من الشخصيات الهامة والمؤثرة فى حياتى المفكر الإسلامى الراحل (الأب الروحى) حسن عباس زكى وزير الإقتصاد المصري الأسبق، والرئيس العام لجمعيات الشبان المسلمين وشيخ الطريقة الشاذلية وعضو مجمع البحوث الإسلامية والمجمع العلمى، ذلك السياسى الحصيف والعالم المسلم المتصوف الذى تشع نورانيته وسماحته، لتضئ كل من حوله.
وبداية معرفتى بالعالم الإقتصادى الكبير أستاذى حسن عباس زكى فترة منتصف الثمانيات ،فى ندوة أقامتها نقابة التجاريين فى مقرها بالقاعة الرئيسية فى شارع رمسيس وبحضور الدكتور عبد العزيز حجازى رئيس مجلس الوزراء الأسبق، ولفيف من العلماء والوزراء ورجال الإقتصاد فى مصر.
ومنذ ذلك الوقت بدأت علاقته الأبوية تظهر لى من خلال لقاءاتى الصحفية العديدة معه، وحضورى معه جميع ندواته وأتصاله الدائم لى بالأطمئنان على.
ولا أستطيع أن أنسى دعوته لى لزيارة ضريح سيدى ابو الحسن الشاذلى الموجود أقصى مكان فى مدينة مرسى علم ، ومن الأشياء الجميلة التى أهداها لى، وأفتخر بها (تفسيره للقرآن الكريم المكون من عدة أجزاء )..
ولد حسن عباس زكي عام 1917 في مدينة بورسعيد عن أسرة عريقة ، وهو ينتسب للإمام الرفاعي من جهة والدته التى تنتسب إلى أسرة الصياد الرفاعي بمصر. حفظ بعض أجزاء القرآن الكريم فى سن الرابعة من عمره ، ثم التحق بالجمعية الخيرية الإسلامية ، حيث قضى فيها المرحلة الابتدائية، ثم التحق فى المرحلة الثانوية بالمدرسة التوفيقية بالقاهرة ، وأتم دراسته الجامعية بكلية التجارة شعبة اقتصاد جامعة فؤاد الاول ( القاهرة ) عام 1934.
تقلد حسن عباس عددًا من المناصب الرسمية فكان ، سكرتيرا تجارىا بسفارة مصر في واشنطن، وعين عضوا فى وفد مصر بهيئة الأمم المتحدة سنة 1957 ، وفى العام نفسه انتخب عضوا بمجلس الأمة حتى 1970 ، ومثل مصر فى المؤتمر الدولى للإتحادات البرلمانية ، ثم اختير وزيرا للخزانة والتموين والاقتصاد من 1958 - 1962 ، ثم وزيرا للاقتصاد والتجارة الخارجية من 1965- 1971. استعانت به دولة الإمارات ليكون مستشارا لرئيس دولة الإمارات العربية ونائبا لرئيس صندوق أبو ظبى للإنماء الإقتصادى العربى خلال الفترة من 1972 وحتى 1985، كما كان مستشارا لرئيس جمهورية السودان.
ونجح حسن عباس فى المفاوضات التى أجراها مع الانجليز عقب العدوان الثلاثى وتجميد أرصدة مصر فى بنوك إنجلترا وفرنسا ، فاستطاع الإفراج عن أرصدتنا الاسترلينية سنه 1959 والتي بلغت نحو 90 مليون جنيه استرلينى ، كما استطاع توفير الاعتمادات اللازمة لبدء الإرسال التليفزيوني في 21 يوليو 1960 ، كما نجح في إقناع الرئيس جمال عبد الناصر بإلغاء الفائدة على المزارعين في بنك التسليف الزراعي، بهدف تخفيف وطأة الأعباء على الفلاحين ، وتم ذلك فعلا في 22 يوليو1962.
وتحدث حسن عباس قائلا :عندما كنت رئيسًا لبنك مصر اتصل بي ذات مرة سامي شرف سكرتير الرئيس جمال عبدالناصر، وطلب مني الحضور لمقابلة الرئيس وذهبت وأنا أرتعش وقلت لنفسي لماذا يطلب الرئيس عبدالناصر مقابلتي شخصيا؟، وعندما دخلت عليه قال لي اجلس يا حسن.. فجلست وقلت له: خير يا ريس.. فقال لي خير يا حسن ثم سألني: لو موظف كبير في الدولة أراد أن يعمل سلفة (قرض) من البنك إيه هي الإجراءات؟ فقلت له ياريس مين ده الموظف اللي سيادتك جايبني هنا وبتوصي عليه شخصيا أكيد شخص يهمك؟ ففوجئت به يقول: أنا. قلت له سيادتك يا ريس؟ فقال لي: أيوه مش أنا موظف في الدولة وباخد 500 جنيه مرتب.
فرديت عليه: حاضر يا ريس، وحسبت له القرض طلع 7200 جنيه فقال لي بس أنا عاوز 10000 جنيه علشان هاجوز بنتي وفيه أشياء أخرى تحتاجها عائلتي..
فقلت له ممكن لما يبقى الشخص مضمون نرفع مبلغ القرض، وسيادتك رئيس الجمهورية وطلبت من جمال عبدالناصر صورة البطاقة العائلية واستمارة طلب قرض موقع منه، فأمر عبدالناصر بإحضار المطلوب من السكرتارية ثم وقع على استمارة طلب القرض شخصيا، فأخذت الأوراق وانصرفت، وذهبت للبنك وثاني يوم عند الظهر كانت الفلوس معى فذهبت لمكتب الرئيس فدخلت وأعطيته المبلغ ومعي استمارة استلام النقدية أخذها، وانصرفت بعد أن شكرني كثيرا وبعد نحو شهرين كان جمال عبدالناصر يشكل الوزارة فوجدت مكتبه يتصل بي: احضر لمقابلة الرئيس
وذهبت.. فقابلني جمال عبدالناصر وقال لي أنا مرشحك وزير للمالية إيه رأيك؟ فقلت له بس يا ريس أنا عندي 40 سنة يعني لسه سني صغير فقال لي: انت ممتاز يا حسن وقد سمعت عنك كل خير وانا مبسوط منك من يوم القرض، وأنا عاوز واحد شايف شغله علشان يظبط لي الميزانية. وفعلا في أول سنة عملت وزير مالية فيها حققت الميزانية فائضًا 35 مليون جنيه.
وأشار حسن عباس بأن الرئيس حسنى مبارك طلب منه أكثر من مرة لتشكيل الوزارة ولكنى أعتذرت وأتصل بى مرة أخرى لتشكيل حزب جديد وأعطانى كل الصلاحيات فى أختيار الأعضاء للحزب فأعتذرت إيضا وكان يطلب منى أستشارات كثيرة فى أسماء بعض الوزراء عند تشكيل أى وزارة جديدة.
رحل حسن عباس زكى فى 28 نوفمبر 2014 عن عمر يناهز 98 عاماً تاركا ثروة ثقافية تمثلت فى مكتبة تضم 20 الف كتاب بعد رحلة من العطاء لتفقد الأمة الإسلامية قامة اقتصادية وفكرية وإسلامية لا تعوض.
التعليقات