بادئ ذي بدء يٌمثل تكافئ الفرص بإستخدام التكنولوجيا ووصولها لجميع أفراد المجتمع من القضايا الهامة التي أولت الحكومة توفيرها لمواطنيها، خاصة ونحن نعيش في ظل عصر رقمي أصبحت التقنيات فيه تجتاح حياتنا اليوميّة، ويعد الوصول الرقمي حقٌ للجميع، يشمل سكان المُدن والقرى النائية، وكذلك الأشخاص الأصحاء جسديا وذهنيا وذوي الاحتياجات الخاصة وهو مصطلح أكثر قبولًا لما يحمل في طياته من مراعاة للجوانب الإنسانية والنفسية، وينظر لهم من جميع الجوانب، ويستغل نقاط قوتهم للتغلب على نقاط ضعفهم.
فقد عرف ريبيل (Ribble,2011,45) الوصول الرقمي بأنه: "المشاركة الإلكترونية الكاملة في المجتمع". فالتكنولوجيا توفر فرصاً لعدد كبير من الأشخاص للتواصل والتفاعل بسرعة كبير, وتتيح القدرة للجميع في جميع الأماكن سواء بالمنازل أو المدارس للوصول الرقمي.
وحري بنا التطرق في هذا المقال إلى فئة خاصة من المجتمع التي كان ولا بد أن نوليهم جل اهتمامنا ألا وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وأبراز حقهم في استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجالاتها المختلفة، ولعل من المناسب أن نشير إلى أهمية التركيز على هذه الفئة المجتمعية التي أولت البلدان العربية عناية خاصة بهم؛ من حيث توفير متطلباتهم من خدمات واحتياجات تراعي ظروفهم الخاصة، ولأن الاهتمام بتلك الفئة يعد جانباً هاماً، ومطلبا سياسيا عملاً بمبدأ تكافئ الفرص في الحقوق والواجبات لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يمثلهم من لا يستطيعون مُمارسة حياتهم بشكل طبيعيّ دون تقديم رعايةٍ خاصّة لهم نتيجةَ وجود قصور فكرياً، أم عصبياً، أم حسياً، أم مادياً، أم مزيجاً من هذه الحالات كلّها بشكلٍ دائم، بالإضافة إلى حاجتهم لخدمة تفوّق الخدمة المُقدّمة لأقرانهم من نفس العُمر.
ومما لا شك فيه هم أفراد يعانون نتيجة عوامل وراثية أو بيئية مكتسبة من قصور القدرة على تعلم أو اكتساب خبرات أو مهارات وأداء أعمال يقوم بها الفرد العادي السليم المماثل لهم في العمر والخلفية الثقافية أو الاقتصادية أو الإجتماعية.
والجدير بالذكر فإن الحكومات حرصت على العناية بهذه الفئة وتلبية متطلباتها العلمية والمعرفية وربطها بالمستجدات الحديثة في هذا المجال والمرتبطة بتكنولوجيا التعليم، والتي ساهم وجودها في تقديم الكثير من الرؤى المستقبلية والبرامج والخدمات الخاصة وتقديم محتوى تعليمي يتماشى مع امكانياتهم وظروفهم الصحية والعقلية الأمر الذي سهل عملية دمجهم في المجال التعليمي، حيث استطاعت فصول الدمج التي أوجدت في عدد من المدارس الحكومية بالبلدان العربية توفير بيئة ملائمة للتعلم دون تمييز وفصل بين الطلاب الأسوياء وذوي الاحتياجات الخاصة.
ولا يفوتنا أن ننوه لمتطلبات التعليم الإلكتروني لهذه الفئة كان لزاماً على المؤسسات التعليمية بمستوياتها المدرسية والجامعية توفير وسائل تكنولوجية تتناسب مع هذه الفئة من الطلبة والذي يعتبر حق من حقوقهم مساواة بأقرانهم، وتأهيلهم حضارياً للمجتمع؛ لأنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى يمكن أن تعوق مسيرة الأمم من منطلق أن ذوي الاحتياجات الخاصة يمثلون نسبة لا يستهان بها، ولا يقتصر الحال على الطلبة بل شَمَلَ ذلك موظفين من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أصبحوا يشاركون أقرانهم الموظفين بالقطاعين العام والخاص، وهذا ما سعت الحكومات إليه حيث وَفَرَتَ كل الوسائل التكنولوجية التي تتناسب مع ظروفهم الخاصة وبيئات عملهم.
واستخلاصاً لما سبق يمكننا وضع بَعْض النقاط التي يمكن الأخذ بها سواء كان ذلك على مستوى التعليم المدرسي أو الجامعي من حيث الاهتمام المكثف بهذه الفئة في المجال التكنولوجي كتوفير الوسائل التي تتناسب مع نوع القصور سواء أكان حسياً أو عصبياً أو فكرياً وغيرها وتوجيهم وتدريبهم على الاستخدام الأمثل والسليم لهذه التقنيات، والمساواة بينهم وبين أقرانهم دون إحساسهم بالفروق أثناء تعاملهم واستخدامهم لهذه التقنيات، بالإضافة إلى خلق الفرص لتهيئتهم لظروف عملهم المستقبلي بما يتناسب تكنولوجياً مع طموحهم العلمي والعملي.
وتنطوي وجهة النظر في جانب موظفي ذوي الاحتياجات الخاصة من حيث توفير كل ما يتناسب مع البيئة العملية الخاصة بهم مع ضرورة توفير الوسائل التكنولوجية الحديثة المتنوعة من أجل خلقِ جوًّ عمليًّ مملوءٍ بالعطاء.
التعليقات