في ظل التغيرات المتسارعة والآثار السلبية المترتبة على ما يمر به العالم من صراعات سياسية و أوبئة و كوارث طبيعية
تسعى الدول العربية كغيرها من بقية دول العالم المتقدمة و النامية علي حد سواء لمواكبة التطورات الاقتصادية العالمية و في نفس الوقت محاولة التعايش وسط تلك التغيرات العالمية و تحدياتها و آثارها من تراجع في النمو الاقتصادي و إرتفاع معدلات البطالة و غيرها.
ورغم التطور الهائل في الخدمات المالية، نتيجة إستخدام التكنولوجيا الرقمية، إلا أن أكثر البالغين علي مستوى العالم (النسبة أكبر بالوطن العربي) مستبعدين من هذه الخدمات، سواء بعدم وصول تلك الخدمات و التقنيات لفئات عريضة من المجتمع، أو بسبب عدم وجود برامج للتعريف بمختلف المفاهيم و التقنيات و أنواع الخدمات المالية و كيفية التعامل معها، و إتاحتها بتكاليف ملائمة لهم.
و من هنا تأتي أهمية الشمول المالي..
يعرف البنك الدولي "الشمول المالي" علي أنه:
إمكانية الوصول إلي منتجات وخدمات مالية مفيدة و بأسعار ميسورة تلبي إحتياجاتهم - المعاملات، المدفوعات، المدخرات، الإئتمان، و التأمين - و يتم تقديمها لهم بطريقة تتسم بالمسؤولية و الإستدامة.
تتجسد أهمية الشمول المالي في النقاط التالية:
* التركيز على وصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و المتناهية الصغر للخدمات المالية، و بالتالي دمجها بالقطاع المالي الرسمي عن طريق تقديم منتجات وخدمات مالية مناسبة لهم.
* المساهمة في دمج مشاريع القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي بما يسهم في زيادة إيرادات الدولة الضريبية.
* أثر الشمول المالي الإيجابي علي الجانب الإجتماعي، من خلال الإهتمام بمحدودي الدخل من جهة، و تمكين فئات محددة من المجتمع كالمرأة و الشباب.
* تعزيز التنافس بين المؤسسات المالية من خلال العمل علي تنوع المنتجات و الإهتمام بالجودة و وضع العميل في قائمة أولوياتها.
تشير إحصاءات البنك الدولي إلي أن نحو نصف مجموع السكان البالغين علي مستوى العالم ليس لديهم إمكانية الحصول علي الخدمات المالية!
في المقابل نجد أن حوالي ١٦٠ مليون شخص عربي (ما يعادل ٦٣٪ من الأشخاص البالغين) مستبعدين من الخدمات المالية التي تقدمها المؤسسات المالية الرسمية!!
هناك العديد من الأولويات التي يجب تبنيها من أجل المساهمة و العمل علي تقليل النسبة السابق ذكرها و من أجل تعزيز الشمول المالي في الدول العربية:
* توفير بيئة تشريعية تدعم مبدأ الشمول المالي، من خلال مراجعة و تعديل اللوائح و القوانين السابقة.
* تطوير نظم الدفع و التسوية لتسهيل تنفيذ العمليات المالية و ضمان تنفيذها بسرعة و دقة أكبر.
* نشر الثقافة المالية، و التوسع في الأخذ بآراء العملاء، و توفير بيئة صالحة لحمايتهم، و العمل علي التوسع في عمليات الإشراف و الرقابة لتعزيز الثقة في النظام المالي.
* تطوير خدمات و منتجات مالية تلبي كافة احتياجات العملاء و العمل علي تيسير الحصول علي هذه الخدمات.
* التوسع في شبكات الصراف الآلي لمقدمي الخدمات المالية بما يضمن وصول الخدمات للمناطق النائية و الريفية.
* مراعاة إحتياجات و متطلبات العملاء المستهدفين عند تصميم الخدمات و المنتجات و قبل التسويق لها.
* الإهتمام بالتدريب لموظفي المؤسسات المالية.
* العمل علي تخفيض الرسوم الغير مبررة المفروضة علي كثير من الخدمات المالية.
أثبتت الدراسات أن ثمة علاقة وثيقة بين الشمول المالي و الإستقرار و النمو الإقتصادي..
حيث أن أحد أهداف الشمول المالي تعزيز وصول الخدمات المالية إلي شرائح المجتمع بتكاليف معقولة و عبر قنوات رسمية، و بالتالي فمن الصعب تحقيق نمو في ظل إستبعاد نسبة كبيرة من المجتمع من النظام الإقتصادي.
التعليقات