إن مشكلة تعاطي المخدرات مشكلة دولية، تحرص الكثير من الدول والهيئات المختلفة، على القضاء عليها أو الحد منها، حفاظاً على شعوبهم وأوطانهم من هذا الوباء الخطير، وهذا له انعكاساته السلبية على الأسرة بشكل عام وعلى الأبناء بشكل خاص.
وإن حماية الأبناء من السلوكيات الخطرة، مسؤولية عظيمة جدا تقع على عاتق المربين، وإن من أهم الأخطار التي تهدد حياة أبنائنا النفسية والجسدية في سن المراهقة، خطر الوقوع في براثن المخدرات.
لذلك لا بد للأبوين من الانتباه لهذه القضية التي باتت تهدد كثيرا من فلذات أكبادنا، ولا بد من تحصين الأبناء سابقا، قبل وقوع الفأس في الرأس كما يقال، وحينها لا يجدي علاج ولا ندم.
إن الآباء والأمهات يتوجب عليهم التعامل مع أبنائهم بصورة تربوية سليمة منذ لحظة الولادة، من أجل حفظ نفسياتهم وعقولهم في المستقبل، لأن التأخر في التعامل السليم، مع الطفل إلى سنوات متأخرة يؤدي إلى انحرافات خطيرة ،فيما بعد، خاصة إذا عرفنا أن نتيجة الدراسات التربوية ،تؤكد أن شخصية الإنسان تتكون وتتشكل في السنوات الست الأولى من عمره.
ولابد من توفير الحب والحنان، والطمأنينة للأبناء في الأسرة، عبر الكلمات الرقيقة الطيبة والثناء المعتدل والتحفيز اللفظي والمادي والدعاء.
فقد أثبتت الوقائع أن أغلب المدمنين كانوا يعانون من فراغ عاطفي في المنزل، وعندما خرجوا من البيت تلقفتهم الأيدي الخبيثة وعوضتهم ما فقدوه، فشعروا حيالها بالأمان والحب، فوثقوا بها ومشوا على طريقتها.
ولابد تنمية الإيمان في نفوس الناشئة، عبر تعويدهم على الصلاة ومكارم الأخلاق ومراقبة الله تعالى والخوف منه.
فذلك ينمي لديهم ضميرا حيا، يأنف من الرذائل، وقد أثبتت الوقائع أيضا أن غالبية المدمنين، كانوا بعيدين عن الله تعالى وأن أسرهم لم تكن تهتم بأخلاقهم وصلتهم بالله، فشعروا بالخواء الروحي، وكانوا يبحثون عما يسدون به هذا الخواء، فوجدوا ضالتهم في إدمان المخدرات.
وإن كثيرا من المدمنين يقولون بأنهم وقعوا في شباك الإدمان، بسبب غفلتهم وجهلهم، حيث كان بعض أصدقائهم يعطونهم حبوبا يقولون عنها أنها تؤدي إلى التفوق الدراسي ونسيان المشكلات.
فنحرص على أن يصاحب أبناؤنا الأشخاص المنضبطين، ونحذرهم من مصاحبة المشاغبين والمنحرفين، وعلينا أن نعرف من يصاحب أبناؤنا وبناتنا، وعلينا أن نسألهم بشكل مستمر عن أصدقائهم وأخلاقهم، إن كثيرا من المدمنين وقعوا في الإدمان بسبب أصدقاء السوء الذين كانوا يزينون لهم الشر ويشجعونهم عليه.
ووضع ضوابط منزلية متزنة، مثل تحديد أوقات الخروج من المنزل والعودة إليه، والإخبار عن الوجهة التي يخرج إليها الابن ومع من يخرج والاستماع للأبناء والحوار معهم، والوقوف على همومهم وتطلعاتهم، بدون عنف أو قهر.
فكم من مشكلة كانت تتفاقم لدى الابن، والأب والأم بعيدان عنها، ولا يعرفان عنها، فاحتاج الابن إلى علاجها، فبحث عن ذلك في الخارج، فلم يجد إلا الأشرار الذين يبحثون عن ضحايا تعاني من مشكلات، ليسهل السيطرة عليها.
