أصبحت مدينة العُلا التاريخية الواقعة في شمال غرب المملكة العربية السعودية إحدى الوجهات السياحية المرموقة التي تجمع بين الطبيعة الجميلة والتراث الحضاري الأصيل. لقد استطاعت المملكة أن تضع العُلا على خريطة السياحة العالمية وأن تستفيد من إرثها العريق الذي يجمع بين التكوينات الجيولوجية ومواقع الفنون الصخرية والمعالم التاريخية. وكان لإنشاء الحكومة السعودية هيئة ملكية لمحافظة العُلا بالغ الأثر في تنمية هذه المنطقة والعمل على ازدهارها ثقافيًا وسياحيًا.
استطاعت السعودية أن تجعل من العُلا وجهة ثقافية وملتقى للمبدعين ععندما جعلت لها نصيبًا كبيرًا من إقامة المهرجانات والمعارض والاحتفالات وعدد من الفعاليات الثقافية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك عملت المملكة على الحفاظ على المدينة بيئيًا من خلال الالتزام بقواعد الاستدامة لحماية إرث المدينة للأجيال القادمة. وتتويجًا لتلك الجهود السالفة الذكر افتتحت السعودية مؤخرًا مشروع فيلا الحِجر الذي كان ثمرة التعاون الثقافي السعودي الفرنسي.
تُعد فيلا الحِجر في العلا أحد النماذج الثقافية المضيئة في الوطن العربي. ستعمل تلك المؤسسة الوليدة من خلال برامجها المتنوعة على أن تكون منصة للحوار والتبادل الثقافي العالمي. يُركز مشروع الفيلا على هدف كبير وهو تعزيز الحراك الثقافي إنطلاقا من العُلا ووصولا إلى العالم. لا شك أن إعلان المملكة بأن مشروع الفيلا سوف يحتضن المعارض الفنية والفعاليات الثقافية سيعزز مكانة العُلا على الساحة الثقافية الدولية ويجعل منها مَعلمًا ثقافيًا بارزًا يضاف إلى دورها الحضاري كجسر يصل بين الماضي والحاضر.
لا بد ان نشيد أيضًا بالشراكة الثقافية بين السعودية وفرنسا وخاصة عبر الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا. إن فرنسا من الدول العريقة في مجال حفظ التراث الثقافي، وذلك التعاون سيُمكن المملكة من تبادل الخبرات معها والانفتاح على تأسيس مشاريع ثقافية جديدة مشتركة. أعتقد أن المشروع السعودي الطموح الذي يجعل من الثقافة أحد الموارد الأسياسية للملكة سيكون له نتائج مبهرة في المستقبل القريب، كما يثبت أهمية الجمع بين الحداثة والتراث. ولعلنا نحتاج في العالم العربي لتهيئة المناخ لخلق بيئات تحتضن الإبداع بمختلف أشكاله، وأن ندرك أهمية الثقافة في تنمية المجتمعات والارتقاء بالأوطان.
بـاحث في التــاريخ والتـراث
التعليقات