السينما الصامتة.. 1907-1939
التجارب الأولى
الجزء العاشر
من "ليلى" إلى "زينب"
نساء السينما المصرية.. طلعت حرب. .محمد كريم.. والأخوين لاما الرواد..
ومرحلة تمصير السينما المصرية!... بدايات السينما الناطقة
سردنا في مقالنا السابق كيف تم
تأسيس شركة "مصر للتمثيل والسينما" عام 1925 برأسمال 15 ألف جنيه..
بعد أن كانت قسمًا للسينما تابعًا لشركة "مصر للإعلانات" كأحد شركات "بنك مصر"
الذي أسسه الاقتصادي العظيم والرائد "طلعت حرب" ليكون ركنًا من أركان النهضة الاقتصادية والفنية المصرية..
ونكمل اليوم قصة التحول العظيم الذي احدثته تلك التغييرات..
الحاسمة في تاريخ الصناعة..
خاصة حينما اشعلها وأخذ لواء الوطنية المصرية شعارا أساسيا.. في ذاك الوقت..
الرائد المخرج والممثل "محمد كريم"
مطالبا "طلعت حرب".. "بتمصير صناعة السينما"
وبضرورة إنشاء شركة "قومية للسينما".. وبرأسمالٍ مصري..
وتعتبر تلك هي المبادرة الأهم..
الأولى والفعالة لوضع السينما المصرية..
على طريق هويتها الحقيقية بعيدا عن الفكر والفنان الأجنبي..
ومن خلال مقالات عديدة وكتابى "تاريخ السينما المصرية قراءة الوثائق النادرة للأستاذ محمود قاسم" و"قصة السينما في مصر للأستاذ "سعد الدين توفيق"..
اسمحوا لي أن اعرض تاريخنا الاتى..
فى عام 1932
عرض فيلم "أولاد الذوات" كأول فيلم مصري "ناطق"
قام ببطولته "يوسف وهبي" و"أمينة رزق"
كما شهد هذا العام ظهورأول مطربة مصرية وهي "نادرة"
وذلك في فيلم "أنشودة الفؤاد"
الذي اعتبر أول فيلم "غنائي" مصري ناطق
بينما كان أول مطرب يظهر على الشاشة هو "محمد عبد الوهاب"
في فيلم "الوردة البيضاء".
أما أول فيلم مصري يعرض في "خارج القطر المصري"
فكان فيلم "وداد" من بطولة" أم كلثوم "
كما أنه أول فيلم ينتجه "ستوديو مصر"
الشركة التي احدثت تأثيراً كبيرا في تاريخ صناعة السينما المصرية.
بل وكانت نقطة التحول في هذه الصناعة.
شييد "استوديو مصر" عام 1935
كما ذكرنا
وقام بإنتاج الأفلام المصرية
وكثر عدد المشتغلين "الفنانين والفنيين" في هذا الحقل الجديد.
ويعتبر "استوديو مصر" المدرسة الأولى..
التي تخرج منها كافة العاملين في الحقل السينمائي.
كما وضع قواعد العمل السينمائي وأسسه..
ومثل "استوديو مصر"
مرحلة تطور هامة في تاريخ صناعة السينما وسحبها من أيدي الأجانب
وتركيزها في يد المصريين..
كما أرسل
"بعثات السينمائيين المصريين" للتدريب في الخارج ليكونوا نواة لهذه الصناعة.
أنشأ "يوسف وهبي"
أول استوديو أقامه فنان مصري.. وفقاً لأحدث المواصفات الفنية..
حيث سافر بنفسه لانتقاء أحدث المعدات من إيطاليا ودول أوروبية أخرى
لينشىء استوديو "رمسيس"
حيث كان نجاح "استوديو مصر" حافزاً للفنانين والمستثمرين لإنشاء استوديوهات أخرى مثل
"جلال" و "لاما" بحدائق القبة
و"ناصيبيان" بالفجالة
و"الأهرام" بالجيزة
و"توجو مزراحي" بالقاهرة والإسكندرية
واستوديو "شبرا"..
كذلك أنشئ معمل "بالظاهر" للطبع والتحميض.
كثر المشتغلون بهذه الصناعة الوليدة
من منتجين.. وفنيين.. وفنانين.. سواء من المصريين أو من الأجانب.
ومع ذلك
فلم يلبث إدخال "الصوت" في الأفلام في أواخر الثلاثينيات
أن تمخض ذلك عن إصابة الصناعة المصرية الناشئة بخسارة فادحة!
لعدم وجود أجهزة لتسجيل الصوت في مصر..
وصعوبة استيرادها أدى إلى تسجيل الصوت في "باريس"
الأمر الذي
كان يكبد المنتجين نفقات باهظة..
وخاصة بسبب اضطرارهم إلى نقل معظم الفنانين والفنيين إلى هناك!
وإن لم يثبط ذلك
من عزيمة السينمائيين المصريين
الذين عمدوا إلى تحويل جهودهم نحو إنتاج الأفلام الناطقة..
تولَّد عن إدخال الصوت في صناعة الأفلام
ميزة عظيمة للمصريين منذ البداية في
منافسة الأفلام الأجنبية
في الأسواق العربية
وذلك لنطق الأفلام المصرية بالمصرية
التي يفهمها سكان الشرق العربي قاطبة..
وكان فيلم "أنشودة الفؤاد"
الذي أنتجته شركة "النحاس فيلم"
بالاشتراك مع "إخوان بهنا"
أول الأفلام الغنائية الناطقة...
