هذه ثلاثة مشاهد من قلب الحياة، ربما تؤدب فعلك وتُهّذب رؤيتك وتُصلح مسارك...
(نهار / خارجى)
الطموح إذا تحول إلى أطماع صار مصيدة ومهما سعيت لاصطياده ستكون أنت الصيد الثمين وإن كنت لا تصدق؟! إليك هذا المشهد.. ذهب صديقان فى رحلة استكشافية هدفها الرزق من صيد الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة ووضعها فى حقيبته ونهض لينصرف.
فسأله الآخر: إلى أين تهذب يا صديقى؟!.
فأجابه الصديق: إلى بيتى، لأنى اصطدت ما يكفينى.
فرد الآخر: انتظر قليلاً لتصطاد المزيد من الأسماك مثلى.
فسأله الصديق: ولماذا أفعل ذلك؟!.
فرد الآخر: عندما تصطاد الأكثر يمكنك أن تبيع الباقى.
فسأله الصديق: ولماذا أفعل ذلك؟!
فقال له: كى تحصل على المزيد من المال.
فسأله الصديق: ولماذا أفعل ذلك؟!
فرد الآخر: حتى تدخر وتضاعف رصيدك فى البنك.
فسأله الصديق: ولماذا أفعل ذلك؟!
فرد الآخر: لتصبح ثرياً.
فسأله الصديق: وماذا أفعل بالثراء؟!
فرد الآخر: كلما تحصلت على المال وادخرته وضاعفته تستطيع فى يوم من الأيام عندما تكبر أن تستمتع بوقتك مع أولادك وزوجتك.
فقال له الصديق العاقل: هذا هو بالضبط ما أفعله الآن ولا أريد تأجيله حتى أكبر ويضيع منى العمر فى تحصيل واستحواذ ومضاعفة...
(ليل / داخلى)
المشاعر النقية تسمو فوق الغرائز والرغبات وتصل إلى القلوب الصادقة بسهولة ويسر يكتمل معه الحب وإن كنت لا تشعر، إليك هذا المشهد.. كانت جالسة تلك الرقيقة الحالمة كعادتها فى المقهى المجاور لمنزلها الوردى حتى آتاها النسيم العليل بما تتمناه يوماً.
وقال لها: تفضلى قهوتك الصباحية.
ردت عليه: شكراً لك، إن رائحتها طيبة.
ثم قال: لكن هذا ثالث فنجان قهوة أحضره لكِ ولا تشربيه.
قالت: لأنى لا أشرب القهوة.
فقال: ولماذا تطلبينها إذن؟!
قالت: وما شأنك أنت.
فقال: أنا أعمل هنا فى هذا المقهى، لكنى أدرس معك فى نفس الجامعة ولم تلاحظيننى، أنا أتابعك بشدة وأراقبك دائماً.
قالت: ولماذا كل هذه المتابعة والمراقبة؟!
قال: أشعر أنك غريبة الأطوار، متقلبة المزاج، تضحكين فجأة وتحزنين أخرى، وإذا حاول الآخرون الاستهزاء بك أو السخرية منك أُدافع عنك وأنت لا تعلمين.
قالت: ماذا تقول؟!
قال: إنها الحقيقة، أنا لا أشعر بالاطمئنان إلا فى وجودك، أحببت المقهى بسببك ويكفينى تقديم قهوتك وسامحينى.
قالت: أسامحك على ماذا؟!
قال: لأنى أراقبك وأتابعك كل ليلة.
قالت: حسنا، لنعود إلى موضوعنا الأساسى.
قال: لم يكن هناك موضوع سوى اعتراضى.
قالت: ألم تسألنى لماذا أطلب القهوة ولا أشربها؟!
قال: نعم قلت ذلك.
قالت: وإليك اعترافى، أنا لا أحب القهوة ولكنى أطلبها كى آراك.
(الختام)
غافر السيئات كريم الروح، وساتر العيوب عزيز النفس، فإن كنت ترى وتسمع فلا تتكلم، لأن التغاضى عن التجاوزات من شيمة النبلاءوإليك هذا المشهد خلال حفل زفاف شاهد أحد الحضور معلمه الذى كان يدرس له فى المرحلة الابتدائية قبل نحو 35 عاماً فأقبل عليه بلهفة واشتياق وشىء من الخجل والخزى..
وقال له: هل تذكرنى يا أستاذى
فأجاب: لا يا بنى، سامحن
فقال الطالب بصوت خافت: كيف لا وأنا ذلك الطالب الذى سرق ساعة زميله وحين عُلِمَ الأمر طلبت منا أن نقف جميعاً ليتم تفتيش جيوبن
وأضاف الطالب: حينها أيقنت أن أمرى سينفضح أمام التلاميذ والمعلمين وأكون محط سخريتهم وأتحطم إلى الأبد
وعقب المدرس: وما الذى حدث وقتها، فكرنى
أكمل الطالب: أمرتنا أن نقف صفاً ونوجه وشوشنا للحائط ونغمض أعيننا تماماً وفتشت جيوبنا جميعاً حتى جاء دورى وسحبت الساعة من جيبى وواصلت تفتيشا حتى آخر طالب ثم عدنا إلى مقاعدن
وسأل المدرس: وماذا فعلت بعدها، أخبرنى
أجاب الطالب: أظهرت الساعة وأعطيتها للتلميذ المسروق دون أن تذكر اسم الطالب الذى وجدتها فى جيب
واستفسر المدرس: وهل انتهت الواقعة على ذلك
رد الطالب: نعم والغريب لم تحدثنى أو تعاتبنى أو تكشف أمرى لأحد طوال سنوات الدراسة ومنذ ذلك الحين قررت ألا أرتكب مثل هذا الفعل ما حيي
طبطب المعلم على ظهر تلميذه وابتسم قائلاً: الآن أتذكر وبالفعل تعمدت أن أفتشكم وأنتم مغمضو العيون حتى لا يجرح أحدكم الآخر فى العيان ولكن الذى لا تعلمه أنى فتشتكم وأنا أيضاً مغمض العينين ليكتمل الستر على الفاعل ولا يترسب فى قلبى شىء ضده.
(تمت)
التعليقات