فكرتك عني شيء ما في مخيلتك، أما حقيقتي فتلك شيئًا آخر، أنت لست مجبرًا على تغيير فكرتك عني، وأنا لستُ مجبرًا على تغيير حقيقتي.

جملة قرأتها مؤخرًا تحمل ثمارًا طيبة لم تقطف بعد. أين نحن من تلك الكلمات الباعثة للصدق الملهمة للجمال والموحية بكل معاني الوَجْد.

شاع مؤخرًا وظيفة مستحدثة تعرفها كل السيدات يطلق عليها makeup artist أو ما يسمى بخبيرة التجميل أجرها من بضع مئات إلى عدة آلاف من الجنيهات، ولكن حلاوة روحك يا سيدتي ما تبقيك نضرة بهية بأقل القليل من التجميل.

اختبرنا جميعًا أنواع عديدة من مستحضرات التجميل، لكني لم أجد أفضل من نقاء السريرة كأكثر مادة فعالة تضفي أريحية الحياة على وجهك.

خلقنا جميعًا منقوصين محتاجين لعكاز تستند عليه قلوبنا الصغيرة المكدسة بالعوز والرجاء. 

من منا لا يبحث عن كلمة ملهمة يصنع بها يومًا مختلف؟ من منا لا يصحو يوميًا ليجد طريقه غير ممهد مُنْتَقَص من السلام؟ ومن منا يفتقد في دنياه مشهيات النِعَم؟

كلنا عُلِّمنا أن العمر يأخذ من جمالنا، لكني أؤكد لك يا صديقي أن عمرك هو وسيلتك الفعالة لستار أكثر جمالا. 

حُسن الوجوه هو ماء الروح النقي تتشربه ملامحنا حتى يطالها الحسن والبهاء.

عمرك هو تجاعيد السعادة التي أخرجتك من أزماتك منتصر، هو خطوط الرضا الذي يرتسم على حنايا وجهك فيُجَمِلْه، وهو قسمات التوكل على جبينك التي يُستدل من خلالها على أثرك الحلو كلما اقتربت من الناس، وهو أيضًا صبرك الجميل حتى زوال الابتلاء.

هناك مواقف تمر على أعمارنا يتغير بعدها كل شئ. قد تَزهد وقد تُزهر، الأمر منوط بطريقة مداوة قلبك وترميم روحك وإعادة بناء ثقتك بنفسك.

لن يستثنى أحد من الإختبار، فلا تكن مغترب في دنياك. تقبل أقدارك وتجاوب مع آلامك وضمد روحك فلعلك تنجو؛ وكلنا ننجو ما لم يكن الأجل قد حان موعده.

الأصل في الحياة أن تكون سعيد وأن يصبح ذلك قانونك المُلزِم. استمسك به والتمس لنفسك أعذارًا حتى الصباح، فإذا طلع عليك النور أمِّن فؤادك بفجر جديد.

لا شئ سيبقى لا شئ يستمر، كل ما أصابك يتغير فلتحمل تجاعيد الرضا والأمل أشرعة واقية من لهيب الأقدار.

معظم مخاوفنا لا تتحقق، أما آمالك التي تسعى عليها باجتهاد كل يوم، فهي المتعة الآمنة في دنياك، يتوجب عليك رعايتها والإبقاء عليها.

استمتع برحلتك فإن مسافة الطريق يختصرها الحاضرون بجانبنا.

أُدرك اليوم أنه طريقي وحدي وسأقطع مسافته مجبرًة سواء أحببت ذلك أم كرهت لست خائفًة ولا مترددًة. سأقطع مسافته التي لا اعلمها بكل ثقة ولن أبالي بكل ما قد يعترضني.   ستغدو خطواتي أكثر ثباتًا بعزيمة مسلحة لا تنثني،  سأمضي ولن أُقهر  ولن أتذمر من المشقة، فهذا ما يأخذ بناصيتي إلى بر آمن مهما طالت الأيام والسنون. 

قد يخالط قلبي القلق والرجاء وقد يختلط في نفسي الشَجْو والانشراح، ولكن سيلهج صدري بعد الوجوم دومًا بالدعاء.

لكل سفينة ربان ومساعدين وأطقم للإبحار وأجهزة استشعار وأقمار صناعية، فلا تفقد الأمل مهما كانت العواصف فبعد كل ذلك ستبقى هناك قوارب وعوامات للنجاة. 

كل شجرة تموت تُخَلِف ورائها آلاف البذور فتبقى البساتين وتثمر الزروع ويبقى للماء دور وللشمس وظيفة وتستمر بذلك دورة الحياة.

ستمضي كل أحزانك، تتقلص كل يوم وباستمرار حتى تظن في أحد الأيام أن حزنًا لم يمر بك وأنك ولدت ولازلت ترفل في النعيم.

أتدري يا صديقي كيف تصبح كذلك؟ فقط انتظر الوصول الآمن، انتظر انقشاع الغُمة وترقب موعد السعادة. أكِد لنفسك كل يوم أنك على موعد مع المَسَرَّة.

ستعلمك الحياة أنها لا تقف على أحد وستجد نفسك تستطيع العيش بالجميع، وبالبعض، وحتى بدونهم؛ أنت تكفي لصناعة قدرك الجميل.

بالقطع وقولا واحدًا لك موعد مع السعادة، فالأصل أن تحيا وتسعد، أن تتقد وتُزهر وأن يتمخض منك كل جميل.

لا تتجمل بل ارضى فلك موعد قريب تلتقي بسعادتك وتلتصق بأصحاب القلوب الغضة؛ وكما هي الجنة في السماء بيدك تبني جنتك الحلوة على الأرض.