ما الذي يحدث في إفريقيا؟، وما هو الهدف لما نراه من تأزم الأوضاع بين دول القارة السمراء؟، ولمصلحة من تخرج التصريحات الاستفزازية بين الحين والآخر؟، ومن المستفيد من حالة الصراع الحالية ليتحول المشهد الإفريقي من علاقات التعاون والتكامل والأخوة إلى ما يشبه الحرب الباردة؟!.
كل هذه الأسئلة وغيرها أصبحت ملحة، سواء تجاه ما يتعلق بتطور التصريحات بشأن سد النهضة مع قرب الملء الثاني للسد، والحديث المتكرر عن التدخلات العسكرية، واستفزاز مصر في هذا الإطار، أو التصريحات التي تحدث فيها نائب وزيرخارجية جنوب السودان عن سعى بلاده لبناء سد على النيل الأبيض، بهدف ما أسماه الاتجاه نحو توفير الكهرباء، ومواجهة أخطار الفيضان وغيرها من المبررات.
وجاءت تصريحات نائب وزير الخارجية السوداني، لتقطع الشك باليقين بأن ما تشهده القارة الإفريقية، وخاصة محاولات تضييق الخناق على مصر ما هي إلا مخططات جديدة تستهدف النيل من استقرار الدولة لمصرية، إن لم يكن الهدف منها أيضاً إثناء مصر عن القيام بدورها، وإصرارها على عودة الدور الريادي في إفريقيا والعالم، ومن ثم محاولات هز أركان الدولة المصرية التي هي قلب العالم العربي وصمام أمانه.
ثم إن التوقيت الذي خرجت فيه التصريحات لم يكن موفقاً على الإطلاق، سواء لمصلحة دولة جنوب السودان، أو شماله، أو مصر، ولم تكن التفاصيل التي تضمنت التصريحات تحمل الخير، بقدر ما تبعث القلق، وتثير الشكوك، ليصبح الأمر واضحاً وهو إدخال دول القارة في حروب من أجل المياه، وتبقى الساحة الإفريقية مرتعاً لأصحاب المصالح والأطماع الخارجية.
وفي كل الأحوال لابد أن يعرف الجميع بأن اللعب في المصالح المصرية، خاصة قضية المياه التي تعني الوجود هو بمثابة "اللعب بالنار"، وعلى الذين يراهنون على خنوع الدولة المصرية، أو قبولها بما لا ترضاه لشعبها معرفة تاريخ مصر وشعبها، وقدرتها على مر الزمان في حماية حدودها، وأمنها ، ومصالحها، وأن الإحتلال الذي شهدته مصر خرج منها متأثراً بها أكثر مما أثر فيها، ولنا ولكم في التاريخ حكمة وعظة لمن أراد أن يقرأ أو يعرف!.
وظهر بوضوح على الساحة أن قضية سد النهضة، ما هي إلا مقدمة لسلسلة سدود، سواء من الجانب الإثيوبي، أو جنوب السودان وفقاً لتصريحات نائب وزير الخارجية، أو آخرين ممن نتوقع ظهورهم في المشهد خلال الفترة القادمة، ومن ثم خلق حالة من الفزع والرعب، والتخوف بشأن المستقبل، ثم الوهم الكبير بحديث البعض عن بيع المياه، ومثل هذا الهراء الذي نسمعه دون أدنى معرفة بالقواعد والقوانين والاتفاقيات المنظمة لهذا الأمر منذ مئات السنين.
إن مصر التي استطاعت الحفاظ على أمنها واستقرارها، سواء بعد يناير 2011، أو 30يونيو 2013، وواجهت مخططات الفوضى والتقسيم قادرة على حماية أمنها ومصالحها تجاه الآخرين، خاصة إذا كان هؤلاء هم فريسة المخططات التي فشلت في مصر، والشعب المصري يعرف ويدرك ما الذي يدور في الأذهان، والمخططات المستحدثة، فما بالك بقيادات الدولة المصرية، وأجهزتها، ومؤسساتها التي تدير الأمور بنجاح، ولا تريد التحدث كثيراً في مثل هذه الأمور؟!.
التعليقات