منذ أشهر قليلة نشر أحد الأصدقاء على صفحته الخاصة على فيسبوك مجموعة من أبيات الشعر الشهيرة، والتي لا تحتاج إلى التعريف بمبدعها، وأعتقد أن ناشر تلك الأبيات اعتبر أن التعريف بالشاعر هو تقليل من قيمته وشهرته، اتباعاً منه للقاعدة المعروفة التي تقول «المعروف لا يُعرف»، وذلك من وجهة نظره الخاصة، لأن هناك أشياء بالفعل غنية عن التعريف.
لكن المفاجأة أنه تلقى سيلاً من التعليقات من نوع «ليه حرمنا من أشعارك»، و»فين المواهب ديه من زمان»، وما إلى ذلك مما اضطره إلى التعريف بالشاعر الشهير، وأن هذه الأبيات الشعرية ليست من تأليفه، والمؤسف أن بعض هذه التعليقات كانت ممن يعملون في مجال الإعلام، مع كامل تقديري واحترامي لهم!
هذا المشهد أعاد إلى الذاكرة صديق آخر على الفيس بوك نشر صورة للشاعر الراحل أمل دنقل في ذكراه وكتب «رحلت لكنك باقٍ»، وجاءت التعليقات «البقاء لله» على اعتبار أنه أحد أقربائه أو «الله يرحمها»، رغم نشر الصورة، وتعليق آخر «لكن صورة مين ديه؟»، ويرد آخر «تقريباً جوزها»، وآخر «هي ماتت امتى؟»، إلى نهاية التعليقات التي اختتمها أحدهم بـ «هي كان عندها أولاد؟!»، لم أجد ما أقوله غير أن كتبت معلقاً «لم نجترئ أن نرفع العيون نحو عارنا المميت!» من قصيدة «العار الذي نتّقيه» للراحل دنقل.
ما نقرأه ونتداوله جميعاً على صفحات التواصل الاجتماعي لا أجد له توصيفاً أدق وأروع من توصيف الفيلسوف والكاتب الإيطالي الراحل أمبرتو إيكو في مقابلة له مع صحيفة لاستمبا الإيطالية، حين قال: «إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك» تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً. أما الآن فلهم الحق في الكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء»، وتساءل: «هل يمكننا إسكات الأغبياء؟!».
الإجابة: للأسف لا يمكننا إسكات الأغبياء، فجولة سريعة على صفحات التواصل الاجتماعي التي باتت تشبه تماماً السير في أحد الأحياء الشعبية، حيث تسمع شخصاً يسب آخر، أو ترى رجلاً يجلس أمام بيته بملابسه الداخلية، وآخر يضرب زوجتة، أو سيدة تتحدث مع أخرى على «المصطبة» فيما يحدث داخل الغرف المغلقة، أو شاب يقف على ناصية الحارة يشرب الممنوعات، أو تلمح بعينيك ما لا يجب أن تراه، أو ينتهي بك المطاف وتقع في «بالوعة مجاري مفتوحة»، فتكون نهايتك.
للأسف ما زال هناك من بيننا من لا يعرف الفرق بين ما يجب أن نتداوله على صفحات التواصل الاجتماعي وما لا يجب أن نتداوله، حتى مشاعر الحزن التي لها قدسيتها أصبحت أشعر أن هناك من يبحث عن حالة وفاة في عائلته لكي يُعلن عنها على الفيس بوك، فتجد من يكتب «رحل اليوم زوج ابن عم أخت خالة أبويا» وربما لم يره من قبل، أو لا تربطه به أية علاقة إنسانية.
بالطبع لا أقصد من يعلنون عن وفاة أقرباء حقيقيين من الدرجة الأولى فهذه مشاعر تُقدر، فأنا شخصياً لو كان هناك فيسبوك عندما توفي والدي «رحمه الله» منذ عشرين عاماً أو جدتي أو جدي أو عمي أو خالي لكنت أعلنت عن ذلك على جميع صفحات التواصل الاجتماعي ليشاركني أصدقائي حزني، فأنا أقدر تلك المشاعر.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك نوع آخر من رواد التواصل الاجتماعي ممن يصنفون أنفسهم خبراء ومتخصصين في أشياء بعيدة كل البعد عن مجالات دراستهم، كمن يسبق اسمه بالخبير والمحلل السياسي، أو محبي فلان الذي هو في الأساس لا يعرفه أحد، ولو توسعت بعض الشيء ستجد من يلقبون أنفسهم بملك الكاسيت، عنتيل الموبيلات، دنجوان شبرا، أسد المنطقة، بحر الغرام، سلطان الهوى، أمير الطرب، والشقاوة فينا بس ربنا هدينا، إلى آخره من الأسماء والأوصاف التي لو كان مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك يعرف أنها ستكون ضمن موقعه ما أنشأه من الأساس!
