرسبرج دون أن يَحْسِم أمره معها.
ديزيه أرتو تركت روسيا نهائياً، عاد تشايكوفسكي ثانية إلى الأضواء، أقام الحفلات الموسيقية وانغمس في البروفات مع فرقته، بينما هو يعزف على كمانه.
ويتقابل تشايكوفسكي مع ناديا فون بيك، يُعْجَب بعزفها على البيانو، يخبرها بأن عزفها أفضل من عزف بعض المحترفين. تجلس أنطونيا، التي صارت مرافقة لتشايكوفسكي، قلقة من أجله، فمنذ أن عرف ناديا فون بيك وهو يغيب عن بيته كثيرًا، تزوج تشايكوفسكي من أنطونيا، أخذها وسافرا إلى ضيعة والده، خاصة أن حالة الأب الصحيَّة لم تسمح له بحضور الزفاف، قضيا بعض الوقت هناك وعادا. لاحظ روبنشتاين أن تشايكوفسكي غير سعيد، يتابع زوجته في ضيق، وعندما سأله عن ذلك؛ أجاب: بأنه اتضح أنها لا تجيد عزف مقطوعة واحدة من موسيقاه، واهتمامها بالموسيقي اهتمام سطحي. إنها قَيْد في عنقه، قيود كثيرة تكبلنه، لا تتركنه لحظة، لا يستطيع أن ينفرد بنفسه لحظة ولو قصيرة. أرسل تشايكوفسكي إلى ناديا فون بيك؛ يريد قرضاً بألف روبل ليستطيع السفر إلى القوقاز للراحة من عناء الزواج. فهو غير مرتاح لأنطونيا ويريد الهرب منها. حاول الانتحار. ألقى بنفسه في النهر هرباً من زوجته، لكن أحد البحارة أنقذه. أصيب بنزلة شعبية حادة. كان هذا هو آخر المطاف في علاقته بأنطونيا، الكل يلومها لتعلقها به بهذه الطريقة الصعبة، وهي أحسَّت بأن الحل هو أن تتركه، فلقد أنقذه، هذه المَرَّة، أحد البحارة، فماذا سيحدث لو حاول الانتحار ثانية؟ سيذهب إلى بطرسبرج، سيبدأ إجراءات الطلاق.

مارلين مونرو..عذاب الازدواجية
كانت تصرخ في صديقتها بينكي وهي تدق الأرض بقدميها غاضبة: إنها لا تريد أن تُحْدِثَ أثراً في السينما، كل ما تريده؛ أن تجد مالاً لتعيش ووافقت على إجراء عملية تجميل من أجل العمل، لم يهتم أحد بنورما سوى صديقتها ، توقَّعت نورما أن يرفع الطبيب الضمادات عن وجهها؛ فتجد أمامها في المرآة وجهاً مشوَّهاً كريهاً، يعافه كل من يلقاها أو يقابلها، لكن الذي حدث كان مغايراً لما خافت منه (صرخ جوني قائلا: يا له من جمال رائع. أما نورما فصاحت: - كأنني أرى امرأة أخرى غير نورما جان بيكر. قال جوني فرحاً لنجاح فكرته؛ التي طالما طارد نورما بها:- والآن، بعد أن نجحت عملية التجميل، لابد من إجراء عملية أخرى. صاحت نورما غاضبة: ماذا، أتريد أن تزيل المتبقي من أنفي؟!- لا، هذه المَرَّة، التجميل في اسمك، لقد اخترت لك اسم مارلين مونرو، ما رأيك؟) ص 228
تزوجت مارلين من آرثر ميللر، لم تكن سعيدة، كانت تظن أن هذا الزواج سيعيد لها توازنها، وأنها ستنام مثل سائر البشر دون منّوم، كانت مكتئبة وقد أصبحت من أشهر ممثلات العالم.
كانت في أعماقها تريد أن تكون أُمَّا، تصبح سيدة طبيعية تمارس حياتها، كأن هربرت هو الذي يحدد حياتها، هو الذي أمرها بألا تنجب؛ حتى لا تفقد شركته الأموال التي تدرها الأفلام، هربرت هو الذي حكم عليها بأن تكون جسداً بلا عقل أو روح. وفجأة صرخت ومزَّقت شعرها وأخذت تدفع الفراش بقدميها في جنون ذلك أدي بها إلي الدخول في حالات اكتئاب شديدة، ماتت مارلين مونرو، انتحرت، تناولت كمية كبيرة من المهدئات التي لم تكن تستطيع الاستغناء عنها، وكلها رغبة أن تستطيع العيش في هدوء كامرأة بسيطة.
التعليقات