مراعاة مشاعر الناس يزيد في الود والمحبة؛ ويؤلف بين قلوب أفراد المجتمع ؛وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم؛ الكثير من المبادئ والآداب التي نراعِي من خلالها صيانة مشاعر الناس؛ ومراعاة أحاسيسهم .
وذلك لأن جرح الجسد؛ يظهر أثره فوراً وبشكل واضح على الإنسان ؛لكن جرح المشاعر يكون في النفس؛ بعيداً عن المشاهدة والعيان وهو أشد إيلاماً وأقسى وقعاً.
والسيرة النبوية زاخرة بالأمثلة؛ والمواقف الدالة على مراعاة مشاعر الآخرين؛ والمؤمن مرآة لأخيه إن رآه على خير شجعه؛ وحثه على الاستمرار عليه وإن رآه على خطأ نصحه برفق وحكمة؛ تصحيحاً لا تجريحاً وسراً لا علانية.
فالأصل في النصيحة؛ الإسرار بها مراعاة لمشاعر المخطيء؛ ولذلك كان شعار النبي صلى الله عليه وسلم ؛في ذلك قوله لمن أخطأ: (ما بال أقوام؟).
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟ ولكن يقول: (ما بال أقوامٍ يقولون كذا وكذا).
وإذا كان كل إنسان؛ يحتاج إلى من يراعي مشاعره وأحاسيسه ؛فإن أحاسيس ومشاعر المرضى؛ والضعفاء وذوي الأعذار والحاجات أولى بالمراعاة والتقدير .
ونهى الإسلام عن سب الأموات؛ لأن في سبابهم إيذاء لمشاعر الأحياء ؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا".
إن صاحب الإحساس؛ والتأثر يراعي مشاعر إخوانه ؛ويحترمها ويحذر أن يمسها بسوء.
يروى أن أبا سفيان ـ في هدنة صلح الحديبية ـ قبل إسلامه؛ مر على سلمان وصهيب وبلال فأرادوا أن يسمعوه قولاً يغيظه فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها.
فاستنكر عليهم أبو بكر؛ ما قالوا وقال لهم: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ وذهب أبو بكر فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما جرى.
فكان أول أمر أهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن تساءل عن مشاعرهم تجاه ما صدر من أبي بكر فقال له: يا أبا بكر! لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك فأتاهم أبو بكر يسترضيهم ويستعطفهم قائلاً: يا إخوتاه! أغضبتكم؟ قالوا: لا . يغفر الله لك ..
لقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم حرمة المسلم؛ في جسده وماله وعِرضِه؛ ومشاعره ولو بالإساءة إليه بكلمة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: في خطبته يوم النحر: (فإن دماءَكم وأموالَكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) فأعادها مِراراً .رواه البخاري.
قال ابن المنذر: "قد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة ؛مودعاً بذلك أمته وقرن تحريمها إلى تحريم الدماء والأموال.
ثم زاد تحريم ذلك تأكيداً بإعلامه؛ بأن تحريم ذلك كحرمة البلد الحرام؛ في الشهر الحرام".
ولقد كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم : "اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم"
اللهم جنبنا الزلل في القول والعمل ؛ واجعلنا ممن يقول فيعمل؛ ويعمل فيخلص ويخلص؛ فيقبل منه .
التعليقات