لكن مع ذلك يكمن الجزء الأخطر في نشر معلومات وأخبار مغلوطة، وللأسف تلقى تداولاً بسرعة البرق في كل الصفحات، دون التحقق من صحتها، حتى وصل الأمر إلى تداول آيات قرآنية متخمة بالأخطاء الإملائية، أو حديث نبوي نختتمه بـ «صدق الله العظيم»، أو آية قرآنية نختتمها بــ «رواه البخاري»، ناهيك عن تداول كلمات ساخرة كتبها شخص على سبيل السخرية على لسان أحد العلماء أو المشاهير على أساس أنها مقولة حقيقية، ويصدقها البعض، وغيرها من الكوارث.
وللأسف أن الأجيال الجديدة ستنشأ وتتعلم وتستقي ثقافتها من صفحات التواصل الاجتماعي التي يُديرها ويُسيطر عليها كما قال أمبرتو إيكو فيالق من الحمقى، وممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، فهل نستطيع أن نتخيل أو نتصور كيف سيكون هذا الجيل الذي نشأ واستقى تعليمه وثقافته من صفحات التواصل الاجتماعي؟!
وعلى الجانب الآخر نجد أن رواد الإعلام ليسوا بأحسن حالاً من رواد صفحات التواصل الاجتماعي بل ربما هم أكثر ضعفاً، فجولة سريعة على القنوات التليفزيونية ستشعر وترى ما قد تراه في نفس الأحياء الشعبية، فلم يعد هناك ما كنا نشاهده من اللقاءات الفكرية والثقافية التي كانت تجريها على سبيل المثال العملاقة ليلى رستم مع نجوم الأدب والفكر.
ورغم أن هذه اللقاءات كانت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وقبل مولدي إلا أنني كنت شغوفاً جداً بمشاهدة هذه النوعية من البرامج خلال الاحتفالات السنوية بعيد التليفزيون، لكن الأمر اختلف مع ظهور اليوتيوب، حيث أصبحت متاحة للجميع في أي وقت، وأذكر من هذه اللقاءات لقاء عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، عندما دعت رستم وقتها مجموعة من شباب الأدب والفكر في تلك الفترة لمحاورته وهم (عبدالرحمن الشرقاوي، نجيب محفوظ وأنيس منصور) الذين صاروا فيما بعد رموزاً شامخة في عالم الأدب والفكر.
وعلى الرغم من أن الإعلام في تلك المرحلة كان يوصف بإعلام السلطة، إلا أنه لم يغفل رسالته التنويرية والتثقيفية، لأن القائمين على التليفزيون أدركوا حجم وقوة تأثيره، ولا ينطبق هذا فقط على القنوات الفضائية، بل ينطبق أيضاً على الصحف والمجلات أو ما نسميه الإعلام المقروء، فرغم أنني لم أعمل على مدار ما يزيد على عشرين عاماً في غير مجالي الصحافة والإعلام، إلا أنني كثيراً وليس أحياناً أسأل نفسي عما أقرأه على صفحات الجرائد، أو عبر المواقع الإلكترونية للصحف المختلفة، هل هذا هو دور ورسالة صاحبة الجلالة؟! وكيف وصلنا إلى هذه الدرجة من الإسفاف في القضايا والعناوين التي تتصدر الصفحة الأولى؟! وهل اختلفت أولويات بعض الصحف؟! أم أننا أصبحنا نسير على نهج السينما التجارية خلال فترة من الفترات عندما كنا نسأل مخرجاً أو فناناً عن تردي مستوى الأعمال الفنية فيرد قائلاً: «الجمهور عايز كده»، لكن الآن، لا نستطيع تبرير ذلك بالجمهور عايز كده، لأننا جميعاً نعلم أن «الجمهور مش عايز كده».
أين الدور التحليلي والاستقصائي والتنويري والتثقيفي والريادي للإعلام؟! وهل هذه هي القضايا التي يجب أن نركز عليها في تلك المرحلة الخطيرة من تاريخنا، مرحلة البناء؟!
من المؤكد أن لدينا كتاباً وإعلاميين عظماء وأصحاب ضمائر، فمصر في أشد الحاجة إلى إعلام وجهته الحقيقية البناء وليس الهدم، النهضة لا التدمير، إعلام ينمي أجمل ما فينا وليس أسوأ ما فينا، إعلام يعرف قيمة هذا البلد وقيمة من يعيشون فيه، فهناك كلمة شهيرة لـ«بول جوزيف غوبلز» وزير الإعلام في عهد أدولف هتلر: «أعطني إعلاماً بلا ضمير، أعطك شعباً بلا وعي».
