إذا كانت الجرائم السيبرانية العابرة للحدود بثقلها الاقتصادي، محمولة على الشبكات الدولية للإنترنت، فهل هنالك تدابير وقائية فعّالة متخذة على المستوى الإقليمي والدولي؟ ما هي الإجراءات الشكلية والسلطات التنفيذية والمعارف والمهارات المهنية المتوفرة لدى أجهزة العدالة الجنائية التي تتعهد بالتعامل مع الجرائم السيبرانية العابرة للحدود شكلاً وموضوعاً ؟ وهل لدى المجتمعات النامية الإدراك والوعي اللازمين لمواجهة هذه الظاهرة؟
- تتجه أجهزة العدالة الجنائية التقليدية الآن نحو حوسبة عملياتها وسجلاتها. وقد انتقلت بعض أجهزة العدالة الجنائية التقليدية إلى التعامل مع مراكز الشرطة السيبرانية ونظم تسجيل البلاغات والتحقيق فيها سيبرانياً . ولعل كل ذلك مدعاه إلى تعزيز التخصصات وهيكلة نظم خاصة للعدالة الجنائية السيبرانية ، ومراجعة الموارد البشرية العاملة في هذا المجال واعدادها بما يتلاءم مع المستجدات التقنية.
- الفساد المنظم يستهدف ضمن أولوياته القضاء على هيبة أجهزة نظام العدالة الجنائية ومكافحة الجريمة والشرطة على وجه الخصوص. عليه ، فإن من أبجديات مواجهة الفساد المنظم تحصين أجهزة نظام العدالة الجنائية بحسن الاختيار والتأهيل والتثقيف والتوعية الدينية وغرز القيم والأخلاق الفاضلة في نفوس العاملين فيها ، علاوة على إشباع حاجاتهم وتهيئة سُبُل العيش الكريم لهم بالقدر الذي يفوق ما يمكن أن تقدم لهم عصابات الفساد المنظم.
- إننا نعيش في زمان من يملك المعلومة فيه هو من يملك القوة. فالبيانات ليست وجبة نتناولها عند الضرورة ونلجأ إليها ونبحث عنها في أوقات الوجبات الأخرى ، بل هي ثروة ثمينة تتكاثر بالاستثمار وتتضاعف قيمتها بقدر حجمها وسرعتها وتنوعها وحسن قراءتها وإدارتها.
- البيانات الضخمة Big Data والمعلومات الناتجة عن معالجتها لا تفيد متخذ القرار ولا تعزز الأعمال في الحال فحسب، بل هي كتب ومستودع علوم ومعارف تلجأ إليها المنظمات والشركات والأفراد بصفة مستدامة للاسترشاد بها والقياس عليها وقراءتها ومراجعتها لمواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة.
- ينتشر الآن شعور متزايد ورغبة فائقة وسط خبراء العدالة الجنائية والجمهور بصفة عامة في الانتقال من النظم التقليدية للعدالة الجنائية وسياسات مواجهة الجريمة القائمة على معاملة المذنب إلى نموذج قائم على إنصاف المجتمع وتأسيس الأمن والسلامة ، بعد النجاح الذي حققته الشرطة المجتمعية وبرامجها الإنسانية. ولاشك أن دعاة نظام العدالة التصالحية والعدالة المجتمعية ينظرون بعين الاعتبار إلى الدروس المستقاة من تجربة الشرطة المجتمعية في تفصيل برامج وآليات العدالة المجتمعية.
- إن العدالة المجتمعية المتدرجة عبر العدالة التصالحية القائمة على المجتمع هي نظرية تركز على إصلاح الضرر الناجم عن الجريمة أو المكتشف بواسطة السلوك الإجرامي ، وتتحقق في أفضل صورها من خلال إجراءات إنسانية تتعاون فيها جميع الأطراف المعنية.
- إن الشرطة والقضاء في حاجة متواصلة إلى معرفة اللغة الجديدة للتمييز بين الأدوار المختلفة التي يمكن أن يلعبها الحاسب الآلي في مجال جرائم المعلوماتية ، إذ أن معرفة اللغة الدقيقة ضرورية لتطوير فهم أعمق عن الكيفية التي يسهم بها الحاسب الآلي في الجريمة. ومع الانتشار السريع لجرائم الحاسب الآلي تتزايد حاجة رجال الشرطة والقضاء إلى فهم كيفية التمييز بين أنواع جرائم العصبيات التي بدأت تتشعب وتتعقد كل يوم. فاللغة الدقيقة وحدها هي التي تساعد رجال القانون على التعمق في استراتيجيات التحقيق وجمع الأدلة الجنائية الرقمية.
- لقد نهضت أمم وسادت حضارات ثم سقطت وبادت بفضل قوة او بسبب ضعف في استخباراتها والقرارات التي بُنيت عليها ، لذا يتطلع المسؤولون ومتخذو القرار إلى أن تكون لديهم أجهزة استخباراتية توفر لهم معارف كمية ونوعية تصف وتعرف الوضع الراهن ، ومن ثم ترسم وتؤكد شكل الظروف المستقبلية بما يمنح قرارات المسؤول ميزة وأفضلية فيما يعرف بمفهوم أفضلية القرار (Decision Advantage) حيث يكون لأحد المتنافسين معرفة أكثر من الآخر ، وبذلك يتحقق التفوق والقدرة على استباق الحدث الأمني.
- تتجه المختبرات الجنائية الحديثة نحو استخدام التقنية الرقمية في التعامل مع الأدلة المادية المعروفة كالبصمات ، الآثار البيولوجية وغيرها ، عليه من باب أولى الاتجاه نحو تطوير استخدامات الأدلة الجنائية الرقمية باعتبارها أداة المستقبل لتحليل الأدلة المادية وكشف الجرائم السيبرانية.
التعليقات