بعنوان "وفاء وولاء"، تابعت ضمن الملايين حول العالم اختتام المهرجان الوطني السعودي للتراث والثقافة "الجنادرية 33" الأربعاء الماضي، بعد 21 يوماً من الفعاليات، أيام ونجاحات ستبقى عالقة في الذهن لما حققه المهرجان وبما قُدم خلالها من فعاليات لآلاف الزوار. إذ كان مشهد توافد آلاف الزوار بشكل يومي على أجنحة الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية طوال الـ21 يوماً مؤشر واضح وصريح على نجاح غير مسبوق للمهرجان، وكذلك أجنحة دول مجلس التعاون الخليجي وجناح ضيف الشرف "إندونيسيا"، إلى جانب مشاركات إمارات المناطق والمحافظات والأجنحة التراثية.
للسوق الشعبي كذلك نجاح آخر ضمن الـ21 يوماً، فلم يكن جديداً عليه تقديم ملتقى يعكس التنوع الكبير في الموروث الشعبي السعودي، وطيلة أيام المهرجان خصص السوق دكاكين وورش عمل لكل حرفي من كل منطقة في السوق الذي يعتبر النواة الأولى في تأسيس المهرجان منذ بداياته، ومن خلال مواقعها بالسوق تمكنت كل منطقة من إبراز تراثها العمراني وموروثها الشعبي والثقافي.
يحظي "الجنادرية" الوطني للتراث والثقافة باهتمام بالغ منذ أكثر من 3 عقود من قبل ملوك السعودية والعالم العربي، بما يحويه من بُعد تراثي وثقافي يحكي حياة الإنسان السعودي وما يقدمه من فرص ثمينة لإبراز عناصر التراث الثقافي المادي والمعنوي للسعودية على الصعيد الدولي، فالجنادرية يحكي وسيظل الماضي بكل تفاصيله وألوانه، فى واحداً من أكبر المهرجانات الوطنية الخاصة بالتراث والثقافة العربية، كما التأكيد على القيم الدينية والاجتماعية والتلاحم، وإعطاء صورة حية للماضي بكل معانيه.
انطلق الجنادرية في عامه الـ 33، في الـ 20 من الشهر الماضي، بأجمل حلله، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكان لهذة المرة نجاح من نوع جديد ومختلف يُضاف إلى سجل المهرجان الحافل بالنجاحات على مدى 33 عاماً، إذ تضمن الاحتفال سباق الهجن، والحفل الثقافي والفني الذي تخلل أوبريت بعنوان "تدلل يا وطن"، من كلمات الشاعر فهد عافت، وألحان الموسيقار الدكتور طلال، وغناء الفنان محمد عبده، وراشد الماجد، وإخراج فطيس بقنة، وحاكى الأوبريتات الفنية السابقة بعمل أدبي وفني، وقد تم تجهيز المسرح الذي سيحتضنه ليكون الأكبر والأوسع في تاريخ المهرجان منذ انطلاقته عام 1985.
كما خصص المهرجان حيزاً هاماً للأنشطة النسائية، ما يؤكد حرص المملكة على دور المرآة السعودية ومكانتها فى المجتمع السعودي بما يتماشي مع رؤية 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث كان للنشاط النسائي العام تلك المرة مشاركة فعالة بعدّة فعاليات تستهدف الحرف اليدوية والأسر المنتجة، وكذلك استقطاب الموهوبات في فني الزخرفة والرسم وغيرهما، وإبراز دور ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال مشاركتهم لهذا العام مع بعض الجمعيات في الجناح الخاص بالأنشطة النسائية، وإقامة دورات حرفية للزوار.
وخلال أيام المهرجان شاركت 13 منطقة سعودية، بتقديم ما لديها من مشاركات تراثية وشعبية في مقراتها الرئيسية، إضافة إلى استضافة جمهورية إندونيسيا لما لها من ثقل تاريخي وحضاري وثقافي، حيث دأب مهرجان الجنادرية كل عام على استضافة دولة "ضيف شرف" استثماراً للعلاقات السعودية الرائدة والمتميزة مع الدول العربية والإسلامية والصديقة، بهدف الاطلاع على تراثها ومنجزاتها، وتبادل الخبرات والتجارب معها.
وكان اللافت ضمن الفعاليات ندوة بعنوان "تجديد الخطاب الديني"، قدم خلالها المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ سعد بن ناصر الشثري، ورقة عمل حول "الفكر الإرهابي ومقوماته"، لا سيما ما جاء على لسانه من تأكيد على ضرورة نزع فتيل العنف الذي قد يوجد عند من ضل السبيل من أجل أن نتمكن من تحليته بالخير والهدى بحسن التعامل، في وقت أصبح الإرهاب آفة تهدد البيت العربي.
من هنا نفهم حرص المملكة على بث روح الاعتزاز بكل المناسبات والجذور الأصيلة، التى تمثل مظهراً سعودياً بامتياز، ومناسبة فعالة وشاملة تعزز مضامين الانتماء لهذة المملكة عبر الكثير من الفعاليات التي اكتسبت أبعاداً مميزة، يتزامن ذلك مع نقلات نوعية وغير مسبوقة تشهدها ثقافة السعودية، باعتبارها وقود قاطرة الوعي لدي المجتمع السعودي.
التعليقات