وسجل الصوت في استوديوهات "جومون" بفرنسا..
وعرض الفيلم في عام 1931
وتلاه فيلم "أولاد الذوات"
الذي أخرجه "محمد كريم" لحساب "يوسف وهبي"
وسجل الصوت في استوديوهات" توبيس كلانج" في باريس.
ولقي الفيلم الأخير نجاحاً كبيراً عند عرضه في سينما "رويال" في القاهرة.
مما شجع المنتجون المصريون في تزويد أفلامهم بالأغاني..
وهكذا أنتجت شركة "بيضافون" عام 1933
أول فيلم ظهر فيه الفنان "محمد عبدالوهاب" وهو "الوردة البيضاء"
فنجح نجاحاً كبيراً..
وفي عام 1935 ظهرت "أم كلثوم" في باكورة أفلامها "وداد"
الذي أنتجته شركة "مصر للتمثيل والسينما".
وتطورت الأمور
وأنتج أول فيلم مصري - أجنبي مشترك عام 1933
مع شركة "جومون الفرنسية" هو فيلم "ياقوت أفندي"
بطولة "نجيب الريحاني" والممثلة الفرنسية "إيمي بريفان" ومن تأليف "بديع خيري" و"أحمد خالد" وإخراج المخرج الفرنسي "ويلي روزيه"
وكان مساعد المخرج هو "أحمد بدرخان".
وقد تم تصويره في مصر وفرنسا.
وفي عام 1947 ظهر الإنتاج المشترك بين مصر والعراق بفيلم
"القاهرة - بغداد"، وبالاشتراك مع "إيطاليا" عام 1950 بفيلم "الصقر".
وتعتبر مرحلة الأربعينيات مرحلة انتعاش الفيلم المصري..
حيث ارتفع معدل الإنتاج السينمائي من تسعة أفلام في الموسم 38/1939
حتى وصل إلى 16 فيلماً في الموسم 44/1945..
ويرجع ذلك نتيجة لدخول رؤوس أموال أغنياء الحرب العالمية الثانية
-كما سبق وأن ذكرنا-
إلى ميدان صناعة السينما مع زيادة القوة الشرائية في نفس الوقت لدى المواطنين والمترددين على دور العرض السينمائي.
وارتفع متوسط إنتاج الأفلام في الفترة من عام 1945 إلى عام1951
من 20 - 50 فيلماً سنوياً، وبلغ عدد الأفلام المنتجة 241 فيلماً، أي نحو ثلاثة أضعاف الأفلام المصرية المنتجة منذ عام 1927.
ووصل عدد دور العرض السينمائي إلى 244 داراً للعرض عام 1949..
كما وصل عدد الاستوديوهات إلى 5 استوديوهات بها 11 ساحة للتصوير..
ولمع في هذه الفترة عدد من المخرجين..
مثل" أحمد بدرخان" و"هنري بركات" و"حسن الإمام"
"إبراهيم عمارة"، "أحمد كامل مرسي"، "حلمي رفلة"، "كمال الشيخ"
"حسن الصيفي"، "صلاح أبو سيف"، "كامل التلمسانى"، "عز الدين ذو الفقار"
كذلك "أنور وجدى" الذي قدم سلسلة من الأفلام الاستعراضية الناجحة..
وأيضا فنانات وفنانون مثل "ليلى مراد"، "شادية"، "فاتن حمامة"، "ماجدة الصباحي"..
"مريم فخر الدين"، "تحية كاريوكا"، "نادية لطفى"، "هند رستم"، "عمر الشريف"..
"يحيى شاهين"، "إستفان روستي"، "فريد شوقي"، "أحمد رمزي"، "صلاح ذو الفقار"، "أنور وجدى"
ظهرت محاولات لتلوين أجزاء من الأفلام..
-وكانت تلك عادة دعائية هامة وقتها-
منها تلوين أغنية "يوم الاتنين" من فيلم "لست ملاكا"
للفنان "محمد عبد الوهاب" عام 1946.
ولعب الفيلم المصري دوراً مهماً في ربط المجتمع العربي والتعريف بمصر..
وعمل أكثر من أي أسلوب آخر على نشر اللهجة المصرية..
وبهذا حظي الفيلم المصري العربي وقتئذ على مكانة عالية.
ومما سبق نكتشف يوما بعد يوم ومقالا بعد الآخر
ما قعلة الأولون منا والرواد
لنهضة تلك الصناعة التي عانت ولازالت تعاني
وتعصف بها كل أنواع الرياح العاتية
ولكنها صامدة
نكتشف ونتعلم منهم
ما افتقدنا فعله!
ما نسينا بل وتناسينا أصوله !
نكتشف أيامنا الذهبية وكيف صنعناها
فهل من مبصر اليوم
على أقل تقدير
يعمل على تقليد مافات
لنجدة .. صناعة عقول ووجدان الشعب المصري..
هل من بطل
يعيد الروح للشعب المصري من جديد!؟
هذا
وقد تأثرت هذه المنزلة الكبيرة للسينما عبر تلك الفترة
بما كان يطرأ على العلاقات العربية من موجات تُدعِّم هذه العلاقات أحياناً..
وتوهن عراها في أحيان أخرى..
مما أدى إلى حدوث مد وجزر في توزيع الفيلم المصري في البلاد العربية..
ولكن
بدأت مقاطعة الفيلم المصري في فترات متقطعة في الخمسينيات !!!
و..
للحديث بقية
التعليقات