يقال فاقد الشيء لا يعطيه ويقال أيضا فاقد الشيء يعطيه وبقوة لأنه من ذاق ألم الحرمان منه ..... إذا نظرنا إلى تاريخنا كعرب نجد الكثير من فترات الاستعمار والاحتلال التي تعرض لها الكثير من الدول العربية .... الاحتلال الفرنسي، الاحتلال البريطاني، الغزو العثماني الذي تم ذكره وتدريسه في كتب التاريخ تحت عنوان الفتح العثماني لمصر ولكنه كان استعمارا بكل ما تحمله الكلمة من معنى .... فالفتح غرضه دخول الإسلام إلى البلاد التي لم يدخلها الإسلام فقط .... ويعتبر أقسى احتلال تعرضنا له على مر التاريخ حيث تم عزل الشام ومصر عن العالم لما يقارب ال ٣ قرون .... دخل فيها الشعب إلى حقبة زمنية مظلمة لا علم ولا علماء ولا حرفيين يسمح لهم بالبقاء في مصر والشام .....
مشاهدة عمل درامي أو فيلم سنيمائي عن تلك الفترات قادرة على إدراكك لصعوبة تلك الفترة على من عاصروها .... فقر وجهل ومرض وموت يتعرضون له إذا طالب أحدهم بشيء من حقه في الأساس ..... كان الأمر صعبا لدرجة تجعلك تظن أنك ستسعد إذا رأيت هذه الدول المغتصبة محتلة ومهان شعبها .... ولكن على نقيض ذلك عندما شاهدت عملا دراميا يوثق فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى حيث تقسيم الإمبراطورية العثمانية على دول الحلفاء ودخولهم إسطنبول وأنقرة وإزمير وأنطاكيا ..... ليعيش الشعب التركي الفقر والجهل والمرض حيث قامت القوات الفرنسية بمنع دخول الأطفال الأتراك إلى المدارس .... ليعاني الأتراك ما عانى منه العالم بأسره من ظلم وبطش الإمبراطورية العثمانية لما يقارب ال ٦٠٠ عام ..... ليقضي على كل هذا مصطفى كمال باشا الملقب بأتاتورك أي أب الأتراك .... حيث قاد الحركة الوطنية وحرب الاستقلال إلى أن استطاع أن ينفي من تبقى من الأسرة العثمانية مع قيام الجمهورية التركية ليصبح أول رئيس لتركيا .....
لن تشعر بالفرحة برؤيتك لهم وهم يتعذبون بل ستشعر بالسعادة عندما ترى فرحتهم بالحرية والاستقلال .... فأنت لست ضد نظام حكم بعينه أنت لست ضد المملكة أو الإمبراطورية أو السلطنة بشكل عام فأنت تكره الظلم والعبودية وتحب الحرية .... لأن الحرية هي أبسط وأغلى حق للإنسان ....
في ذكرى ثورة ٢٣ يوليو تجول الأفكار في أذهاننا كثيرا .... حياتنا الآن لو لم تقم تلك الثورة!!!!! ثورة ٢٣ يوليو كانت نهاية الاستعمار .... بداية جديدة .... لقاء مع الحرية .... أصبحت مصر جمهورية بقرار وانتفاضة من شعبها هزت بأرجاء مصر كلها ..... شعبها الحر الذي كان يحتل ليثور ويتحرر .... ثم يحتل ليثور ويطالب بحريته من جديد .... هذا هو الشعب المصري الذي عرف عنه عشقه للحرية منذ قديم الأزل .... عشقه لحريته وحرية غيره ... النضال والحرب من أجل حريته والحرب من أجل حرية الآخرين مثلما حدث في حرب فلسطين ....
أنت ولدت حرا ولكن هذه الحرية التي تمتلكها الآن دفع ثمنها غيرك .... دفع جهده وروحه ليكفل لك حياة مستقرة حرة .... فلا تتخلى عنها بسهولة .... لا تسمح بسلب حريتك منك وأنت غير منتبه .... فالحرية حرية فكر وتعبير وقرار .... فكونك في دولة حرة لا يكفي لتصبح حرا ....
"لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا فوالله الذي لا إله إلا هو لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم .... "
هكذا جاء رد الزعيم الراحل أحمد عرابي على إهانة الخديوي توفيق له رافضا مطالب الشعب "كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا."
التعليقات