السينما الصامتة.. 1907-1939
التجارب الأولى
الجزء الثانى عشر
من "ليلى" إلى "زينب"
نساء السينما المصرية.. طلعت حرب محمد كريم.. والأخوين لاما
الرواد..
ومرحلة تمصير السينما المصرية!
"زينب"
-الجزء الثاني-
وأعود من جديد لكتاب "تاريخ السينما المصرية قراءة الوثائق النادرة"
للأستاذ "محمود قاسم" والذي كان سرده وافيا شافيا لكواليس فيلم "زينب"
و"محمد كريم"
حيث بدأ حواره مؤكدًا هذا الحدث الكبير في تاريخ السينما المصرية قائلا: إنها سنة زينب في السينما المصرية!
رغم إنه عام 1930
لم يتم عرض فيلمين فقط هما "زينب" من إخراج "محمد كريم"
وفيلم "تحت ضوء القمر" إخراج "شكري ماضي"
إلا أنه كان مميزا
وذلك على حسب القوائم التقليدية المنشورة طوال تاريخ السينما المصرية
أما حسب البحث الذي قام به الأستاذ "أحمد الحضري" في كتابه "تاريخ السينما في مصر"
فإنه قد تم عرض ستة أفلام عرضا جماهيريا، أما الأفلام الأخرى فهي
"الضحية" و"جناية نصف الليل" و"الهاوية.. أو الكوكايين"
وهو من إخراج "أحمد المشرقي" ثم فيلم "معجزة الحب" إخراج "إبراهيم لاما"
والفيلمين الأخيرين كانا في العادة يوضعان ضمن الأفلام المعروضه ضمن أفلام عام 1931
ويسترسل الكاتب حتى نصل إلى الحديث عن فيلم زينب
بداية من فريق العمل والذي لو ركزنا فيه لتعلمنا وعلمنا بعض الأمور والمدهشة منها
عن هذا العصر وتلك التجربة الفريدة
خاصة مساعدي التصوير المصريين لمصور إيطالي
وهذا معناه إثبات فكرة التعلم ونقل الخبرة للمصريين
وتأليف موسيقى العمل للممثلة بهيجة حافظ!
والذي يؤكد دور بل والتطور الهائل للمرأة في تلك البدايات!
بل والتي آراها فريدة أيضا في هذا التخصص حتى يومنا هذا!
الإنتاج: فيلم رمسيس صاحب الشركة ومديرها يوسف وهبي
المخرج والإعداد السينمائي: محمد كريم
القصة: محمد حسين هيكل
التصوير: جاستون مادري
مساعد المصور: حسن مراد ومحمد عبد العظيم
موسيقى: بهيجة حافظ
التمثيل:
بهيجة حافظ "زينب"
سراج منير "إبراهيم – حبيب زينب"
زكي رستم "حسن – زوج زينب"
دولت أبيض "أم زينب"
إبراهيم حسن الكاملي "والد زينب"
حسن أحمد "أبو حسن"
منيرة أحمد "أم حسن"
نادية "أخت زينب"
الطفل جمال حسني "شقيق زينب"
حسن كمال "العمدة"
عبد القادر المسيري "الطبيب"
سيدة فهمي "أخت حسن"
وشارك في التمثيل كل من "علوية جميل" و"إبراهيم الجزار" و"لطفى الحكيم" و"توفيق صادق" و"روحية محمد" والراقصة "دوللي أنطوان"
أما "عبد الوارث عسر" و "حسين عسر" فهما الممثلان الوحيدان اللذان شاركا في التمثيل في هذا الفيلم
وأيضا في الفيلم الناطق الذي سيتم إنتاجه
بعد اثنين وعشرين عاما!
بل أن "عبد الوارث عسر" سوف يشارك في كتابة سيناريو الفيلم الناطق.
ومن الملاحظ
أننا أمام فيلم مصري حقيقيى يعمل في كافة أقسامه مصريون.. ماعدا التصوير..
كما أنه الفيلم الأول الماخوذ عن رواية مصرية..
وهو أيضا الفيلم الأول التي تدور أحداثه في الريف المصري حيث تم تصوير بعض مشاهده في عزبة وجيه اسمه "محمد حقي" في أنشاص.
كما أنه بالطبع الإنتاج السينمائي الأول "ليوسف وهبي" وشركته السينمائية
المنبثقة عن مسرح "رمسيس"..
كما أنه الفيلم الروائي الأول لـ"محمد كريم"
وهو أول ظهور على الشاشة لأغلب أبطاله ومنهم "بهيجة حافظ"
التي بدت كأنها تدخل منافسة مع السيدات اللآتي يسعين خاصة من خلال الزواج برجال من الأثرياء يقفون خلفهن للعمل بالسينما..
