من منا يستطيع أن يقرر إقامة محاكمة صارمة عادله لحكام مصر السابقين ابتداء من الحكم الفرعوني بكل حكام أسرتها من الاسره الأولى وحتى التاسعه عشر مرورا بخوفو ورمسيس الثاني الذي انجب ٣٠٠ ولد، وبعد ذلك يدخل عصر الأديان السماويه فيحاكم المقوقس حاكم مصر وبطريرك الاقباط وعمرو بن العاص وكاتب سر احمد بن طولون وكذلك قراقوش ولا يكتفى بالأسرة العلوية فيحاكم محمد علي باشا وأنجاله وينتقل الى رموز وطنيه فيحاكم سعد زغلول ومصطفى النحاس وعمر!مكرم ومحمد فريد ومصطفى كامل وينتهى بمحاكمه تعدل صفحات الروايه فيحاكم جمال عبدالناصر والسادات وتنتهي الجلسه دون جزء اخر.
أنه عم نجيب العبقري
أنه عم نجيب الذي لم يجرؤ كاتب على خطوه كهذه من قبل، فى سابقه فريده لم يسلط عليها الضوء، ليمكننا أن نصف الروايه بأنها ضمن قائمة أعمال لم تأخد حقها بعد ،ولم نكتشف جوانب عديدة في ثنايا أحكامها.
يقسم نجيب محفوظ مشهد يوم القيامة بأنواع النهاية والقدر المحتوم في مشهد مهيب يحضره الكاهن تحوت كاتب الآلهة فى مقدمة قصيرة يقصها أمام ايزيس وأوزوريس فى كامل هيئتهما المقدسة في قاعة العدل بجدرانها العالية المنقوشة بالرموز الالهية وسقفها المذهب حيث تسبح في سمائه أحلام البشر. اوزوريس فى المقدمة على عرشه الذهبي والى يمينه ايزيس على عرشها والى يساره حورس على عرشه ، وعلى مبعدة يسيرة من قدميه يتربع تحوت كاتب الآلهة مسندا الى ساقيه المشتبكتين الكتاب الجامع، وهو بمثابة اللوح المحفوظ الذي يضم أعمال وأفعال الملوك وأصحاب المناصب العليا في عهود مصر التاريخية أبتداء بالملك مينا موحد القطرين وانتهاء بالزعيم أنور السادات.
النهاية المحتومة لكل ملك أو حاكم لا تخرج عن أربع نهايات حية يتم تنفيذها بالحال وفي التو واللحظة، فلا حساب آخر بثواب أو عقاب بعد ذلك، فتتجلى اولى النهايات في كرسى الخالدين في العالم الاخر ونعيم الجنة الأبدي الى مالانهاية، وهناك نهاية أخرى لبعض الحكام والملوك تتمثل في الباب الغربي المفضى الى الجحيم الذي توقد منه نار الله الموصدة ، كما أن هناك نهاية ثالثة لم تعهد من قبل فى الديانات الأخرى وهي مخصصة لمقام التافهين وعديمي الانجاز فلم يستحقوا خيرا أو ثوابا بجنة الخلد ولا عقابا بنار جهنم الموقدة ، ونقف هنا قليلا عند هذه النهاية الغريبة ، فلم تألف ديانة سماوية أوغيرها فى عقاب الملوك أو أصحاب النفوذ بطرحهم في مكان للتافهين والمهمشين، لأنهم لم يحققوا خلال فترة حكمهم مايستحق كرسي الخالدين كما أنهم لم يقترفوا مايوجب الجحيم، فكان الأحرى بهم أن يمكثوا البقية الباقية من حياتهم فى نفس المكان أو الطريق الذي لن يفضي إلى شيء، وتتجلى النهاية الرابعة والأخيرة فى ترك الامر برمته إلى تزكية واجبة ووصية نافذة الى ديانته المسلمة أو المسيحية أو اليهودية لعرض الامر واتخاذ مايلزم.
تتجلى كل مشاهد الديمقراطية وإحترام حرية الفرد مع الارتقاء بكامل حقوق الإنسان في النهاية الرابعة حيث لم يكن يتخيل أن يفضى بحاكم أو ملك من الملوك إلى جنة أو نار أوحتى الى باب المهمشين وهو على ديانة سماوية جديدة غير الديانه الفرعونية التى لاتؤمن إلا بفراعينها وحكامها على مر الأزمنة ابتداء من الاٍرة الاولى، فكان الأجدربها أن يحصل الحاكم أو الملك على صك العدالة في شهادة موثقة توضح ماله وماعليه لتقر الديانة السماوية يهودية نصرانية أو اسلامية بما يتوافق مع شرائعها وفروضها ، وكأن المشهد يؤكد أن العصر الفرعوني غير قابل للتكرار كما أنه غير ملائم لغير الفراعنة.
تحتوي قائمة المحاكمة على ألمع الأسماء والشخصيات الهامة التي أثرت التاريخ المصري القديم والحديث بداية من مينا موحد القطرين مرورا بأخناتون ونفرتيتى ورمسيس الأول والثاني والثالث والرابع وسيتى الاول وخوفو وتوت غنخ أمون وأمنحتب الثانى وتحتمس الرابع والملك بسماتيك ولم تغفل قائمة المحاكمة عن العصور الاخرى فتحاكم المقوقس حاكم مصر والبطريرك بنيامين وسمعان الجرجاوي علاوه على قائدى الثورات أحمد عرابى ومصطفى النحاس ومحمد فريد ومصطفى كامل وزعيم الامة سعد زغلول وانتهاء بجمال عبدالناصر والشهيد محمد أنور السادات.
كم أتمنى أن يكون للكتاب جزء أخر لنشاهد كيف تكون النهاية .
أوجزت فابدعت فحاكمت فاسترحت يا عم نجيب .
التعليقات