الأزهر الشريف يستمد دوره وقوة تأثيره من خلال تخصصه ورصيده في قلوب الناس، قبل الدساتير والقوانين، وما نصت الدساتير على هذا إلا استنادا إلى هذا الرصيد الذي يملكه الأزهر الشريف، ورسالته تقوم على التعليم والدعوة إلى الله بالحسنى، فالأزهر مؤسسة تعليمية دعوية لا يحمل عداء لأحد، ولا ينبغي أن يكون له خصومة مع أحد، فهو يعمل لمصلحة المصريين جميعا، ولمصلحة أهل السنة في العالم كله.
ومن الطبيعي أن ينتظر الناس دور الأزهر، وشيخه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في كل الأحداث الجارية على الساحة والمتعلقة بالشأن الإسلامي، ولكن من الإجحاف الشديد تعمد إخفاء مواقف شيخ الأزهر الخالدة الثابتة، والمساندة لقضايا الأمة والمتابع العادي يدرك ذلك بكل وضوح والأزهر وشيخه لها فيها باع طويل مشرف.
فعلماء الأزهر يدرسون ويشرفون ويناقشون في الجامعات الأخرى في الداخل والخارج وأساتذة الحقوق والآداب ودار العلوم يعرفون طريقهم إلى قاعات ومدرجات وأروقة الأزهر الشريف، فالأزهر دوره لم ينحصر في مبني المشيخة وتاريخ الازهر وعلماء الازهر الافاضل موجودين في كل بلاد الدنيا في افريقيا حوالي ألفي عالم مبعوثون ينشرون دين الله عز وجل في الارض.
ولدينا حوالي 35 الف طالب وطالبة من 104 دول من العالم يدرسون في الازهر الشريف يدرسون الدين الاسلامي الصحيح المعتدل وهذا يؤكد مكانة الازهر الذي سيظل دائما المنارة بالنسبة للعالم الاسلامي كله. والعالم الإسلامي ايضا يري الأزهر المنارة والقيمة وبالتالي يلجأ للازهر في كل الأمور سواء بالنسبة لتعليم ابنائه بنين وبنات وسواء بالنسبة لعلماء الازهر الموجودين في العالم، وله دور فعال سواء علي المستوي المحلي أو الاقليمي أو الدولي.
فهو لكل المسلمين باختلاف مذاهبهم ودوره هو تعلية المفاهيم الإسلامية والأجتهادات الفقهية وتنقيتها مما قد يشوبها من انحراف أو غموض ودور الأزهر مهم جداً ويحمل عبء كبير ومجمع البحوث الاسلامية من أهم المؤسسات للأزهر الشريف يعمل علي تفعيل دور الازهر لتأدية رسالته المقدسة وهي تصحيح ما دخل علي الفكر الإسلامي الوسطي من شوائب وتخليصه مما خالطه من أمور ليس من الإسلام.
الأزهر الشريف يمثل أحد الحصون المنيعة التى قيدها الله تعالى لخدمة الإسلام وحمل لواء العربية وأن شيخ الأزهر مصطفى المراغى أنشأ قسما خاصا سماه (الوعظ والارشاد ) سنة 1928م لنشر الثقافة الإسلامية وترسيخ القيم الإنسانية والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع وكانت وزارة الداخلية تتعاون مع إدارة الوعظ والارشاد في إصلاح وتهذيب السجناء في محلهم وكذلك صغار السن بالإصلاحيات التابعة لوزارة الداخلية.
وكانت وزارة الشئون الاجتماعية تطلب من إدارة الوعظ أن تمدهم بخطيب للوعظ بدور الأيتام والقاء دروس للتعرف على الإسلام وترسيخ القيم الإنسانية بالدار ومشاركتهم في كل المناسبات الدينية للاحتفال معهم بها وكان لقسم الإرشاد بالأزهر دور في تصحيح المفاهيم المغلوطة عند الأطفال والشباب وتقوية الروابط الاجتماعية بينهم كما تمد ادارة الوعظ وزارة الدفاع بالوعاظ لإلقاء المحاضرات للجنود والقيادات لتقوية الوعى والحس الوطنى والترابط الاجتماعى لديهم وكان لهم دور بناء وملحوظ في تكوين الشخصية المصرية ورفع همة الجندية وتوطيد العلاقات الاجتماعية وترسيخ مبدأ الإخاء الإنساني بين الجنود في حرب أكتوبر عام 1973.
وكان عدد الوعاظ عددهم لايتعدى أصابع اليدين في بداية نشأتها ثم أخذ في التطور حتى أصبح بعد ثورة 23 يوليو 1952 نحو 300 واعظ وكانوا يلقون ما يقرب من 20 ألف محاضرة في العام الواحد لعمال المصانع والمناجم و10 الآف محاضرة للسيدات و2000 محاضرة لفرق الأمن و1700 محاضرة للسجون و1000 محاضرة للإصلاحيات وكان 70 واعظا بشكل دائم متواجدون بالقوات المسلحة في جميع المواقع وكل دار من دو الأيتام واعظ للمحاضرات وآخر لخطبة الجمعة وكذلك المستشفيات.
ومايزال الأزهر الشريف رمزا للتسامح والوسطية والاعتدال ناشرا صحيح الدين ويسره واتزانه دون تطرف أو غلو أو تشدد حتي جاوزت دعوته الآفاق وها هو يستعيد مكانته في القلوب والعقول.. والأزهر الشريف كان ولا يزال بعلمائه المنارة التى هيأها الله تعالى لحراسة المنهج الإسلامى ليظل فى رشده ومكانته وقوته.
وأن الأزهر بذلك يكون قد طبق حديث النبى: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". فماذا علينا تجاه تلك النهضة لأزهرنا الشريف من واجب نؤديه له حتي يستعيد عصره الذهبي وينهض لتنهض بنهوضه الأمة.
التعليقات