في كل دول العالم نجد رؤية وأهدافاً وخططاً محددة ودقيقة للإعلام، لكن في مصر الأمر يتخطى الفلسفة والمنطق، نتيجة إيمان بعض وسائل الإعلام المصرية بنظرية «اضحك عشان الصورة تطلع حلوة»، وللأسف دائماً ما «تطلع...»، لأننا لا نملك قواعد ومعايير ومبادئ نسير عليها، ولا نملك ضميراً صادقاً تجاه هذا البلد، ولا نملك رؤية واضحة لخدمة هذا البلد.
مصر تودع رسمياً الغاز المستورد..وتوفر 1.8 مليار دولار
بعد أن بلغ إنتاج مصر اليومي من الغاز الطبيعي 6.6 مليار قدم مكعبة يومياً خلال الشهر الماضي، مقارنة مع ستة مليارات قدم مكعبة يومياً في يوليو الماضي.
أكد وزير البترول المصري طارق الملا، إن مصر أوقفت استيراد الغاز الطبيعي المسال من الخارج، بعد أن تسلمت آخر شحناتها المستوردة منه في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، وذلك بعد تشغيل حقل ظُهر في ديسمبر الماضي.
وقال الوزير متحدثا لرويترز «بوصول آخر شحنات الغاز المسال لمصر الأسبوع الماضي نعلن وقف استيراد الغاز من الخارج».
وهذا يعني أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي في الغاز الطبيعي، لتتحول إلى مركز لتداول الطاقة في المنطقة، بعد أن اكتشاف حقل ظهر منذ في عام 2015، والذي تشير التقديرات إلى أنه يحوي 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
وهذا الاكتفاء قد يوفر ما يقرب من 1.8 مليار دولار قيمة استيراد الغاز المسال العام الماضي، في حين بلغت قيمة وارادت مصر من الغاز المسال عام 2015-2016 نحو 3 مليارات دولار، لكنها انخفضت تدريجياً بفضل ارتفاع نسبة الإنتاج المحلي.
هل تخسر أمريكا مليون فرصة عمل؟
في يناير عام 2007 التقى الملياردير الصيني جاك ما، مؤسس شركة علي بابا الشهيرة الرئيس الأمريكي درونالد ترامب، وأعلن وقتها عن خطة توسعية ضخمة لمجموعة على بابا في أمريكا، تلك الخطة التي سوف ينجم عنها توفير ما يزيد عن مليون فرصة عمل جديدة، وذلك في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين، وكما توقع الجميع نتيجة للحرب التجارية الباردة الدائرة بين أمريكا والصين، قرر جاك ما التراجع في وعوده، وأعلن في تصريحات خاصة خلال الاحتفال بيوم «مستثمر علي بابا» قال فيها «لا توجد طريقة للوفاء بوعدي»، مؤكداً أن التوترات التجارية بين بلاده وأمريكا قد تستمر لعقود.
الاقتصاد الأخضر
تستضيف دبي هذا الشهر ملتقى تبادل الابتكارات في مجال المناخ « كليكس» ضمن فعاليات الدورة الخامسة من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر تحت شعار «تعزيز الابتكار قيادة التغيير» يومي 24 و25 أكتوبر القادم، وذلك تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ومبادرة «كليكس» تقوم ببحث عالمي للابتكارات العالمية قبل انعقاد الملتقى لتلقي مئات الطلبات من كل أنحاء العالم قبل الإنطلاق الفعلي للحدث، وقد شهدت الدورة الماضية من الملتقى عرض 27 مشروعاً مبتكراً وحصول نحو نصف المشاريع على تمويل من مستثمرين بقيمة 17.5 مليون دولار.
وأهم ما يُميز القمة العالمية للاقتصاد الأخضر هو الاهتمام بدور الشباب في تعزيز الاقتصاد الأخضر، ودولة الإمارات العربية المتحدة تأتي في مقدمة الدول التي تولي أهمية كبيرة للشباب، وتُطلق العديد من المبادرات التي تُساعد على تمكينهم، ومساعدتهم على تحمل المسؤولية واكتساب الخبرات، والمشاركة في صناعة المستقبل، وهذا الفكر يمثل امتداداً لفكر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث وضع بناء الإنسان في مقدمة اهتماماته، وأولى اهتمام خاص بالشباب، وقال رحمه الله « إننا ننتظر من الشباب ما لم ننتظره من الآخرين ونأمل من هذا الشباب أن يقدم إنجازات كبرى وخدمات عظيمة تجعل هذا الوطن دولة حديثة وبلداً عصرياً يسير في ركب العالم المعاصر».
التعليقات