"2018 .. عام النقل فى مصر"، هكذا قال الدكتور هشام عرفات وزير النقل، فى بداية هذا العام، ولايمكن لعرفات أن يقول ذلك، إلا إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أعطاه الضوء الأخضر لقوله، ولذا اعتبر المهتمون بالنقل ما أعلنه عرفات بمثابة بشرة خير وهدية كبرى من الرئيس للشعب، سوف تتحقق فى السنة الأولى من الولاية الرئاسية الثانية، خاصة وأن إصلاح حال النقل فى مصر وخاصة البحرى والنهرى سيعود على المصريين بالخير الوفير، وذلك لكونه، وبدون اختلاف على ذلك، قاطرة التنمية الاقتصادية فى مصر .
كل المسئولين عن النقل فى مصر، بكل مكوناته، يجب أن يدركوا أنها مهمة ثقيلة وليست سهلة، و أن يفعلوا كل ما فى وسعهم لتحقيق هذا الحلم الرئاسى، وهذا يتطلب منهم أن يكونوا مبدعين ومنجزين فى مواقعهم التنفيذية، بدءا من الدكتور هشام عرفات وزير النقل، والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ونائبه اللواء عبد القادر درويش فى المنطقة الاقتصادية، حيث تم إسناد 3 موانىء لها، مرورا باللواء بحرى رضا إسماعيل رئيس قطاع النقل البحرى،واللواء بحرى خالد سعيد زهران رئيس الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية،والدكتور عبدالعظيم محمد رئيس الهيئة العامة للنقل النهرى، وانتهاء بالسادة رؤساء رؤساء هيئات الموانىء، اللواء بحرى مدحت عطية رئيس هيئة ميناء الإسكندرية واللواء بحرى هشام أبوسنة رئيس هيئة موانىء البحر الأحمر، واللواء بحرى أيمن صالح رئيس هيئة ميناء دمياط .
تحقيق هذه المهمة الكبرى، الأشبه بالإعجاز حال تحققها على أرض الواقع، تحتاج قيادات تنفيذية شجاعة ومبدعة وقادرة على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، وليس قيادات من تلك النوعية التى يقتصر دورها على تلقى الأوامر على طريقة "تمام يا أفندم"، ومراجعة مروؤسيهم فى كل كبيرة وصغيرة، خاصة وأنه لم يعد لدينا رفاهية الوقت فى مسألة تطوير النقل البحرى والموانىء المصرية، لجعلها موانىء لوجيستية جاذبة لكل الخطوط الملاحية فى العالم، وفى القلب منها، الخطوط الملاحية الكبرى.
فكل قيادة من قيادات النقل البرى والبحرى والنهرى فى مصر تستشعر أنها ليست على قدر المسئولية، وأنه ليس فى ذهنها إبداع، وليس فى قلبها صفات الجسارة فى مواجهة المشاكل والصعاب، فإنه من الأفضل لها، أن تنزوى جانبا وأن تختفى من مشهد النقل البحرى، وتترك مواقعها الوظيفية لقيادات مصرية أخرى، لديها خبرة فى المجال البحرى، وهم كثيرون، ومن نفس المعدن والمعين الأصيل الذى تخرج منه مثل تلك القيادات، فنحن فى مرحلة صعبة بكل المقاييس، وفى فترة تحدى لتحقيق المستحيل، لا تحتمل تجارب وخطط فاشلة، ولا تحتمل أنصاف قيادات ولا أنصاف مهارات، وتستوجب منا جميعا، أن نكون عند مستوى الحلم الرئاسى المتمثل فى النهوض بقطاع النقل فى مصر، وخاصة النقل البحرى، باعتباره حلم كل المصريين فى الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسى.
