كعادتي إذاعة الأغاني المصرية القديمة (١٠٥,٨) هي سلاحي الوحيد الذي يساعدني على خوض تلك الحرب الباردة التي نخوضها يومياً في تنقلنا من مكان لآخر.. هي الدرع الواقي لحمايتي من الانهيار العصبي حينما يغز أحدهم طريقي ببوز سيارته وينظر إلى بنشوة الانتصار لأنه احتل حارتي وسبقني وطبعاً كثيراً ما يحدث هذا وأسوء منه بكثير .... أمس وفي معركة عبور المحور الدامية تسلحت بصوت صاحب الحنجرة الذهبية على الحجار وهو يتغنى برائعة ملك التترات سيد حجاب وألحان الموسيقار المبدع ياسر عبد الرحمن (عِيش يا ابن آدم بكر زي الشجر ... موت وأنت واقف زيه في مطرحك) استوقفتني هذه الجملة الفلسفية.. وتملكتني فكره أن الإنسان يجب أن يعيش مثل الشجرة!
الشجرة في مادة العلوم وكما درسنا وحفظنا منذ الصغر لها أهمية كبيرة في تبادل الغازات فهي تمتص ثاني أكسيد الكربون و تعطينا الأكسجين وهى تعمل على تثبيت التربة كما أنها بيئة مناسبة للحيوانات وهي أيضا تمتص الماء الزائد من التربة وإذا وجدت بكثافه تعد من مصدات الرياح و تقلل من تأثير الأعاصير ومصدر للكثير من الصناعات كصناعة الأخشاب وصناعة الورق وصناعة الكثير من الأدوية أيضاً وأخيراً وليس بأخر هي مصدر للغذاء لذا حثنا رسولنا الكريم على زراعة الأشجار والاهتمام بها (ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمه إلا كان له به صدقة) والشجرة في علم الطاقة أحد خمس طاقات تؤثر إيجابياً على حياة الإنسان النفسية حتى أن علماء الطاقة استخدموها في الشفاء من بعض الأمراض النفسية والعضوية عن طريق جلسات التأمل أو احتضان الأشجار .
ارتبطت الشجرة دينياً بأحداث ذات أهمية كبرى كشجرة آدم وحواء وفلك سيدنا نوح الذي صنعه من الأشجار موسى الذي تلقى كلمات ربه عند شجرة وشجرة مريم العذراء وميلاد السيد المسيح وفي الإسلام بيعة الشجرة أو بيعة الرضوان مما يجعلنا نعى أنها رمز كبير يستحق دراسته.
هل ممكن أيها الانسان أن تعيش "زي الشجر"؟!!! وكيف
عِش متأصلاً كجذر الشجرة متمسكاً بعادات وتقاليد البيئة التي نشأت بها مهما ارتفعت أوعلا شأنك فلا تتكبر أو تتعالى وتذكر دائماً أن أصلك هو سبب وجودك وهو الأرض الثابتة التي تدعمك دائماً وتدفعك دوماً نحو النمو والنجاح .... صَل رحمك وتحضن دائماً بأهلك وجيرانك ومعارفك فكما يقول المثل الشعبي (الشجرة اللي ما تضلل أهلها تستأهل القطع من جدرها) ..... كن كساق الشجرة في شموخك وسموك. كن ثابتاً واثقاً من نفسك فمهما تعرضت لرياح المصاعب والمشكلات ومهما كان عنفوانها اثبت حتى تنقضي فلا تنحني فقط قاوم بكل عزة وقوة.. موت وانت واقف كما قالها سيد حجاب ...تحصن بالإرادة والعزيمة. كن مثمراً كأغصان الشجر تحمل دائماً الخير لكل من حولك ... محسناً معطاءاً بنفس راضية وروح متواضعة فالغصن كلما كثرت ثماره مال جهة الأرض وانحنى والعكس تماماً كما قال باولو كويلو (عندما لا تحمل الشجرة ثماراً تنتصب أغصانها متغطرسة متعالية كذلك الأحمق يظن نفسه دوماً أفضل من غيره) كن كأوراق الشجر حلو المنظر بهجة للناظرين.. كن مظلة يحتمى بها كل ذي حاجة ...اجعل كل من حولك يشعر معك بالراحة والهدوء والأمان ... كن نافعاً وأنت حي ومثلاً وقدوة وسيرة عطرة حتى بعد مماتك.
أوصى نفسى وأوصيكم أن نعيش زى الشجر.
التعليقات