ومنهم بالطبع "عزيزة أمير" التي كانت قد توقفت عن العمل في السينما في تلك الفترة لأسباب مالية وعائلية مرتبطة بوفاة أخيها.
والرواية ماهو معروف مآخوذة عن حادثة حقيقية دارت عام 1896
لذا أول شيء فعله المخرج حين قرر أن يعمل في الفيلم
هو أن ذهب لمشاهدة القرية الأصلية" كفر غنام "التي عاشت فيها "زينب" الحقيقية..
وشاهد البيت الذى وراء جدرانه تقطعت أنفاسها الأخيرة..
كما زار مقبرتها المتواضعة التي دفنت تحتها..
وعرف المخرج أن الفتاة "زينب الإمام" وهو اسمها الحقيقي
قد اجتثت اسمها تماما من الوجود بعد أن ماتت شقيقاتها اللتين تزوجتا معا ثم مات كل من الأب والأم على حده كأنما أصابت الأسرة لعنة!
"محمد كريم" الذي قرر إخراج فيلمه الأول عن الريف
لم يكن قد شاهد هذا الريف من قبل فقد انحسرت حياته بين القاهرة وأوروبا..
وتقول مجلة "الموعد"
في حلقات سلسلة "بهيجه حافظ"
"فقد سافر كريم إلى الريف.. وسافر أيضا إلى أعماق الأبطال
من كان منهم على قيد الحياة التقاه.. تحاور معه..
ومن كان قد رحل عن الدنيا أطال الاستفسار عنه من الذين عايشوه وعرفوه عن قرب..
نظم كاتب القصة الأديب الكبير الدكتور هيكل زياره لبلدته "كفر غانم" عله يجد على أرضها رؤية جديدة..
فاستغل الفرصة ليحصل على معين أكبر"
وأهمية القصة
إنها تنتمي لروايات الحب البائس
التي تنتهى بموت الحبيبه التي يقتلها الفقر والمرض
فتحرم من حبيبها
وتوارى القبر وهى في عز شبابها..
أنها نوع مقارب لكل من "مجنون ليلى" و"روميو وجولييت"
و"غادة الكاميليا"
وهي القصص الخالدة في الآدب العربي والعالمي..
ويكمل الكاتب حديثه مستشهدا..
بالكتاب الذي نشره المركز القومي للسينما وقد كتب هو نفسه مقدمته..
وقد جمعت مادته من الصحف "أنسية أبو النصر"
فإن هناك من وقفوا إلى جوار الفيلم بقوة ومنهم "حبيب جماتي" ..
إلا أن كاتبا كان يوقع باسم "مصري"!
نشر في اللطائف المصورة في 28 إبريل عام 1930 مقالا تحت عنوان
"لايجوز عرض فيلم "زينب" السينماتوغرافي خارج مصر!
جاء فيه تحت عنوان فرعي هو
"مصر تبرأ من الفيلم"!
-وأضيف أنا.. ازداد اقتناعا يوما بعد يوم كلما قرأت في تاريخ مهنتنا..
بأن مساوئ الماضي تكرر نفسها دون أي تغيير في زمننا الحالي!! –
وأعيد "ما أشبه اليوم بالبارحة ياسادة"..
ويسترسل الكاتب "مصري"
رسالته والتي هي أشبه ببعض من لديهم القدرة على الكتابة
سواء في الإعلام
أو وسائل التواصل الحديثة خاصة من هم
يدعون أنهم "ليسوا أخوانا!"..
"قبل أن أنقد القصة فنيا..
أقول بصوت اسمعه العالم أجمع أن مصر تبرأ إلى الله من تلك التبعات
التي الصقت بها رغم إرادتها..
وما كنت أدري أن مصريا كواضع القصة ومصريين كممثليها يرضون بإظهار هذا الفيلم
وما به من عيوب.. وعادات غير حقيقية
في الآونة التي نهضت فيها مصر لتسترد مكانتها السامية بين الأمم المتمدينة..
وفي الوقت الذي ترفع فيه رأسها يرغمونها على النصوص!
وطاطأة الرأس!
وهذا مافيه من مذلة وهوان!
بل أقول أكثر من هذا كيف سمحت الحكومة بتمثيل هذا الفيلم وعرضه على الجمهور؟
لا عجب
فالحكومة لا تعلم من أمره شيئا لأن مراقبة الفيلم في يد فتاة إنجليزية!
وقد تجد في إظهار المصري بعض التفكه والتسلية!
