الحزام الناري، أو ما يسمى بالهربس النطاقي أو العصبي (Herpes zoster / Shingles)، هو التهاب فيروسي حاد في العصب وسطح الجلد المحيط به الذي يغذيه هذا العصب، إذ يظهر على هيئة حويصلات في مسار عصب حسي معين، ويتميز بوجود ألم شديد، وهذا سبب تسميته بالحزام الناري، حيث إنه يأخذ جزءاً محدداً من الجلد تبعاً للعصب المصاب وكأنه حزام يفصل هذا الجزء شديد الألم وأحمر اللون كالنار عن باقي الجسم.
الفيروس المسبب لهذا المرض هو فيروس الحماق النطاقي (Varicella-Zoster Virus)، وهو نفس الفيروس الذي يسبب الإصابة بمرض جدري الماء، فعند الإصابة للمرة الأولى بالجدري يظل الفيروس كامناً في العقد العصبية في أصول العصب مدة تصل إلى عدة سنوات، وعندما يعاد تنشيطه يسير الفيروس نزولاً مع الأعصاب ليصل إلى الجلد في صورة الهربس العصبي، إذ لا يمكن أن يحدث الحزام الناري دون الإصابة الأولية بجدري الماء، وعادة يكون سبب تنشيط الفيروس غير معروف، لكنه يرتبط بالسن (أكثر انتشاراً فوق سن الخمسين)، وضعف المناعة لأي سبب، والتعرض لتوتر وانفعال شديد، وفي العادة، يصاب المريض بهذه بالحزام الناري مرة واحدة في حياته، ومن النادر أن تتكرر الإصابة بهذا المرض لمرتين أو أكثر، وتشير الدراسات إلى أن نسبة الإصابة بهذا المرض مرتفعة نسبياً؛ حيث يصاب شخص من بين كل ثلاثة أشخاص بهذا المرض على مستوى العالم.
الأعراض
عادة ما يصيب فيروس الحماق النطاقي عصب واحد على جانب واحد من الجسم، تظهر أعراضه في منطقة الجلد التي يغذيها العصب (Dermatome)، والأعراض الأكثر شيوعاً في الحزام الناري هي الألم المزعج والثابت، وشعور بالحرقة، وألم حاد يشبه الطعن المتقطع، وتشمل الأعراض الشائعة الأخرى ألم في الجلد عند اللمس، والطفح الجلدي العنيف، وفي بعض الأحيان يتأثر اثنين أو ثلاثة من الأعصاب إلى جانب بعضها البعض، ينتشر المرض عادة على الأعصاب المصابة التي تغذي جلد الصدر أو البطن، وأعصاب منطقة الوجه العلوي، تحديداً في منطقة الجلد حول العين، وعادة ما يأخذ الحزام الناري المسار الآتي في ظهور الأعراض، وهي:
- ألم حاد، ووخز، وخدر، وحكة على جزء معين من الجلد، وعلى جانب واحد من الجسم.
- يظهر الطفح بعد يوم إلى خمسة أيام بعد بدء الإحاسا بالألم.
- ظهور بقع حمراء تتطور إلى بثور مملوءة بسائل تثير الحكة.
- الطفح الجلدي يظهر على شكل جدري الماء، ولكن فقط على منطقة واحدة من الجلد الذي يغذيها العصب المتأثر.
- قد يؤثر الطفح الجلدي في بعض الحالات على الوجه، والعينين، والفم، والأذنين.
- في بعض الأحيان تدمج البثور، وتشكل بقعة حمراء صلبة التي تبدو وكأنها حروق شديدة.
- في حالات نادرة، بالأخص لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، قد يكون الطفح الجلدي أكثر اتساعاً، ويتشابه مع طفح جدري الماء، بحيث يغطي مناطق واسعة من الجلد.
- يمكن للحزام الناري أن يؤثر على العين، ويسمى عندها بهربس العصب البصري، حيث يغزو الفيروس عصب العين ويسبب التهابات مؤلمة للعين، وقد يتسبب بخسارة مؤقتة أو دائمة للرؤية.
- قد يستمر ظهور بثور جديدة لمدة تصل إلى أسبوع.
- قد يتسبب بالتهاب وتورم في الأنسجة الرخوة تحت وحول الطفح.
- الأشخاص الذين يعانون من الحزام الناري على الجذع قد يشعرون بتشنجات مؤلمة بعد التعرض لأي لمسة طفيفة جداً.
- تبدأ البثور بالجفاف تدريجياً لتشكل قشوراً بعد سبعة إلى عشرة أيام من ظهورها.
- قد يخلف الحزام الناري بعض الندبات الطفيفة في مكان تلك البثور.
