نشأنا وترعرعنا على ما تعلمنا من أساتذتنا في أكاديمية الفنون وكذلك من آبائنا الأولين في المجال الفني بأن "الفن هو مرآة للحياة" وأن الفن هو المؤثر الأساسي في السلوك الإنساني.
ومن ثم فان الفن رسالة إنسانية شديدة الأهمية تصل في أهميتها لدور الأنبياء والرسل في إعادة تشكيل عقل وروح الإنسان للحق والعدل والجمال.
وإن الفن "سلاح فتاك وخطير" في حال لو وقع في يد من لا عقل له خاصة لو وقع في يد الجاهل أو الفاسد..
وإن حدث ذلك... لفسد الإنسان وضلت روحه الطريق!
كما تعلمنا أيضا مقولة مهمة كانت شديدة القسوة عند سماعها "بغاء الجسد يمكن علاجه أما -بغاء العقل- يستحيل النجاة منه!"
بغاء العقل!!
كان وقع الجملة خطيرًا بالنسبة لعقل طالب في العام الأول بأكاديمية الفنون
وظلت الكلمة تطن في أذني حتى وقتنا هذا
بل أخذ صوتها يعلوا بعد كل شهر رمضان منذ ذلك الحين!
وهنا أصل إلى ما أريد أن أحققه في هذا المقال
وأتساءل باندهاش كبير: كيف يمكن لمنتج.. او لكاتب.. او لممثل.. أو لأي من صانعي الأعمال الدرامية أن يوافقوا على صناعة أعمال يعرف مسبقا أنها ستكون في: شهر رمضان الشهر الكريم!!
سواء في دراما مصر أو حتى بعض دراما الوطن العربى للأسف، ويكون محور مواضيعها: علاقات محرمة.. البلطجة.. علاقات أسرية مفككة تقوم على الخيانة والانتقام وصراع المال والثروة.. السرقة... الانحراف الأخلاقي.. إلخ.
وكل عام يزداد الأمر سوءا بعد سوء.. حتى أصبح اتجاه واضح لا خلل فيه!!
وصولا اليوم إلى مسلسلات الراقصات!!
ومنذ البداية أنا ضد أى حذف لأي عمل..
فالحلال بين والحرام بين..
ولكن اختيار التوقيت والزمان وطريقة العرض مهم جدا
لماذا لا تعرض في أي توقيت أخر بعيدا عن شهر رمضان..
وهنا أتوقف كثيرا...
فالكارثة لا تقف عند ذلك فقط فالمنتج الفرد حر أن يقدم ما يشاء.. ان جاز لى التعبير ولكن حينما يكون المنتج بل والقناة العارضة لتلك الأعمال
تابعة أو تمثل أحد لدول بعينها... فتلك كارثة ومصيبة كبرى سواء كانت عن جهل أو عمد!!
ألا يوجد بينكم جميعا أي عاقل؟!!
وأنا لا أشير لكل المحطات بالطبع فهناك منهم من يراعى بعناية وبشدة على كل ما يتم عرضه من صغيرة وكبيرة..
ومن هنا أصل إلى عنوان مقالي
وأتساءل: ما هو جزاء من يكون مسؤولا عن إفشاء "بغاء العقل"؟!!
وأترك الإجابة للسادة المشاهدين
والذين ألومهم أيضا بقدر صانعي وعارضي تلك الأعمال لعدم قدرتهم على لفظ تلك الأعمال والاحتجاج الفعال لمنع عرض تلك الأعمال في شهر رمضان الكريم.
وأتساءل أيضا: هل تلك المواضيع الفاسدة تعبر بالفعل وتكون مرآة للمجتمع؟!
وإن كانت كذلك..
هل وصل عالمنا العربى الى هذه المرحلة من الانحطاط؟!!
وإن كان كذلك..
هل يكون الحل هو أن أعرضه مجردا هكذا أم أحاول جاهدًا أن أعيد تشكيل سلوكه من جديد؟!!
وهنا يأتي السؤال الأهم: ما هو دور الفن الدرامي في كل ما يحدث حولنا من العالم الآن؟!
هل هو مصنوع للهو؟!
للهروب من الواقع؟؟!!
أم لمواجهته وإعادة تأهيله.. أو ربما إلصاق صفعة قوية على وجهه لإفاقته
أو ربما العمل على أعمال وإثارة عقله بالتفكير؟؟!!
وهل صرف كل تلك مليارات الدولارات على مثل هذه الأعمال الدرامية بل وبرامج الترفيه الساذجة والمهينة بعضها في الشهر الكريم تستحق؟؟
في وقت يعاني منه أكثر من نصف الكرة الأرضية من المجاعة والقتل والتهجير والموت؟!!!
كل تلك أسئلة أتوجه بها للقارئ الكريم
كما أوجهها في الأصل الى كل صانعي الدراما، بل وإلى صانع القرار الإعلامي في وطننا العربي
وأقولها بصوت عالي: "أوقفوا بغاء العقول"
وأخيرًا
رمضان كريم!
التعليقات