وهنالك وسائل أخرى كثيرة يمكن للمربين إبداعها وتطويرها لحماية الأبناء من خطر المخدرات.
وعن التغيرات الطارئة على الأداء لمدمني المخدرات عدم الأمانة وتشمل " الكذب ، الخداع وتغير الأصحاب ، المراوغة في الحديث عن الأصدقاء الجدد. وحيازة مبالغ طائلة من المال، وغضب شديد وغير مبرر وارتفاع درجة العداء والقلق والكتمان، وانخفاض معدل النشاط والهمة والقدرة وضبط النفس و تقدير الذات. والإقلال من الاهتمام بالأنشطة والهوايات.
أن العالم يذخر بالعديد من الأمراض الاجتماعية متزايدة الانتشار ذات الآثار السلبية اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا ومن أخطر هذه الأمراض المخدرات حيث توجد الكثير من العوامل المتداخلة والمترابطة التي يمكن أن تنتج عن تعاطي الفرد للمخدرات.
وأول تلك العوامل التي ترتبط في الإطار الاجتماعي المباشر والمتمثل في أسرة الأب المدمن، فإن هذا التأثير يمتد أيضا ليصيب الأسرة ثم المجتمع بأسره.
فمدمن المخدرات يهمل رعاية أسرته، في أغلب الأحيان ولا يبالى بأمرها ولا يكترث بها وما يلحق بها من أزمات مما يؤدى إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية، تدفع بالمتعاطي أو الأبناء إلى السلوك المنحرف والجريمة.
أن إدمان الآباء للمخدرات ،وما له من تأثيرات سلبية على شخصية الأب، يؤدى إلى تشوه صورة ذلك القدوة في أذهان الأبناء، وتنهار هذه القدوة حينما يدمن الأب المخدرات فيفقد دوره في قيادة الأسرة.
مما يشعر الأبناء بفقدان الأمان، وسيطرة الخوف والقلق عليهم وقد يصل الأمر ببعض المدمنين، إلى إرسال أبنائهم لشراء هذه المخدرات، مما يكون له التأثير السيئ على الطفل من حيث تأثره بأفعال الآباء، ومحاولة تقليدهم وتؤدى المخدرات بهؤلاء الأبناء إلى العزوف عن العمل والتشرد وإكسابهم عادات سيئة، كالإهمال والسلبية والتواكل والخمول.
كما أن إدمان الأب يوجد جوا اسريا مشحونا بالصراع يؤدى إلى شعور الابن بالقلق وعدم تقدير الذات ويفقده كذلك الإحساس بالأمن والطمأنينة.
وتعد المخدرات عبئا ماليا شديدا ،على ميزانية الأسرة حيث ينفق الأب دخل الأسرة، على المخدرات مما يؤثر على مأكلها ومشربها وتعليمها وصحتها العامة وقد تضطر الزوجة أو الأبناء إلى الانحراف بسلك الطرق غير المشروعة خاصة إذا كانت الأسرة فقيرة.
وللأسف فإن نسبة المدمنين تزداد بين الفقراء وتصبح خصائص الأسرة التي يدمن عائلها التوتر والشقاق والخلافات، وكل هذا ناتج من مشاعر الغضب تجاه الأب بسبب الخوف الدائم من الشرطة، أو بسبب العادات السيئة، مثل تجمع الأصدقاء المدمنين داخل المنزل، حيث يتم إشراك بعض الأبناء في توفير هذه المخدرات ومستلزماتها.
لأن الأبناء يقلدون الآباء نتيجة مشاهدتهم لوضع آبائهم وأحيانا يكون الانعكاس سلبيا ،كأن يكره الابن والده وتتفكك الأسرة بسبب طلاق الزوجة وأحيانا يهرب بعض الأبناء من وضع الأسرة، وهذا له انعكاساته السلبية على الأسرة بشكل عام وعلى الأبناء بشكل خاص.
التعليقات