الهدف الأعمق فى تلك الدورة من مهرجان (طشقند) والتى تحمل رقم (21)، أن يستعيد تواجده الدولى مجددا، بعد أن غاب عن الساحة قرابة ربع قرن، وهو قطعا زمن طويل يؤثر سلبا إقليميا وعالميا، المهرجان كان يمثل لدول العالم وخاصة ما نُطلق عليه (الثالث) قيمة استثنائية، وجوائزه أيضا كانت لها مكانة استثنائية.
فى الماضى مع بداية انطلاقه 68 كان كعادة كل دول الاتحاد السوفيتى يمتد جغرافيا إلى ما كان يعرف بـ (طشقند)، كما أنه فكريا يتبنى التوجه الاشتراكى، وذلك فى ظل انتشار توصيف دول عدم الانحياز والحياد الإيجابى، وعلى رأسها مصر فى زمن الرئيس جمال عبد الناصر، الحياد ضد الانحياز لأى من الكتلتين، إلا أن صفة الإيجابية كانت تعنى التوجه إلى (روسيا) الاتحاد السوفيتى (سابقا).
الدنيا تغيرت كثيرا بعد انفراط عقد الاتحاد السوفيتى، ودولة (أوزباكستان) تدرك جيدا خطواتها القادمة، وهكذا عاد المهرجان بقرار رئيس الجمهورية شوكت ميرضيايف وهو يحمل العديد من الطموحات، إدارة (طشقند) انتقلت مع بعض الوفود وبينها المصرى إلى أكثر من مدينة تاريخية مثل (بخارى)، حيث مقام (النقشبندى)، ووصلنا أمس إلى (سمرقند) حيث مسجد ومقام الإمام البخارى، الذى يتم إعادة ترميمه.
الثقافة هى العمق الاستراتيجى لهذه الدورة، والمشاعر الدافئة هى البعد الاستراتيجى لشعب أوزباكستان، الذى يمتلك فيضا من الحب للضيوف، كما أنهم يتوقون لسماع الكلمات العربية التى يبدأون بها حوارهم (السلام عليكم)، وينهون بها الحوار قائلين (كتر رحمة) والتى تعنى الكثير من الرحمة، عندما استمع إلى حديثنا بالعربية الشاب عبد الفتاح، سلم علينا جميعا بحرارة واحتضن مدير التصوير مارمينا شلبى قائلا له إنه يتمنى الالتحاق بالأزهر ليتحدث اللغة التى كان يتكلم بها رسول الله عليه الصلاة والسلام.
فى الصباح نزور الأماكن التاريخية، وفى المساء نفتتح دور عرض جديدة متعددة الشاشات، وسط حفاوة بالغة من محافظ كل من المدن الثلاثة، فى كل مرة نرتدى الزى الوطنى الأوزباكستانى، ولا بأس أيضا من الغناء وقليل من الرقص الفلكلورى بقدر ما تسمح به اللياقة البدنية، يصاحبنا فى الرحلة عدد من النجوم من أوزوباكستان، ويتهافت عليهم المواطنون ليلتقطوا صورا بالموبايل، الفرق الموسيقية تستقبلنا فى كل مكان، بالدفوف والمزمار والغناء والورود.
فى أكثر من حفل عشاء أستمع إلى موسيقانا الشرقية تتردد، مثل أغنية فريد الأطرش (يا زهرة فى خيالى)،هل كان فريد يشعر أنها ستعيش أكثر من 70 عاما تُعزَف فى العديد من دول العالم؟، وفى فندق آخر وجدت (تملى معاك) لعمرو دياب، وبعدها موسيقى عمر خيرت مقطوعات من (ضمير أبله حكمت) و(أريد حلا) و(ليلة القبض على فاطمة).
اعتقدت فى البداية أنها مجاملة مقصودة للوفد المصرى، إلا أننى اكتشفت أن هذا هو المعتاد فى البرنامج اليومى، تحدثت أكثر من مرة عن السينما المصرية، وكيف أنها واكبت سينما العالم وأنهم يطلقون على مصر (هوليوود الشرق )، وأن المرأة ساهمت فى صناعة (الفن السابع) مثل عزيزة أمير وبهيجة حافظ وآسيا ومارى كوينى وأمينة محمد وفاطمة رشدى، هؤلاء هن المغامرات الأوليات اللاتى ضحين بكل شىء لأنهن آمنَّ بالسينما.
ونواصل غدا رحلتنا من (أوزباكستان) أرض السحر والجمال والشعب الطيب المضياف.
التعليقات