وماذا يهمها أن عملت أن به دعاية ضد مصر..
وهو شرر لو تطاير لما ابقى على سمعة مصر و لا كرامة أهلها ؟؟
-كل هذا و لم يبدأ الـ"مصري" بنقد الفيلم بعد!!!
وفى مكان اخر من المقال بعد ان قام بتلخيص قصة الفيلم يقول
هل يذكر الدكتور هيكل
أن الدين الإسلامي أباح للخطيب رؤية خطيبته.. وأن دعاة السفوريين من عهد "قاسم أمين"!
إلى اليوم قامت على الوجه ليس بعوره..
والدين لهذا جعل للفتاة كل الحرية في اختيار الزوج..
ولها أن ترفض..
وجعل للرضا علامات وللرفض علامات..
وهل يذكر الدكتور هيكل
إنه يكتب القصة عن عادات بلد إسلامي ليس لنسائه حرية اختيار العشيق والدنو منه
بل تلك الزوجة التي ظهرت بمظهر المستعبدة الخاضعة
التي فهمت قيمة الزوجية وقنعت بناية مستقبلها
يجب إلا تبرح حجرة بها زوجها خصوصا وهو يريد ثيابا نظيفة
يذهب بها إلى المحطة!
فكيف وهي في تلك الساعة تترامى بين أحضان عشيقها..
وهي في بيت الزوجية..
بيت قروي معرض لدخول أي طارق..
بل أكثر من هذا هو إظهار المصرية في هذا الثوب مدعاة لتحقيرها..
ولو حاكت هذا الثوب يد غير مصري لما كان اهتمامنا به كاهتمامنا بمثل الدكتور هيكل!
وهنا يجدر بوزارة الداخلية التي لها حق القوامة!
على الإخلاق والآداب أن لا تبيح إرسال الفيلم إلى خارج القطر
لأن في عرض الفيلم مدعاة للسخرية من العادات التي لصقها الواقع بالمصريين..
ومن يريدد أن يصنع مؤلفا عن مصر وعاداتها فلا يكون بمثل ما رأينا..
بل يجب أن يدعو الى تفهم اخلاق المصري وعاداته بما يتناسب مع روح العصر الحاضر..
وبما يكون مشرفا له في نظر من يشاهد الرواية
من الأجانب!
ونحن لسنا بصدد مناقشة ما جاء في كلام هذا الناقد الذي لم يتناول الفيلم بالنقد الفني قدر منظوره إلى الجانب الأخلاقي في أحد مشاهد الفيلم..
ولعل هذه الكتابات كانت في منظور "محمد كريم"..
وهو يقدم الفيلم الثاني!!!
فقلل الشعور الحسي لـ"زينب" وجعلها ضحية للأسرة التي زوجتها من "حسن" الميسور اجتماعيا
وحرمتها من حبيبها الخوجه "إبراهيم"
كما اسكنت الدرن بقسوه في جسدها..
ويسترسل الكاتب..
سرده لقصة آراء النقاد في فيلم "زينب"..
وقد اتفقت كافة الأقلام التي تحدثت عن الفيلم أن أضعف ما في "زينب"
هو القصة أنها لا تستحق ذلك المجهود
وليست أهلا لذلك التعب الذي تكبده هؤلاء المساكين
– المقصود بالطبع طاقم الفيلم-
وكان الأجدر بمن وضعوا هذا المشروع القيم موضع التنفيذ أن يتريثوا قبل الأقدام على العمل!
وأن يبحثوا ويطالعوا ويفتشوا لكي يقع اختيارهم على رواية اسمي
وأغنى في الحوادث والوقائع وعوامل التأثير!
ورغم ذلك فأن المخرج قام بإخراج الفيلم مرة أخرى وسط دعاية مكثفة له عام 1952
وذهب الفيلم إلى مهرجان "برلين" للعرض مع بطلته "راقيه إبراهيم".
ومن يريد معرفة المزيد من المعلومات عن الفيلم فانها متوفره بكثره سواء في
"مذكرات محمد كريم" التي أملاها إلى " محمود علي" أو في مقال نشرته مجلة "الهلال" في عدد خاص عن السينما عام1976
أو في كتاب "أحمد الحضري" "تاريخ السينما في مصر" أو في حلقات السبع عشر
التي نشرتها مجلة "الموعد"
وأيضا في الكتاب الذي أعده المركز القومي للسينما عن فيلم "زينب"
وهو الكتاب الصادر عام 1996 بمناسبة الاحتفال بمرور أربعين عاما على رحيل المؤلف.
و..
للحديث بقية
التعليقات