وأنا طفلة صغيرة كان لدي الكثير من الأصدقاء، حيثما ذهبت كنت أكون صداقات جديدة مع ناس مختلفة ومع مرور الوقت تكونت لدي حصيلة كبيرة من الذكريات مع كل صديق وصديقة منهم في كل مرحلة عبرناها سوياً، هذه الذكريات لاتزال باقية في قلبي أعيش أجواءها وترتسم أبتسامة كبير على وجهي حين أتذكرها.
كانت صداقاتي متنوعة من دوائر متعددة، فهناك أصدقاء المدرسة والنادي والجامعة ثم العمل، ثم كونت صداقات جديدة من دائرة جيراني ومن معارفي سواء القريبين منيّ سناً أو أكبر أو حتى أصغر.
كلما تقدمت في العمر كلما أصبح تكوين الصداقات أكثر تعقيداً ولم تعد الأمور بسيطة كما كانت في طفولتي.
لقد ادركت أن الصداقات التي نكونها حينما ننضج ترتبط كثيراً بطريقة حياتنا وما أصبحنا عليه وهي ليست صداقات عفوية ولا بسيطة وبريئة كطفولتنا.
مع كل صديق أو صديقة كنت أتعرف عليهم كان هناك دوماً شيء مميز أحبه فيهم، شيء خارق يميزهم، قد تكون خفة دم، طيبة، ذكاء، روح مرحة، عقل حكيم، حباً للقراءة والموسيقي الخ…
كانت هذه الصفة الخارقة التي تميزهم هي عادة الارضية المشتركة التي تقربنا من بعضنا البعض علي أختلافاتنا.
ومع مرور الأيام ترسخت عندي حقيقة واضحة وهي أننا كلما كبرنا نحتاج الي أصدقاء حقيقين وليس أصدقاء كثيرين.
ثم تطورت أنا شخصياً واصبحت أتريث في تكوين الصداقات وأخذ وقتي لمعرفة الناس وتحديد ما هو المختلف بيننا وهل يمكن لهذا الأختلاف أن يقف حائلاً في أن نصبح أصدقاء أم لا.
لقد أيقنت أن أختيار الأصدقاء بناء علي أوجه الشبه لا يضمن أبداً نجاح الصداقة وأن نجاحها يكمن في تقبل عيوب الشخص والتعامل معها بشكل مقبول.
الي أن تعرفت علي صديقي المفضل، صديقي الذي أحبه وأفضله مع كل علاّته ومساوئه.
صديقي الذي لا يخذلني ولا يخيب أملي أو يقسو عليّ.
يحبني كما أنا، يسمعني ليفهمني وليس فقط ليرد عليّ ويعارضني، صديقي الذي يقول لي الحقيقة كما هي حتي وأن كانت موجعة.
يشجعني في الأوقات الصعبة والحرجة، خليّ الوفي وناصحي الأمين.
لا يرهبني ويرهقني بالدروس الأخلاقية القاسية حين أُخطأ ويقبلني كمان أنا.
يشّد من أزري في الأزمة كي أواصل وأستمر في المسيرة، يدفعني نحو الأتجاه الصحيح.
صديقي علمني أن أتصرف بعقلانية وأحترم من يحترمني ويحترم عقلي ومشاعري وقبل كل شيء علمني عدم الأكتراث بالناس التي تأخد فقط ولا تعطي.
صديقي الوفي وسع مداركي وعينيّ علي الوجه الحقيقي للحياة وعلمني دروساً مستفادة، جعلني أدرك أن الفقد أحياناً نعمة حينما نفقد من لا يشكل لنا أضافة ومن لا يستحق العناء وأنه واجب لا بد منه تجاه أنفسنا، صديقي فهمني أن في الأستغناء عن أشباه الأصدقاء أو الأحباء راحة.
صديقي المذكور أكون معه نفسي بلا أية أقنعة، ولا يضع لقدراتي حدود ولا يجعلني أنساناً نمطياً يعيش حياة عادية، يدفعني أن أجرب حتي أن أخطأت أو فشلت.
علمني صديقي أن أرضاء الناس جميعاً مستحيل وأنه يوجد شعرة بين عزة النفس والغرور، وبين المرونة والتراجع، وأن هناك أشخاص لن نستطيع أن نحملهم معنا في حقيبة المستقبل وأن الحياة ستظل تعلمنا وتختبرنا وأحياناً ستخرج أحسن ما فينا أو قد تستغلنا و تخرج اسوأ ما فينا.
أشكرك صديقي المفضل، أنا مدينة لك بالكثير.
إلى صديقي المفضل أرسل لك هذه الرسالة - إليً أنا يا صديقي المفضل أقول لك أن تحب نفسك فأنت لم تُخلق لتعاني فقط، قد خّلقت أيضاً لتعيش.
التعليقات