اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، ساحات المسجد الأقصى، يوم الثلاثاء الماضي، برفقة عدد من المستوطنين وسط حراسة أمنية مشددة للشرطة الإسرائيلية، ينذر بحقبة جديد أشد عنفا وتطرفا وعنصرية ضد الفلسطينيين، بعد تشكيل أكبر حكومة متطرفة في إسرائيل، وسط صمت عالمي مريب تجاه أقدم احتلال في العالم وأكثر نظام عنصري يشرعن التمييز العنصري من خلال قوانين وافق عليها الكنيست مؤخرا.
لو حدث ذلك في أي دولة أخرى لقامت الدنيا ولم تقعد على حد وصف بعض المسئولين الإسرائيليين أنفسهم، ومنهم وزيرة الاستيعاب والهجرة المنتهية ولايتها، بنينا تمنو شاطا، التي قالت: (لو أن قانوناً واحداً من القوانين العنصرية التي يجري إقرارها في إسرائيل، تم إقراره في أي دولة في العالم لكنا أقمنا القيامة على تلك الدولة ووجهنا لها الاتهام بالعنصرية). اما لو حصل مثل ذلك في دولة مسلمة لتم تثوير العالم كله ضد ما يصفونه بـ(الإرهاب والتطرف الإسلامي)، بينما لا أحد يتحدث عن التطرف الإسرائيلي، ولم نجد من يصف اعتداء المستوطنين اليهود على الفلسطينيين بأنه (إرهاب يهودي) على غرار ما يحدث عند قيام بعض المسلمين بأحداث عنف حيث يتم وصفهم بالارهاب الإسلامي في تعميم ظالم على اكثر من مليارين مسلم.
العجيب ان هذا التطرف الشديد تجاوز الجماعات غير الرسمية، الى المشاركة في الحكومة الإسرائيلية الأخيرة، مثل تولي بن غفير، منصب وزير الأمن القومي (المسئول عن الشرطة) الذي يتبنى سياسات مناهضة للعرب وسبق إدانته بدعم جماعة إرهابية يهودية كما دعا إلى إطلاق النار على الفلسطينيين.
أما الأعجب هو الصمت العالمي عن هذا التطرف الشديد على الرغم من اعترف اليهود انفسهم به سواء داخل إسرائيل وخارجها بل هدد بعض قادة اليهود الولايات المتحدة بمقاطعة إسرائيل. ففي أعقاب إقرار سلسلة من القوانين العنصرية في الكنيست الاسرائيلي وإلغاء القانون الذي يمنع العنصريين من الترشح لعضوية الكنيست، اتسعت دائرة المعارضة لهذا التوجه المتطرف وللحكومة بقيادة نتنياهو. حيث هاجمها وزير القضاء الأسبق دان مريديور وعدد من المسئولين الإسرائيليين السابقين، وانضم لمعارضتها قادة ليهود الولايات المتحدة، الذين حذروا في اجتماع عُقد مؤخراً بالسفارة الإسرائيلية بواشنطن من أن الخطوات العنصرية والمتطرفة تنفذها الحكومة الإسرائيلية الجديدة، برئاسة نتنياهو، ستلحق ضررا كبيرا بتأييد اليهود الأميركيين لإسرائيل. وأعلنت «منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام» بالولايات المتحدة، عن حملة لمقاطعة حكومة نتنياهو. وداخل إسرائيل أصدر 78 قاضياً متقاعداً بياناً يحذرون فيه من سقوط سلطة القانون في إسرائيل . ووصف رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية، يائير لبيد، هذه القوانين بأنها «أكبر تدهور أخلاقي يقود إسرائيل لتكون دولة ظلامية».
ومن بين هذه القوانين العنصرية، قانون يسمح للطبيب برفض علاج مريض «بشكل يتناقض مع مبادئه الدينية». ويتيح ذلك لأي طبيب إسرائيلي أن يرفض علاج مريض عربي. و قانون يعطي امتيازات لليهود لشراء الأرض بأسعار رخيصة في النقب والجليل بهدف تهويدها وتوسيع قانون «لجان القبول» في البلدات اليهودية الصغيرة لمنع العرب من السكن فيها، و قانون القومية الذي أقر تطوير البلدات اليهودية فقط، وقوانين تعطي امتيازات لدعم التعليم البلدات اليهودية، ولا يشمل البلديات العربية.
هذا يعني اننا في انتظار«حريق شامل تعده حكومة نتنياهو ضد المواطنين العرب في إسرائيل »على حد قول رئيس لجنة المتابعة العربية العليا محمد بركة.
وكل ذلك يعطي الغطاء لتزايد الممارسات الإرهابية التي يقوم بها المستوطنون ضد العرب سواء كانوا مسلمين او مسحيين مستهدفين ارضهم وبيوتهم ومقدساتهم فلم يقتصر العدوان اليهودي المتطرف عل الاقتحام اليومي للمسجد الأقصى، وانما يجرى العدوان على المقدسات المسيحية ايضا حيث بادرت مجموعات من المستوطنين اليهود، بالاستيلاء على أرض تابعة لوقف الكنيسة الأرثوذكسية بالقدس خلال الاحتفالات بأعياد الميلاد.
أما المفارقة الكبرى فتكمن في هذا الصمت الدولي تجاه إرهاب الدولة التي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني حيث يقتل الأطفال والصحفيين وتهدم البيوت وتصادر الأراضي وتندس المقدسات، بينما تصاعدت الموقفة الدولية المنددة لمقتل فتاة واحدة على يد الشرطة في ايران، وهو أمر بشع ولكن الأبشع منه هو الصمت على جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني!
التعليقات