بالأمس، كانت الصور تتوالى عليّ كأنها رسائل من زمن جميل.
زملائي بعباءاتهم السوداء، بقبعاتهم المرفوعة، بابتساماتهم التي تشع كالفجر بعد ليل طويل.. كل صورة كانت نافذة صغيرة تفتح داخلي بابًا أكبر من الفرح، حتى شعرت أن قلبي يبتسم بكامل طاقته.
مع كل لقطة تصلني، لم يكن الفرح يتكرر فقط، بل كان يتضاعف. كأن السعادة تتراكم داخلي طبقة فوق طبقة، حتى امتلأت بها كليًا. لم تكن مجرد بهجة عابرة، بل ابتسامة عميقة في الروح، خفيفة على القلب، ثقيلة بالمعنى.
رأيت في وجوههم نجاحنا الذي كان. تعبنا المشترك، ليالينا الطويلة، أحلامنا التي حملناها معًا. رأيت خوفنا القديم وأملنا الذي كبر خطوة بخطوة. كنت أعلم أنني لم أقف بينهم في القاعة لأُتوَّج معهم نجاحنا، لكن ذلك لم يقلل من سعادتي بنجاحي قيد انملة.. كنت حاضرَة في كل صورة ، في كل نفس من أنفاس تلك الرحلة.
لم يَزرني حزن الغياب ولو لثانية واحدة. كنت اراني بينهم، اضحك معهم.. أحتفل معهم..
على العكس تمامًا، عدم تواجدي في المكان منحني هدية إضافية جعلني أحتفل بطريقة أخرى: احتفال صافيا كالماء، نقي، بلا توتر ولا قلق، بلا رهبة الموقف أو صخب اللحظة. كنت أحتفل معهم ومن أجلي، من أعمق مكان يمكن للإنسان أن يحتفل منه: من القلب مباشرة.
وهنا أدركت أن النجاح لا يختصر في الروب الأسود أو القبعة المرفوعة، بل يكمن في كل خطوة قطعناها، في كل جهد بذلناه، في كل لحظة تعلم ونضوج ونمو كتبناها معًا بأيدينا وقلوبنا... نجاحنا الحقيقي كان محفورًا في أرواحنا قبل ذلك اليوم بزمن طويل.
وأخيرًا، همس قلبي بكلمات تحمل كل معاني الفخر والامتنان:
لقد عبرنا... نعم، عبرنا .....
التعليقات