إذا أردت معرفة مدى تقدم أمة فانظر إلى ما يقاس عليه رقي شعبها .... عندما تشاهد أفلام الأبيض والأسود .... والأعمال التليفزيونية القديمة ستجد أن طريقتهم في توصيل فكرة الرقي والتمدين والثقافة ... في الحديث اللبق ... وطريقة المشي المستقيمة ذات الخطوات الثابتة ... والملابس المهندمة الكلاسيك ....
ومع مرور السنوات وتغير صيحات الموضة ... ومرورها بتغيرات جذرية مثلما حدث في سبعينات القرن الماضي .... تغيرت جميع الأسس والمعايير .... فأصبح الراقي المثقف المتمدين هو من يغمس حديثه بالألفاظ النابية ومن يمشي متبخترا لافتا نظر كل من يراه مرتديا لعنة ما يسمى باللبس الكاجوال .... هكذا أصبح الشخص المتمدين وهكذا يفتعل الإنسان البسيط للتشبه به .... فأين كنا وأين أصبحنا؟؟؟
ويظهر الفرق بصورة أوضح عند الشجار .... حيث تتعالى الكلمات كاللكمات صوتا ومعنا فلا أوقح ولا أبشع منها .... وإذا فهم أحد الأطراف أن من أمامه لا يستخدم هذه الألفاظ سيستغل هذا أسوء استغلال .... فعندما يعجز عن الرد واستكمال الشجار .... لأسكب على من أمامه وابلا من الكلمات المسيئة ليسكته .... ثم يمشي سعيدا بانتصاره .... متباهيا بنفسه مرددا كيف لم يستطع من أمامه مجاراته والرد عليه ويكأنه خاف منه ....
"لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه." صدق رسول الله (ص) .... فبغير السماحة وطيب خاطر لا يحل لك ما لغيرك ولو كان صمته .... أن تكسب في مناقشة .... أن تصمت من أمامك مستغلا لحيائه .... لصفة جميلة تميز بها الأنبياء والرسل .... أمر غير هين عند الله سبحانه وتعالى ....
وإذا نظرنا من ناحية أخري .... ناحية السخرية والهزار فليس الغرض منها هو الظلم والإيذاء .... بل الضحك والتسلية....
" إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم." صدق رسول الله (ص) .... فما دمت غير ناسيا ولا تلفظت بلفظ عن طريق الخطأ أي في كامل وعيك .... فكل كلمة تنطقها تؤجر عليها ... تُكتب حسنة أو سيئة .... كل لفظ سيء لفظته عن عمد قاصدا به إحراج أو إسكات أو لفت نظر أو حتى في سبيل الهزار فهو حرام شئت أم أبيت ...
وهل يوجد في الدنيا ما يستحق أن تستغني به عن الآخرة ؟؟؟ .... ألا تستحق آخرتك أن تفكر قبل كل كلمة تلقيها ؟؟؟ آخرتك التي وُجدت في الدنيا للعمل لكسبها ... مع استمتاعك بما أُحل فيها .... فإذا أصابك الشك ولو قليلا أنها ستُفهم خطأ فاكتمها .... فارحم نفسك قبل غيرك .... فغيرك خسارته بسيطة أما أنت فخسارتك كبيرة .... ألا تستحق أن تسير في حياتك القصيرة مهما طالت بجانب الحيط؟؟ .... أن تسير في الجانب الآمن من الطريق إلى أن تصل إلى بر الأمان .... هل أصبحت الآخرة ومثواك فيها أمرا هينا لدرجة أن تمشي في الدنيا متبخترا كل هذا التبختر؟؟
لا يصح إلا الصحيح .... لا تخجل من كونك رافضا لتقاليع الموضة المليئة بالذنوب فلست من يستحق الخجل .... أنت من يجب أن يُقلد .... أنت هو الصحيح .... أنت هو المستقيم .... عندما يكون لك حدود لا تتخطاها .... مبادئ لا تنساها .... فأنت من يستحق العيش بسلام .... أنت من يستحق الحب والاحترام والتقدير ....
ستتعدد أشكال الناس بطبائعهم بآرائهم .... ولكن لم يحدث في الأمس ولا يحدث اليوم ولن يحدث في الغد .... لن يكسب في الدنيا والآخرة إلا كل هينٍ لينٍ سهل .... مهما طالت الدنيا ومهما تعددت الآراء .... فالله واحد وكلامه واحد وكتابه واحد ....
التعليقات