أصبحت السوشيال ميديا ذات التأثير الأكبر والأوسع انتشاراً، ولم تعد وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف أو المواقع أو الفضائيات في الصدارة، لدرجة جعلت الوسائل التقليدية تسير خلف السوشيال ميديا كثيراً، وتنقل ما يحدث فيها، خاصة القضايا أو الموضوعات التي تثير الجدل بين النشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي.
وبالتأكيد لكل شئ أو تطور إيجابياته، وسلبياته، ونريد هنا الحديث عن نقطة مهمة لدور السوشيال ميديا في طرح قضايا ومواقف إنسانية، لاقت إهتماماً كبيراً من مسئولي المؤسسات بالدولة وفي مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يستجيب ويتدخل لحل المشكلات، أو تقديم الدعم والتكريم لأصحاب القضايا المطروحة.
وجاء مؤخراً الدور الذي لعبته السوشيال ميديا في إبراز وطرح أعمال الفنان الراحل سمير غانم، ونشر المقاطع التي كانت سبباً في إسعاد الملايين، وإدخال البهجة في نفوسهم، سواء أثناء فترة مرضه وإصابته بفيروس كورونا، أو بعد وفاته، كذلك الأمر بالنسبة لزوجته الفنانة الراحلة دلال عبد العزيز.
وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات سمير غانم، وأعادت المنشورات إلى الأذهان التاريخ الفني الكبير له على مدار عقود مضت في كافة الأعمال، والأشكال الدرامية المتنوعة، وكأن المنشورات تؤرخ لمسيرة سمير غانم، لكنها للأسف لا تدوم كثيراً، وسرعان ما تختفي بسبب تلاحق الأحداث، واهتمام النشطاء بكل ما هو جديد.
وجاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإطلاق اسم الفنان الراحل على الكوبرى الجديد بمحور محمد نجيب بمنطقة شرق القاهرة، ليثلج صدور الملايين من محبي سمير غانم وأسرته، وليخلد حالة الحب والاهتمام بهذا الفنان عبر ملايين المنشورات بالسوشيال ميديا، ليؤكد الرئيس تفاعله مع هذه الحالة بقرار رسمي يخلد اسم سمير غانم للأبد.
والحقيقة أن إطلاق اسم فنان على كوبري لم يكن متبعاً من قبل ، حيث اقتصر الأمر على حمل الشوارع أو الميادين لأسماء فنانين، وربما يأتي إطلاق اسم الشارع أو الميدان باسم الفنان بعد شهرة الشارع أو الميدان باسم آخر، وبالتالي لايكون مردوده كما يجب أن يُخلد، إلا أن إطلاق اسم سمير غانم على أحد الكباري منذ البداية والبناء يحمل الكثير من المعاني والدلالات.
ويأتي الرئيس ليؤكد بأن أسماء الفنانين لن تخلد على أسماء الشوارع أو الميادين أو المسارح أو دور السينما فقط، ولكن على المنشآت مثل المحاور أو الكباري ليؤكد بأن الفن الهادف رسالة وعامل رئيسي في بناء الأوطان والعقول، وأعتقد أن خطوة الرئيس رسالة أيضاً للقائمين على الفن، والفنانين بأن التخليد لن يكون إلا لأصحاب الرسالة الهادفة الذين امتلأت السوشيال ميديا بحبهم قبل وبعد وفاتهم.
وعلى كل فنان، أن يعي ما حدث من أكثر من زاوية، عليه أن يدقق في مسيرته، وأدواره الفنية، وتأثيرها على المشاهدين والأجيال الجديدة، ومدى محاكاة الأطفال أو الشباب له، ومن ثم عليه الاختيار بين نسيانه بأقصى سرعة بسبب إنتاجه وأدواره سريعة النسيان، أو أدواره وشخصيته التي تبقى في أذهان الملايين وتستحق التقدير والتخليد بقرار من أعلى سلطة في الدولة.
إن السوشيال ميديا قادرة على إلقاء الضوء تجاه كل ما هو جميل حتى وإن كانت لساعات أو أيام معدودة، لكنها تلعب الدور الأكبر في قرارات عديدة لتخليد أسماء من أضاءوا لنا الطريق في كل المجالات وليس الفن فقط، خاصة بعد أن أصبحنا نعاني من ندرة الأعمال الهادفة، والأدوار الفنية المُلهمة، ليبقى قرار الرئيس معبراً عن حالة ملايين النشطاء تجاه سمير غانم، ورسالة قوية شديدة اللهجة لمن يريد أن يخلد اسمه الفني للأجيال القادمة.
التعليقات