- يمكن للحزام الناري أن يستمر ما بين الأسبوعين إلى الأربعة أسابيع.
أعراض أُخرى قد تصاحب المرض، وهي كما يأتي:
- ارتفاع درجة الحرارة، والقشعريرة.
- إحساس بالضعف العام.
- صداع الرأس.
- ألم بالمفاصل.
- ألم بالبطن.
- توعك والغثيان.
- صعوبات في التبول.
- تورم الغدد الليمفاوية.
- ألم العضلات وضعفها قد يصاحب هذا المرض، ففي حال تعرض أعصاب الوجه لهذا الفيروس قد يسبب:
- شلل في الوجه، أو صعوبة في تحريك عضلات الوجه.
- مشاكل في حاسة التذوق.
- مشاكل في النظر.
- فقدان السمع.
- فقدان القدرة على تحريك العين.
- نزول جفن العين.
المضاعفات
من النادر أن يصاب المرضى بمضاعفات هذا لامرض ولكنها تكون مزعجة وقد تؤثر على حياة المريض بشكل عام، ومن أهم هذه المضاعفات:
-ألم عصبي تال للهربس: بالنسبة لبعض الناس، قد يبقى الألم مستمراً بعد فترة طويلة من ظهور البثور وزوالها، ويحدث عندما ترسل الألياف العصبية التالفة رسائل مختلطة ومبالغ فيها من الألم من الجلد إلى الدماغ، وتعتبر من أكثر المضاعفات انتشاراً.
- فقدان البصر: يمكن أن يسبب التهابات العين المؤلمة فقدان البصر الدائم.
- مشاكل عصبية مختلفة: فاعتماداً على أي الأعصاب قد تأثرت، يمكن للحزام الناري أن يسبب شلل في الوجه، أو فقدان للسمع أو مشاكل في التوازن.
- الالتهابات الجلدية: إذا لم يتم علاج بثور الحزام الناري بشكل صحيح، قد تحدث التهابات الجلد البكتيرية.
- نادراً ما يتسبب الحزام الناري بالالتهاب الرئوي، أو التهاب الدماغ أو الموت.
العلاج:
غالبا يتم الشفاء من الهربس العصبي تلقائيّاً دون علاج محدّد للمرض نفسه، فقط يكون العلاج لأعراض هذا المرض، ولتقليل قدر الإمكان من احتمالية تطور المضاعفات، وتشمل هذه العلاجات:
- مضاد للفيروسات: يساعد في تقليل مدة المرض، والألم، وأيضاً المضاعفات المحتمل حدوثها، كما يعتبر حماية للمريض إذا كان يعانى من نقص المناعة، ويفضل استخدامه خلال 24 ساعة من ظهور الألم، ويكون في صورة أقراص تؤخذ 4-5 مرات يوميا لمدة 10 أيام، وأحياناً يعطى حقن بالوريد إذا كان المريض يعانى من نقص شديد في المناعة.
- مسكنات الألم: تستخدم في العادة المسكنات العادية مثل الباراسيتمول، وقد يضطر الطبيب لاستخدام أدوية أقوى على الألم مثل الستيرويدات والأدوية المضادة للصرع والكآبة للسيطرة على الآلام الحادة وحتى يمكن استخدام المخدرات الموضعية كذلك، كما يساعد أيضاً على تهدئة الألم عمل كمادات باردة على الجلد المصاب.
- العناية الشخصية: فعلى المريض تجنب الأمور التي تهيج الجلد من الملابس وغيرها، بالإضافة إلى المحافظة على نظافة المنطقة المتأثرة لتجن الالتهابات البكتيرية عليها، ويمكن استخدام الكريمات الملطفة والمرطبة على هذه البثور بشرط عدم احتوائها على المواد المهيجة.
طرق الوقاية من المرض:
لحسن الحظ قد طور العلماء لقاح للفيروس الذي يسبب هذا المرض، فالطريقة الأمثل للوقاية من هذا المرض هي بأخذ هذا اللقاحات واتباع بعض الطرق الوقائية لتجنب الإصابة بالمرض:
- إعطاء لقاح الجديري المائي للأطفال.
- إعطاء لقاح الفيروس النطاق الحماقي للأشخاص فوق الخمسين من العمر، وهذا لا يمنع الإصابة بحزام النار ولكن يقلل خطر الإصابة بشكل كبير.
- عدم ملامسة الأدوات الشخصية للمصاب إلا بعد الغسيل في ماء مغلي.
- الابتعاد وعدم ملامسة جلد الشخص المصاب خاصة فترة تواجد الحويصلات لمنع انتقال العدوى (خاصة للسيدات الحوامل).
التعليقات