عندما تمسك بيضتين بيدك، هل لاحظت كيف ينكسروا؟ هل لفت نظرك الصلابة والمقاومة التي تبدو على إحداهما؟ هل أحسست بقوة وحجم الضربة التي تتسبب في الكسر؟ وهل صادفت من المرات انكسار الإثنين معًا؟
ما سبق يعبر عن صلابتك وقوتك وقت عَجْزك، ونُقْصَانك وهشاشتك عند انكسارك.
علمتني تجاربي أنه لا يجب أن أبدو قوية طوال الوقت، وأن بقدر الصبر والجلد، يحق لي الانكسار. وأن حياة خالية من العقبات حتمًا هي في عالم آخر.
تعلمت أنه يحق لي أن أتألم لأنني هنالك أرتقِ. خُلقت المشاعر لتُوهب وتُسلب، خُلق الإحساس لننتبه، وخُلق القلب ليستشعر المر عندما يرحل، والفرح وهو يطل.
من أكثر ما آمنت به مؤخرًا، أن ما أريده قد لا يكون مقدرًا لي، وأن دعائي بيقين يُستجاب له ولو بعد حين، وأن توقيتات الله رائعة، وأني الآن أيقنت معنى التسليم الكامل لأقداره، فأصبحت لا أخشى الابتلاء لثقتي أنه دائمًا ينجيني.
بعد أَن كنت في قمة يأَسي وغضبي، خوفي وحزني فجأة خمدت هواجسي، هدأت بلا أسباب!
زَخَرَت نفسي بالأمن، خضع قلبي للسلام وامتلأ عقلي بأن هذا التغير الطارئ ما هو إلا مقدمات رحمة الله.
لذلك عندما يُقَدَر علىّ الكَسر، آخذ نصيبي منه وأنا مطمئنة بأن من خلفي هناك من يحميني.
ولعلي الفائز الأوحد في المعادلة السابقة.
أنا من الذين يؤمنون بالفأل الحسن ولا يزال الأمل يستوطن قلبي، أؤمن أن حلول مشاكلي دوما تنبع من تغيير سلوكي، وأنه لابد للفرج أن يدق بابي، وهكذا يفعل.
نحن نستجلب أقدارنا الحلوة بحسن الظن في الحياة، فمتى تلمست ألطاف الله وحكمته إلا ودأب قَدَرَه يحييك.
يقال إن العزلة زاوية صغيرة تقف فيها أمام عقلك لتواجهه. فهل فعلت يومًا ذلك بصدق؟
يؤنسني بشدة أني ما حملت حقدًا أو كرهًا يومًا لأحد. لعلي أطمئن لفكرة أن القلب الخفيف منجود، وأن حياة خالية من الأحقاد هي سبيلي لاستجابة الدعاء، وأن كل ما سبق حتمًا سينجيني.
من الغباء أن تَهْلَع، إلا إذا كنت خاوي النفس. لست مطالبًا بالركض يوميًا لتكون الأفضل، أنت مطالب أن تكون نفسك وأن تتزن، وهذا بلا شك يكفيك.
في الصغر، اعتادت جداتنا أن تعلق في رقبتنا آية الكرسي لتحمينا، لكني أؤكد لك أن ما يحميك حقيقة هو ما يَعْلَق بيقين في منحنيات قلبك من تلك الآيات.
بتلك القوة تعلمت مجابهة مشاق الحياة.
لا أهتم بالنور من حولي؛ يعنيني فقط نورًا مصدره قلبي، ذاك ما يرتب الفوضى ويرمم بداخلي الحياة.
كلنا نتعافى من شئ ما نتفق على كتمانه، لكن لا أحد يستحق أن يخوض الحرب وحده، فهل توقفت يوما لترى من يحارب معك ومن أجلك؟
أجيبك أنا يا عزيزي، بقدر نورك ستجد من يراك، ويكن ساعدك ومتكأكك.
بالنور فقط؟ نعم، فخيوط ضوء الفجر هي ما تمنحنا الوضوء اللازم لإقامة الصلاة.
أحياناً يجب علينا أن نُذَكِر أنفسنا كيف كنا وإلى ماذا صِرنا.
لا يزال الإمتنان معلمنا في الحياة، نأخذ عنه كيف نحيا، كيف ندقق التفاصيل الصغيرة، كيف نستمتع بالرحلة، متى نتوقف، كيف نتخطى أحزاننا، وكيف كانت أكثر اللحظات إحباطًا للنفس هى المنفذ الآمن لشراء السعادة.
وهل تُشترى السعادة؟ لا شئ في هذه الحياة تحصل عليه بالمجان.
أكثر ما تقدره في رحلتك هو ما بذلت فيه الجُهد المضني لاجتيازه فتَفَّوقَت فيه وأفلَحْت.
هل سمعت يوما أنين القلب، من المخيف حقًا أن كسر القلوب لا يُسمع صوته وأن الله لو أراد أن تنطق علينا جوارحنا في الدنيا لفعلت وفضحتنا، لكنه التزم سبحانه بترك باب الرحمة والمغفرة مفتوحًا لعلنا نطرقه.
تحتاج الحياة مع الآخرين جُهدًا، أحيانًا أجدني لا أملكه. دعوت الله عمرًا أن يمنحني القوة لتقبل الأمور التي لا يمكنني تغييرها، وقد فعل وبالفعل تجاوزتها.
إن أجمل ما يميزك يا صديقي أنه رغم جروحك العميقة، لا زلت صالحًا لمواصلة الحياة.
ولعل أجمل وأعظم أقدارك كانت في من آمن بك واستطاع تبين نورك وقت سطوع الشمس، فبعث بقوته ويقينه بك من خلالك الحياة. كان بذلك من استطاع بمهارة أن يصنع منك ومعك شيء ما مختلف.
التعليقات