من أكثر أعراض علاج مرض السرطان شيوعا هو القيء المستمر وما يسببه من هزل للجسد وفقدان للوزن .... يحدث هذا علميا بسبب العلاج الكيماوي حيث يتعرض المريض في بداية علاجه من المرض بهذا العرض بعد الخضوع إلى جلسة الكيماوي مباشرة .... ولكن بعد فترة من العلاج وكثرة الجلسات .... يبدأ هذا العرض مبكرا .... حيث يشعر المريض بالغثيان بمجرد دخول الغرفة ورؤية أدوات الجلسة .... تم التوصل الآن لعلاج لهذا العرض .... ليس علاجا للقيء نفسه بل علاجا للشعور عن طريق تغييب العقل ..... لأن الأمر تحول من عرض مرضي إلى عادة ....
سيطر العقل الباطن على العقل الواعي .... اعتاد على أن هذه الغرفة تسبب القيء .... وليس الدواء.
العقل الباطن لا يفسر ولا يمنطق فهو يأخذ ما تريد زرعه به ويبدأ في تنفيذه فورا .... وعلى الرغم من سهولة السيطرة عليه فإن الغفلة عن دوره وقدرته على السيطرة تؤدي إلى الكثير .... لأنك تزرع به بدون إدراك ....
أنت من تقنع نفسك بأنك لا تحب تناول السمك وأن اللبن يشعرك بالغثيان .... وأنك عصبي جدا .... وأنك لا تطيق الانتظار .... وأنك لا تحب القراءة وأن المذاكرة في النهار بالنسبة لك غير مجدية .... وأنك شخص هوائي يتغير مزاجك بصورة دورية .... وأنك .... وأنك ....
هذه ليست بحقيقتك ولا بحقيقة أي شخص آخر .... فالإنسان كالصلصال يشكل نفسه كما يساهم غيره في تشكيله .... " كذب الكذبة وصدقها " هي حقيقة نعيشها في كل لحظة .... فعندما تكرر تبريرك المستمر لخطأ ما يبدأ من حولك في التصديق تدريجيا ثم في النهاية تصدق أنت هذه الكذبة ....
لا أحد يحب كل أنواع الطعام بشكل متساوٍ .... فمن يأكل كل ما يؤكل ومن يشرب كل ما يشرب .... لديه ما لا يحب طعمه ولا يتلذذ بتذوقه ولكنه يتناوله لمجرد التناول .... وأنت تختار ما تأكل لأنك فقط تحب التلذذ بكل شيء في حياتك وهذا منافٍ لطبيعة الحياة ....
هناك من يحب كونه هوائيا وهناك من يحب كونه عصبيا لحبه في معاملة من حوله له في هذه الحالة .... يتجنبون إغضابه لأنه عصبي .... ولا يتوقعون منه التزاما ويغفرون له خطاياه لأنه هوائي ....
وهذا ليس كذبا متعمدا منك بل حقيقة أردتها بداخلك فكانت .... فالعقل الباطن لا يفسر ولا يمنطق فلا يهمه إذا كان السبب حقيقيا أم زائفا ....
مع زيادة الوعي الحالي تجاه الطب النفسي وضرورة الاهتمام به .... وجدوا أن العديد من الأمراض الجسدية سببها نفسي .... تساقط الشعر .... بقع وتقرحات والتهابات في البشرة والجسم .... هزل وألم بدون سبب طبي .... الضغط والسكر .... والعديد من الأمراض الخطيرة كالسل والسرطان .... وإذا كانت حقيقة أن السبب نفسي غير مؤكدة فمن المؤكد أن للحالة النفسية للمريض أثرا في سرعة الشفاء والاستجابة للعلاج ....
لذا وجب التخلص من جميع المشاكل النفسية القديمة والجديدة .... الأمل والحب والجمال والسلام والرغبة في البقاء أشياء يجب أن تبث في النفوس المنهكة يوما بعد يوم ....
صحيح أن كلام ونصائح التنمية البشرية التي من قبيل "حب نفسك فأنت تستحق!" .... أصبحت أضحوكة يتغنى بها الشباب لتفاهتها أمام ما يلاقونه من صعاب من وجهة نظرهم ... ولكنها نصيحة تحمل الكثير من المعاني .... فحديثك مع نفسك بأن كل هذا القلق والتوتر ليس بمنقذ بل بمدمر ومسيطر ليس بهراء .... أن تقول أن الحياة أبسط وأجمل ليس بهراء .... لا أحد يقول لك أن صحتك النفسية أهم من حياتك الدراسية أو العملية .... لأنك بدونهما لا شيء .... أن تسعي وتدرس وتعمل كل يوم وكل ساعة لا يعنى ضرورة إهمالك لصحتك النفسية بحجة أنك مرهق ....
فمثلما حصولك على الدرجة النهائية في الفيزياء في الثانوية العامة مع فقدان درجات كثيرة في باقي المواد لا يؤهلك لدخول كلية الطب .... فإن اهتمامك بشق واحد في حياتك لن يوصلك إلى طريق الفلاح .... فالتطور مطلوب في كل جانب من جوانب حياتك.
" تذكرت الآن عندما أكلت اللوبيا في عمر العشر سنوات تقريبا .... وبعدها أصبت بألم شديد في الرأس .... ظننت وقتها أنه بسبب اللوبيا و بقيت سنوات وأنا أكرهها بحجة أنها تصيبني بالصداع .... إلى أن اكتشفت أنها كانت مجرد صدفة .... ولكنى آمنت بها."
التعليقات