منذ أن انتشر خبر إدراج منطقة جبل الفاية الواقعة بالمنطقة الوسطى من إمارة الشارقة ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو 2025، سادت حالة من السعادة الغامرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، شاركها فيها كل محبيها وكل المهتمين بالتراث الثقافي العربي. لم يكن ذلك الانجاز مجرد صدفة بل كان نتاج أعوام من العمل الجاد ضمن جهود الدولة لصون التراث الثقافي الإنساني.
البداية كانت من رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محـمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وإيمانه الراسخ بقيمة التراث الإنساني. يُعد الشيخ سلطان من الداعمين للثقافة ودورها في صناعة مستقبل مشرق للأجيال القادمة. لذلك تم فتح الباب لأعمال التنقيب والبحث الدقيق المتتابعة على مدار عقود بواسطة هيئات علمية مرموقة. وقد كان من النتائج المبهرة لتلك الجهود هي اكتشاف أدلة تؤكّد امتداد الوجود البشري في موقع جبل الفاية إلى أكثر من 210 آلاف عام. منذ تلك اللحظات وقد أدرك الجميع أننا على موعد مع بانوراما تاريخية شاهدة على قدرة الإنسان في تلك المنطقة على البقاء والتكيف مع البيئات القاحلة، ودليلا حيا على رسوخ الحضارة في منطقتنا العربية.
كانت الخطوة التالية هي كيفية وضع هذا الموقع على لائحة التراث العالمي. وهنا نجد أنفسنا أمام حالة من التناغم بين كل الجهات المعنية داخل دولة الإمارات. بدأت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي سفيرة الملف الإماراتي بالتعاون والتنسيق المكثف مع سفراء دولة الإمارات في الخارج ومندوب دولة الإمارات لدى اليونسكو. وكانت النتيجة أن ملف الإمارات بدأ يحظى بالاهتمام الدولي الذي يستحقه. لذلك كثفت الإمارات من الجهد الدبلوماسي والدعم اللامحدود الذي يعكس ثقلها العالمي حتى أثمرت تلك الجهود المبهرة عن موافقة لجنة التراث العالمي في دورتها السابعة والأربعين المنعقدة في باريس على إدراج منطقة جبل الفاية ضمن قائمة منظمة اليونيسكو للتراث الإنساني العالمي.
لعلنا في وطننا العربي في حاجة ماسة إلى مثل هذا التناغم والتعاون لإبراز المواقع التراثية العربية العظيمة التي تستحق أن يتعرف عليها العالم. وينبغي لنا أن نشيد برؤية صاحب السمو الشيخ محـمد بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وإيمانه العميق بقيمة الماضي ودوره في استشراف المستقبل، وأن الثقافة جزء لا يتجزأ من هويتنا.
بـاحث في التــاريخ والتـراث
التعليقات