"إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك ثلاث وسائل؛ هدم الأسرة ،هدم التعليم ، إسقاط القدوات" .... لكى تهدم الأسرة عليك بتغييب دور الأم اجعلها تخجل من وصفها ب "ربة منزل" .... ولكى تهدم التعليم عليك بالمعلم لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه .... ولكي تسقط القدوات عليك بالعلماء اطعن فيهم ... قلل من شأنهم شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدى بهم أحد .... فإذا اختفت (الأم الواعية) واختفى (المعلم المخلص) وسقطت (القدوة) فمن سيربى النشء على القيم؟
هكذا برر الفنان محمد صبحى انهيار حضارتنا في برنامجه "مفيش مشكلة خالص" مستشهدا بمقولة أحد المستشرقين.
المنزل مجتمع ،والأسرة أفراده ... والأم أهمهم .....الأسرة في مجتمعنا الشرقي هي الأساس لتربية النشء على العادات والتقاليد ....
مع الانفتاح الإلكتروني بين الشرق والغرب .... بدأت المرأة الشرقية في مراقبة المرأة الغربية في حريتها وسعادتها بعيدا عن قيود الأسرة .... وراقب الرجل الشرقي الرجل الغربي في عدم تحمله للمسئولية حتى في الإنفاق على زوجته .... فحاولنا الخروج عن أصلنا ... كل يسعى لسعادته ... المرأة سعيدة بعملها وحريتها، والرجل سعيد بكونه غير مسئول مع عدم الالتفات للأسرة والأولاد .... المنزل تشتت والأسرة تفككت .... يعيشون معا ولا يعرفون بعضهم البعض.
أخذنا من الغرب السيء فقط بدون النظر للأمر بموضوعية .... لديهم حياة أجمل وأكثر حرية وسعادة، ولكن ثروتنا نحن في كينونة الأسرة التي ليست لديهم ويحلمون بها.
عرف عنا .... أن لا أحد يعمل ما يحب ولا حتى يعمل بشهادته ... يعمل فقط المتاح له .... كل الأهالي تريد من أبنائها الالتحاق بكلية من كليات محددة تعرف ب "كليات القمة" حتى أصبحت كليات القمة لعنة في كل منزل تسرق وتبتلع أحلام الكثير تحت مبرر "لها مستقبل" .... يرغب في الالتحاق بكلية الحقوق وينتهي به المطاف في كلية الطب .... يحلم بالالتحاق بكلية الإعلام ليجد نفسه في كلية الصيدلة .... يرغب في معهد الفنون المسرحية ويلتحق بكلية الهندسة....
وفي المقابل عندما يرغب أحدهم حقا في كلية من كليات القمة لا يلحق بها لأنها امتلأت بمن دخلوها رغما عنهم.... فسرق حلمه وأحلامهم .... كلهم في كليات يسعون فيها فقط للنجاح لا التفوق .... فلن نسمع من بينهم عن طبيب ماهر أو مهندس بارع...
يحكى أن قديما كان يغير التلميذ مساره اليومي إذا رأى معلمه في طريقه من خوفه من هيبة الأستاذ .... فماذا حدث وكيف ليأتي اليوم الذي نسمع فيه عن اعتداء طالب على أستاذه بالسب وأحيانا يصل الأمر إلى الضرب؟؟ ما الذي اختفى ليحدث هذا هيبة الأستاذ أم تربية الجيل؟
عندما يصبح محط الأنظار هو المطرب والممثل ويكون هو قدوة الشباب والمثل الأعلى بالنسبة لهم (نامبر وان) عندما يسلط الإعلام الضوء على ماذا أكلوا وأين سافروا في عطلة نهاية الأسبوع ..... ونكتشف بالصدفة فوز فتاة مصرية في الأولمبياد ..... نقرأ صدفة في مجلات أجنبية عن أبحاث علمية لاقت نجاحا باهرا ونجد أن الباحث مصري، ولم يتكلم عنه أحد ..... صدفة أم مؤامرة لا نعلم.
يتم اتهامنا الآن بالتشييد بحضارة أجدادنا على الرغم من كوننا لا نملك حضارة حاليا .... ولكن الأمر ليس بالصعوبة التي يحاولون أن يوصلوها لنا .... فنحن لن نصنع حضارة من الصفر بل سنعود لحضارتنا .... سنعود للقديم في كل شيء .... نعلم كل أصلى وما حل به من خراب ونعرف كيفية تصليحه ... وبعد سنوات لن يتذكر أحد هذه السنوات العكاف .... حتى يمكن أن يطلقوا عليها سنوات ركود ولكن العودة هي الأهم الآن .... الحفاظ على التاريخ والمكانة مهم .... القضاء على الفساد والواسطة مهم .... القضاء على السرقة والنهب والنصب مهم .... كل هذا صعب ولكن ليس بمستحيل على بلد لها تاريخ ومجد وأصل وشعب محب كمصر ....
فكما قال عنها الأديب المصري نجيب محفوظ: " مصر ليست دولة تاريخية .....مصر جاءت أولا ثم جاء التاريخ".
التعليقات