يبدو للوهلة الأولى لم يقرأ هذا العنوان ، أنه عنوان صادم.!
نعم قد يصدم القارئ الكريم عندما يقرأ هذا العنوان ، لكن ستزول دهشته وتعجبه عندما يتابع هذا المقال ويتأمل طرح الكاتب لهذه الجدلية.!
بداية ، هل النفاق صنعة.؟!، أم النفاق تصنع.؟!، وما آليات صناعة المنافق ، وهل المنافق يستطيع أن يظل على نفاقه على الدوام.؟!
بداية نذكر بقول الله تعالى (إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار)، ونذكر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " آية المنافق ثلاث ، إذا حدث كذب ، وإذا أوعد أخلف ، وإذا أؤتمن خائن".
فالمنافق كذاب أشر يجعل من الكذب أسلوبا لحياته ليبرر أفاعيله وسقطاته ، أو ليحقق ما يرنو إليه ، كذلك المنافق دوما ما يخلف موعده لماذا لأنه قد يكلفه سيده بعمل ما ولم يستطع انجازه فيتهرب بأي طريقة من أمام سيده أو من ينافقه حتى لا يصب عليه جآم غضبه.!
أيضا المنافق خائن للأمانة وخائن للعهود ، فمجرد ما أن يترك سيده أو من يتملقه - منصبه مثلا وبعدما كان يغازله بأجمل العبارات المعسولة ، يروح يصب عليه وابلا من اللعنات أمام ولي نعمته الجديد " شالو ألدو حطو شاهين".
لكن هيا نتعرف على النفاق لغة واصطلاحا.
النفاق لغة واصطلاحاً.
النفاق لغةً هو إظهار الشيء وكتم ما يخالفه، ويُشتق من النفق وهو السرب الذي يستتر فيه، أو من "النافقاء" وهو أحد مخارج جحر اليربوع.
أما اصطلاحًا، فالنفاق هو أن يُظهر المسلم الإيمان ويتناقض ما يبطن في قلبه، فيُظهر قولًا أو فعلًا يُخالف عقيدته الباطنة، وهو إما نفاق أكبر أو نفاق أصغر.
أنواع النفاق:
النفاق الأكبر : وهو أن يُظهر المرء الإسلام بلسانه، بينما يكون كافرًا بقلبه.
ويتجلى هذا الصنف في قول الله تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) يبدون من طرف اللسان حلاوة ويروغون كما يروغ الثعلب.
النفاق الأصغر : وهو أن يظهر المسلم صفات المؤمنين، بينما يُبطن ما يُخالفها، مثل الكذب في الحديث، وخيانة الأمانة، وإخلاف الوعد.
وهذا الصنف ذكره رسولنا الكريم في الحديث الذي ذكرته آنفا .
لكن هل للظروف التي يعيشها الإنسان دور في صناعة نفاقه.؟!
هل مثلا الفقر والفاقة تصنع منافقا وتجعل الإنسان يتخلى عن قيمه ومبادئه ، هل جمع المال والثروات تقود الإنسان إلى أن يصبح منافقا ، هل الوصول إلى المناصب والكراسي كأن يعين في وظيفة ما هو لا يستحقها كأن يعين في مجلس نيابي أو في منصب وزاري أو حتى مشيخة قرية ، تجعل الإنسان يبيع نفسه رخيصا من أجل الحصول على هذه الامتيازات.؟!
وإذا كان ذلك كذلك فأين آليات الاختيار والمفاضلة التي المفترض أن تنتهجها الجهة المنوطة بهذا الأمر ، هل لأن هذا المعين نافق وداهن وكتب كلمتين أو مدح ببيتين شعر مثلا ينال الحظوة والقبول ويعين في أرفع المناصب وهو أجهل من دآبة كل عمله هو النفاق ، لا يجيد سواه ، النفاق والتطبيل ، كلما نافق أكثر كلما وصل إلى القمة التي اعتقد أنها صعود إلى الهاوية.!
لماذا ، لأن ذلك سيكون على حساب الكفاءات الحقيقية أصحاب الرؤى الإصلاحية ، أصحاب الفكر المستنير في كآفة مجالاته ، يهمش هؤلاء ويقبرون أحياء إرضاء لأهل الحظوة من ذوي الوساطة والمحسوبية.
لكن السؤال هل النفاق والدهان يبني أمة تريد أن تتبوأ مكانتها وسط الأمم المتحضرة ، هل التصفيق والمدح وهز الرأس وعبارة موافقة تبني دولة تسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة ، مالكم كيف تحكمون .؟!
لماذا تغيبون أهل الرأي، أهل الرأي السديد الذين لا يبغون إلا مصلحة أوطانهم لماذا تغيبونهم عن الصورة ، لماذا تريدون حجبهم عن المشهد هل لحاجة في نفس يعقوب أم سقطوا سهوا ، إن كان لحاجة في النفوس فقد باتت الصورة والرؤية جلية ، وزال الاستغراب.!
أما إن كانوا سقطوا سهوا فالأمر يمكن تداركه فلتبحثوا عنهم لعل في وجودهم الخير لأنهم أهل الإصلاح الحقيقي الذين أفنوا أعمارهم في خدمة بلادهم من أجل رفعة أوطانهم.
ولعل سؤال يبادرني ، هل النفاق غريزة مفطور عليها البشر .؟!
لماذا باغتني هذا السؤال ، لأن هناك كثيرون ينافقون دون أن يكون لهم غاية من وراء ما ينافقونهم ، يمتدح فلان أو علان لا لحاجة يريدها منه ، لكنه يصب عليه وابلا من المدائح أم هي سيكولوجية شخصية المنافق الذي إذا لم يجد من يمدحه يمدح نفسه وينافق لنفسه فيكذب الكذبة على نفسه وللأسف يصدقها ويسعى سعيا حثيثا إلى أن يصدقها الآخرون.؟!
وأختتم حديثي ببضع كلمات لمن لا يزال في قلوبهم حتى ولو ذرة من نفاق ، أقول انزعوها من قلوبكم فلو أن أهل الأرض اجتمعوا على أن يضروكم أو ينفعوكم فلن يقع في ملك الله إلا ما قدره الله.
وأقول لمن ينافق لهم ، انتهوا خيرا لكم فلا تعطوا آذانكم لهؤلاء ، فإنهم يخدعونكم ومجرد أن تقضون حوائجهم وتتركون مناصبكم فلن يعيروكم أدنى اهتمام.
استفيقوا من غفلتكم واستيقظوا من سباتكم العميق.!
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان
التعليقات