تابع العالم خلال الساعات الماضية جلسة مجلس الأمن التي عُقدت في نيويورك بناءً على طلب مصر والسودان بشأن تفاقم أزمة سد النهضة وفشل المفاوضات مع الجانب الإثيوبي، بل والتصريحات الاستفزازية بين الحين والآخر وصلت إلى السخرية ومواصلة الاستفزاز داخل الجلسة نفسها.
وحقيقة الأمر، جاءت كلمة وزير المياه والري الإثيوبي بعد كلمتي وزيري خارجية مصر والسودان، لتؤكد للشعب المصري، والعالم أجمع كيف كانت المفاوضات واللغة والتصريحات التي سارت عليها المفاوضات إذا كان الحديث الإثيوبي في مجلس الأمن نفسه بهذه الطريقة التي شاهدها العالم على الهواء مباشرة.
ولقد كان الشعب المصري يترقب جلسة الأمن بقدر كبير من الاهتمام الذي ربما غاب لفترات عن متابعة قضية سياسية، لكنها اليوم قضية سياسية مصيرية وجودية تتعلق بالحق في الحياة، لنجد دعوة الوزير الإثيوبي بإعادة ملف القضية للاتحاد الإفريقي، بل يرى من وجهة نظره أن القضية لا تستدعي الذهاب إلى مجلس الأمن، أوإشغال مجلس الأمن بقضايا خارج اختصاصاته!
ثم تحدث الوزير الإثيوبي بسخرية عن هل يمكن للشعب الإثيوبي أن يشرب من مياه النيل؟! ليزيد من مغالطاته بأن الوضع الحالي للموقف المصري السوداني ما هو إلا استكمالاً لما أسماه ورطة الإرث الاستعماري التى تسير عليها مصر والسودان، كذلك الحديث الإثيوبي في مجمله والذي يرتكز على المظلومية في العرض وهو لا أساس له من الصحة.
ومن المنتظر عقد جلسة أخرى لمجلس الأمن خلال أيام، وربما يتم تحديد جلسة ثالثة للنظر في مشروع القرار المقدم من دولة تونس الشقيقة والذي يرتكز على وقف إثيوبيا عن الملء الثاني للسد، وعدم إتخاذ إجراءات أحادية من جانب أي دولة، وتحديد سقف زمني للوصول إلى اتفاق عادل وملزم بشأن ملء وتشغيل السد بما لا يضر بمصلحة الآخرين.
والواضح لنا الآن هو أن الجانب الإثيوبي لا يعترف من البداية بمناقشة الأمر داخل مجلس الأمن، بل يراها خارج اختصاصاته، أو لا ترقى لمستوى مسئولية مجلس الأمن، ويرى أن الاتحاد الإفريقي هو المعني بالقضية، متناسياً الجهود التي بذلت داخل الاتحاد وكانت المحصلة النهائية على مدار سنوات، ومفاوضات لأكثر من 10 سنوات "صفر اليدين"، ولم نجنى منها سوى ضياع الكثير من الجهد والوقت معاً.
والسؤال هنا، ماذا ننتظر من إثيوبيا بعد هذا الحديث الذي رآه العالم وكيف تلتزم بقرار حال صدوره إذا كانت تعتبر الجهة التي يمكنها إصدار القرار غير مختصة؟، والسؤال الأخر، هل تراهن إثيوبيا على ضياع الوقت بالعودة للاتحاد الإفريقي والسير في دائرة مفرغة حتى يتم تحقيق الهدف ووضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع الذي رفضته مصر مراراً وتكراراً في تصريحات القيادة السياسية؟!
والمشهد الذي حدث في مجلس الأمن يوحي بالكثير، والعالم كان أمام الوزير الإثيوبي الذي جاء ليؤكد موقف بلاده نحو التسويف والمراوغة بطريقة الالتفاف والاستخفاف والسخرية لدرجة دعوته للجانبين المصري والسوداني للمفاوضات بجدية وبحسن النية ليشعر المصريين بالاستفزاز الزائد عن الحد.
والرهان المصري السوداني على موقف مجلس الأمن تجاه الأزمة لا يعني انتظار الحل النهائي بقدر ما يعني تبني مصر لسيادة القانون الدولي واللجوء للطرق الدبلوماسية لحلحلة الأزمة، والدليل أنها قادرة كما يعلم الجميع على حماية حقوقها المائية و كما أنها قادرة على حماية حدودها لمسافة تزيد عن 4آلاف كيلو متر على كافة الحدود في وقت واحد.
والحالة التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، قبل وأثناء وبعد جلسة مجلس الأمن تبعث برسالة واضحة المعالم للجميع، وهي أن الشعب المصري كافة لم يكن منعزلاً عما يحدث، ولم يكن بعيداً عن قيادته السياسية، ومن ثم فإن الشعب المصري يستعيد مواجهة الخطر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، مثلما واجه الخطر قبل ثورة 30يونيو2013 مع المشير عبد الفتاح السيسي وقتها، والحمد لله فالشعب المصري يقف خلف قيادته في أي قرار، لأن ثقة الشعب المصري في السيسي بلا حدود في مواجهة الأخطار، ولنا في مواجهة الإرهاب، ومخططات جماعة الإخوان، و30يونيو عبرة وعظة.
التعليقات