ما دفعنى لفتح هذا الملف الشائك المسكوت عنه، هو غيرتى على مصر، وإيمانى الراسخ بشعار تحيا مصر، وقناعتى بأن هناك منافسة شرسة لمصر فى مجال النقل البحرى، من دول عربية وأخرى أوروبية، إن لم نلتفت لها ونستوعب مخاطر إغفالها، فإن العواقب ستكون كارثية، وهى منافسة تنصب فى الأساس،على تطوير الموانىء للفوز بسفن الخطوط الملاحية الكبرى والسفن الكبرى والعملاقة، وهذا أمر يدركه جيدا مسئولو وخبراء النقل فى مصر.
أخطر المستجدات التى جعلتنى أطرق على حديد ملف ضرورة تطوير النقل وهو ساخن، هو تلك الدراسة الاستراتيجية التى أعدها أساتذة النقل بجامعة القاهرة تحت إشراف وزير النقل الأسبق إبراهيم الدميرى، والتى جاء فيها، أن مصر تخسر 428 مليار جنيه سنويا، بسبب مشاكل فى كل مكونات النقل، البرى والبحرى والنهرى، يمكن توفيرها واستفادة الدولة بها، حال تطوير النقل بالشكل السليم، وهذا أمر إذا ما تم تحقيقه، سيجنب مصر الاستندانة من الخارج، كما يجنبها شروط صندوق الدولى التى يبتلى بها المصريين، كلما لجأت الحكومات المصرية إلى الاقتراض منه.
مع احترامى الكبير لكل رؤساء هيئات الموانىء، وبرغم إدراكى التام بحسن نواياهم فيما يتعلق بإيمانهم العميق بضرورة التطوير وأهميته القصورى، وبرغم علمى أنهم جادون فى العمل على تحقيقه، إلا أن هناك أمور تثير علامات استفهام كثيرة حول قدرتهم على إنجاز تلك المهمة الكبرى على النحو الذى يحلم به الرئيس السيسى، ومن تلك الأمور التأخر فى إنشاء المحطات المتعددة الأغراض فى موانىء الإسكندرية ودمياط وسفاجا بالبحر الأحمر، فكل ما نراه مجرد طروحات يعقبها مفاوضات مع شركات، يعقبها تجميد للمفاوضات، والنتيجة هى التأخر فى تنفيذ مشروعات مهمة للغاية، أصبحت فى وقتنا الحالى بمثابة حياة أو موت، ويمكن أن يسبقنا إليها غيرنا، وبالتالى يكون هؤلاء القادة قد تسببوا فى خسارة كبيرة لمصر وللمصريين، وفى ضياع حلم الرئيس، وهذا ما لانتمنى حدوثه أبدا، وهو ما دفعنا إلى لفت انتباه مسئولى النقل البحرى فى مصر إليه، ليفعلوا ما عليهم على الوجه الأمثل، قبل فوات الأوان.
نفس الأمر ينطبق على مشروع الموانىء الجافة، وعددها 7 موانىء، تخدم المدن الصناعية فى مصر، وتحقق عائد مالى للدولة، وتوفر على رجال الأعمال والشركات جهودا كثيرة ضائعة، فالمشروع كان قد اتسم بالزخم فى الفعاليات من أجل تنفيذه، ثم خفت الحديث عنه، بدون سبب مقنع أو معلوم، وهو ما يوحى بأن الأمور تدار على الطريقة القديمة التى تكبل الإنجاز بالروتين، خاصة وأن إنشاء شركة للموانىء الجافة واللوجيستيات، برئاسة المحاسب عزت الخطيب، فى ظل وجود هيئة للموانىء البرية و الجافة برئاسة اللواء فؤاد عثمان، يثير تساؤلا مشروعا حول ما إذا كان ذلك يمكن أن يتسبب فى حدوث تضارب فى الاختصاصات يعيق تنفيذ أحد أهم مشروعات الحلم الرئاسى المتمثل فى تطوير النقل، أم لا، وإن كنا نحن من جانبنا نأمل ونتمنى أن يكون قرار إنشاء الشركة فى ظل وجود الهيئة، يهدف فى الأساس إلى التكامل بينهما، لتنفيذ المشروع على أكمل وجه، وهذا ما ننتظر حدوثه على أرض الواقع، خلال عام 2018، باعتباره عام النقل فى مصر.
التعليقات