في 31 مارس 2021 مرت الذكرى الـ294 على رحيل إسحاق نيوتن، أبرز العلماء مساهمة فى الفيزياء والرياضيات عبر العصور، ونحن فى الماضى كنا ندرس الرياضيات إما للنجاح وعبور العام الدراسى بسلام أو التفوق لتحقيق حلم مرتبط بدراستها، وللأسف لم يربطها أحد بحياتنا لتكون مثل الدليل لنا ينير الطريق ولكنها أُخُتصرت فى شهادة نتسلمها أخر العام.
لا أخفى سرا أن علم الرياضيات بوجه عام لم يستهوينى يوماً لم أكن أظن أننا نستحق نحن الكارهين لهذا النوع من العلوم أن ندرسه طوال أعوامنا الدراسية فيكفى أن نحفظ جدول الضرب ومسائل الجمع والطرح والقسمة وكفى فما شأن تلك القوانين المعقدة بنا وما علاقتها بحياتنا ومسار قراراتنا؟
حتى أطل علينا نيوتن طوال ثلاثون يوماً فى شهر رمضان ليؤكد لنا أنه يملك التفسير لكثير من مشاكلنا وليجعلنا ننظر بشكل أدق لقوانينه الثلاث الأهم فى تاريخ علم الرياضيات، ولسنا هنا بصدد تقييم المسلسل أو مناقشته ولكن بطل الموضوع هوا نيوتن وحياتنا.
فقانون نيوتن الأول يقول (على أنّ الجسم الساكن يظل ساكناً، والجسم المتحرك الذى يكون بسرعة محددة أى ثابتة وفى خط مستقيم يستمر ويبقى بحركته بالسرعة والاتجاه نفسه، إنْ لم تؤثر قوة خارجية فيه تجبره على تغيير ذلك( فمسار حياتنا عند البعض مثل الخريطة التى نحفظها عن ظهر قلب ولا يوجد بها أى إنحناءات تكاد تكون مملة ورتيبة حتى يأتى الحجر وُيلقى فى المياة الراكدة فتتغير الحياة كلياً ونٌجبر على تغيير الإتجاه .
القانون الثانى خطير جدا وله علامات فى حياة البعض منا فهو يقول (يتناسب تسارع الجسم والذى يكتسبه نتيجة لقوة دفع ما، تناسباً طرديّاً مع مجموع القوى المؤثرة فيه ويكون فى اتجاهها،حيث يوضح هذا القانون ماهية العلاقة بين القوة المؤثرة فى جسم معين ومقدار التغير فى الحالة الحركية له (تسارعه) .
فنجد أنفسنا تحت كم الضغوط التى نتعرض إليها ولا يشعر بها المحيطين بنا للأسف بل قد يدفعون بنا وبأفعالهم إلى الهاوية ولا يجدون حرجا فى إتهامنا طوال الوقت أننا مذنبون .نتحرك بتسارع شديد نتيجة قوة الدفع تلك وهى إما متعمدة أو بإستهتار منهم أو لأن منهم من يتحملون ضغوطا مختلفة ويلقون بها علينا فتتغير البوصلة لدينا وتجتاز سرعتنا سرعة الضوء فى التحول والتغيير .
أما قانون نيوتن الثالث والأشهر بين قوانينه الثلاث ينص على( أن لكل فعل رد فعل مساوياً له فى المقدار ومعاكساً له فى الاتجاه، ويؤثران فى جسمين مختلفين ويعملان على الخط نفسه) .وهذا القانون تحديداً يعتبر لبُ علاقتنا جميعا فنتجاهل ردود أفعال من حولنا تجاه ما نمارسه ضدهم أو معهم .
لا نجد فى كل الأمثلة السابقة من يقف لحظات ويتساءل لماذاهذا حدث ؟ الاغلب يتهم ويصدر أحكاماً ولا ينتظر ويتريث ويفكر ليُكون قرارا مدروسا وموضوعيا فتكون عواقبه أهون وأقل ألما للجميع .
لن أكون مبالغة إذا أكدت أن السياسة أيضا تختصرها قوانين نيوتن الثلاثة فنجد من يتجاهل رد الفعل من المقهور المظلوم ويشجب ويستنكر مقاومته بل يطلب منه السكون والصمت عكس قانون الحياة والذى إختصره لنا نيوتن .
دعونا نعيد قراءة ما درسناه ونتفهم لماذا وُجد وما أهميته ولنرى الاخرين بعين جديدة نملك من خلالها رؤية وجهى الحقيقة وألا نحكم على غيرنا بدون أن نعلم ما خلف الكواليس أو ما نغمض أعيننا أن نراه ، فالإنسان ليس ما تراه اليوم ولكن ماعايشه أمس والله أعلم ماذا حدث بالأمس .
نيوتن يقول فى إحدى عباراته الشهيرة (نبني الكثير من الأسوار وما لا يكفي من الجسور) كم هى عبارة بليغة واقعية نأمل أن نغيرها ( فنبنى الكثير من الجسور والقليل من الأسوار).
التعليقات