أم المؤمنين خديجة بنت خويلد؛ ابن أسد سيدة نساء قريش ؛قبل الإسلام وبعد الإسلام؛ كانت أعقل العقائل ؛وفضلي الفواضل؛ حتى كانوا يلقبونها في عهد الجاهلية بالطاهرة .
هي التي خطبت الرسول؛ لنفسها لما سمعت ورأت من أمانته ؛واستقامته ووفائه وحسن أخلاقه ؛ فهي المرأة الشريفة . الحسيبة بين قومها .
الرفيعة الشأن والقدر الغنية المترفة؛ تخطب الرسول لنفسها وهي المرأة التي تمناها كل رجال قريش ؛لكنها اختارت زينة شباب قريش زوجا لها .
وقد تعلقت بالرسول صلي الله عليه وسلم بعد أن عمل معها في تجارتها فأعجبت بأمانته وصدقه؛ ولأنها إمراة ذات فطنة؛ ورجاجة مفطورة علي التدين متلهفة علي ظهور الرسالة غنية اليد والنفس ..
كانت تهيئ لزوجها الكريم كل أسباب الراحة والنعيم ؛فإذا أشار لبت إشارته بل إذا فطنت إلي أن رغبة ما قد طافت في رأسه ؛ أسرعت بتنفيذها ..
وقد تجلي ذلك في دورها العظيم حتى قبل نزول الوحي علي الرسول صلي الله عليه وسلم؛ حيث احتضنت بشائر النبوة؛ في حب وعطف يفوق كل حب؛ وعطف النساء أجمعين .
وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها تعاون الرسول صلي الله عليه وسلم؛ حين يذهب ليتعبد في غارحراء؛ فتعد له ما قد يحتاج أليه طوال شهر الاعتكاف ؛وهي منشرحة الصدر .
فقد أدركت منذ رأته أنه النور الذي سيضئ الدنيا؛ كلها فكانت تؤمن بعظمته وزاد ذلك حبا وتقديرا له يوما بعد يوم .
وأصبحت علي استعداد لتنفق كل مالها لنصرته والزود عنه ؛ فقد أحبت الله وهي تصغي للرسول يحدثها عن صفاته .
فقد كان بيت خديجة؛ واحة الإيمان في صحراء الكفر والضلالة ؛يذكر فيه أسم الله فكانت حين تري الرسول صلي الله عليه وسلم؛ لا يكف عن العزلة والنظر إلي ملكوت الله .
وحين نزل أمر الله ونزل الوحي؛ علي الرسول صلي الله عليه وسلم؛ وهو يتعبد في غار حراء؛ يبشره بالرسالة العظيمة؛ التي كلف بها ..
ويقول له : أقرأ أرتعد النبي صلى الله عليه وسلم ؛وخاف ورجع إلي بيت خديجة ممتلئا بما أوحي إليه .
وفؤاده يرتجف وقلبه؛ مضطرب ودخل علي خديجة وهو يقول : ( زملوني زملوني فهدأت خديجة من روعه ..
ثم نظر إليها وحدثه بالذي رأي في الغار ؛وهنا قالت له خديجة ؛ فوالذي نفسي خديجة بيده أني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة؛ ووالله لا يخزيك الله أبدا .
فاطمأنت نفس الرسول صلي الله عليه وسلم؛ ونام هادئا سعيدا بزوجته؛ التي كانت أول من أمنت به وصدقته وواسته واستمرت مواساتها له بعد أن بدأ ينشر رسالته ودعوته بين الناس فكفروا به وكذبوه فكانت هي السند؛ له فأمنت به إذا كفر به الناس وصدقته إذ كذبه الناس .
وواسته بمالها يوم حرمه الناس ؛فقد عاشت مع الرسول زوجة صالحة مؤمنة؛ تضحي بكل ما تملك .
سعد الرسول بأولاده من خديجة؛ وكانت دائما تحاول أن تجعل أسرتها مستقرة هانئة؛ فلم يتزوج النبي غير خديجة قبل الإسلام ..
وقضي معها بعد الإسلام عشر سنوات؛ فقضي معها شبيبته ويضع من كهولته سعيدا راضيا حتى أمه؛ قال : بعد وفاتها :(والله مانالت مني قريش شيئا أكرهه إلا بعد خديجة ) .
فقد ماتت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنوات؛ فحزن الرسول صلي الله عليه وسلم علي وفاتها حزنا شديدا .
لأنه فقد بفقدانها ركنا قويا ؛كان يأوي إليه لمواجهة الكفار؛ وأعداء الإسلام .
التعليقات